مقالاتمقالات المنتدى

قتال اليهود منذ عهد موسى عليه السلام حتى طوفان الأقصى المبارك

قتال اليهود منذ عهد موسى عليه السلام حتى طوفان الأقصى المبارك

بقلم الشيخ: جلال الدين بن عمر الحمصي (خاص بالمنتدى)

الحمد لله المتصفِ بصفاتِ الكمال، المنادى بأسمائه الحسنى سبحانَه ذي الجلال وأصلي وأسلمُ على الرسولِ والصحبِ والآل ومن سار على نهجهم واقتفى أثَرَهُم إلى يومٍ يؤولُ إليه المآل..
أما بعد:

بعدَ عامٍ من طوفانِ الأقصى العظيمِ الذي ما أخطأَ من سماهُ طوفاناً بل كانَ أقرَبَ توصيفٍ عميق دقيقٍ بليغٍ لما آلتْ إليه الأمورُ بعدَ غزوةِ غَزةَ المباركة.. ننظرُ في طياتِه ونرى سويًّا ما أحدثَه الطوفانُ من تغييراتٍ جذرية على الساحةِ الفلسطينيةِ خصوصا وعلى الساحةِ العالميةِ عموما…

صحيحٌ بأن ضريبةَ الصمود والثبات كبيرةٌ جدا حيث آلافُ الشهداءِ والجرحى والدمار، لكن عندما ندركُ أبعادَ الهجمةِ والهمجيةِ الممارَسة نعلمُ أنَّ ما يُبذلُ من تضحياتٍ إنما هو لصياغةِ مستقبلِ الأمةِ وتطهيرِها من رجِسِ الصهيونيةِ عدوَّة الانسانية،
حتى نصلَ إلى عالمٍ خالٍ من الصهاينة ومن محورِ الشرِّ المتمثل برأسِ أفعى الإفسادِ في الارض أمريكا وشياطينِها حُكامِ الظُلمِ والظلام.
قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}

وقد أثبت لنا اليهودُ على مدى صراعِهم الطويلُ مع أهلِ الحقِّ والإيمان مدى دمويَّتهم، وتعطُشِهم لسفكِ الدماءِ المؤمنةِ الطاهرة؛ فمنذ بدء إرسال الرسلِ إلى بني إسرائيلَ الأوائل؛ لدعوتِهم إلى الحقِّ، وعبادَتهم للإلهِ الواحد، وهم لا يعرِفون إلا لغةَ القتلِ والدماء؛ فلا يكتفون بمجردِ تكذيبِ الرسلِ والأنبياءِ والإعراضِ عن شريعتهم فحسب، وإنما كان دأبهم قتل الأنبياء والرسل …
وقد جاء في الأثر أن بني إِسْرَائِيلَ كانوا يقتلون فِي الْيَوْمِ سبعين نبيا..

فاليهودُ أشدُّ الناسِ عداوة للذين آمنوا، سواءً من أنبياءِ ورسلِ الله قديمًا، والمسلمينَ المؤمنينَ حاضرًا ومستقبلاً، فهم يمتلئون حقدًا وغيظًا على المؤمنين، فما هو دورُنا الآن وقد تكالبتِ الأممُ من شتى أصقاعِ الأرضِ على أهلِنا المستضعفين، الذين رُغم حصارِهم ما زالوا يذيقون العدوَّ أشدَّ الويلات ويُثخنون فيهم الجراح ؟
فلننظرْ مَلِيّا إلى التاريخِ ففيه العبرُ:
فِي التَّارِيخِ رِجَالٌ بَانَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاتَّبَعُوهُ، وَثَبَتُوا عَلَى الْحَقِّ إِلَى أَنْ لَقُوا اللَّهَ تَعَالَى.
وَفِي آلِ فِرْعَوْنَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا مَوَاقِفُهُ فِي الدَّعْوَةِ، وَلَا يَضُرُّ هَذَا الرَّجُلَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْرِفُهُ، وَيَجْزِيهِ أَجْرَهُ.
وَقَفَ هَذَا الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ مُدَافِعًا عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، دَاعِيًا فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ إِلَى اتِّبَاعِهِ، مُبَيِّنًا لَهُمْ خَطَرَ إِيذَاءِ مَنْ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مُذَكِّرًا إِيَّاهُمْ مَا حَبَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نِعَمِهِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ.

مؤمنُ آل فرعون كان وحيداً لا يملكُ إلا النطقَ بكلمةِ الحق فقالها ولم يترددْ رَغم انّ البيئةَ التي يحيا بين جنَباتها كانت بيئةً كافرةً ظالمةً ذات بأسٍ شديدٍ، ومع ذلك اختار مناصرةَ الحق ولم يصفّق للباطل ولم يمتدحه ولم يخف في الله لومة لائم.

والآن … ماذا بعد؟؟؟
نستحضر قوله تعالى :
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾

هذه الآيةُ الكريمةُ نزَلتْ يومَ الخندقِ، حينما عانى المسلمونَ أقسى لحظاتِ الأذى النفسيِّ والجسديِّ من البردِ وضِيقِ العيش، وتكالبتْ قوى الكفرِ عليهم لتزيلَ وجودَهُم، وتجعلَهُم أثراً بعد عين، وليس أبلغُ في وصف حالهم من قوله تعالى:

{ إِذْ جَآءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلْأَبْصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } .

بالرغمِ من ذلك الهَول الذي واجهَه المسلمونَ فقد صبَروا على ما أصابَهم، وأدّوا ما أمَرَهم اللهُ حتى جاءَهُم النصرُ المبين، واندحرتْ جيوشُ الكفرِ تجرُّ أذيالَ الهزيمةِ، وتتجرّعُ كؤوسَ المهانةِ، وكانت تلك الواقعةُ درساً عظيماً للأمةِ المسلمة، كشفت بجلاءٍ عن حقيقةِ النصرِ، والسبلِ التي تؤدي إليه.
ومن خلالِ فَهْمنا لذلك الدرس، نستطيعُ أن نجيبَ على تلك التساؤلات التي يرتفعُ صوتُها بين الحينِ والآخرِ قائلةً: “أما آن للظلمِ أن يندحر؟ أما آن للقيدِ أن ينكسر؟ متى يأتي ذلك اليومُ الذي يبزغُ فيه فجرُ الإسلامِ، ويزولُ فيه ليلُ الظلمِ والطغيانِ؟” أسئلةٌ كثيرة تدور في الأذهان، وجوابُها أن اللهَ تعالى قضى بحكمتِه أن تكونَ المواجهةُ بين الحقِّ والباطل سنةً كونيةً من سننِ الحياةِ منذ عهدِ أبينا آدمَ عليه السلام وحتى يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها، لكنَّ العاقبةَ للمتقين، والغلبةَ لله ولرسوله وللمؤمنين، وفي هذا يقول الله تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}

وبشّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بذلك، فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ” (رواه الإمام أحمد في مسنده).

وهذا النصرُ الذي وعدَ اللهُ به عبادَهُ المؤمنين ليس مقتصراً على الدنيا فحسب، كما دلّ عليه قوله تعالى:
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}

وعزاؤنا في شهدائِنا أن لهم الجنةَ يتمتعون فيها وعداً من اللهِ ونبيهِ وبلسماً لجراحِنا…
فكما قالَ عمر رضي الله عنه: لا سَواء قَتلانا في الجنَّةِ وقتلاكُم في النَّارِ

فيا بني صهيونَ قد آنَ أوانُكُم وقد أينعتْ رؤوسُكم وحانَ قِطافها…
ويا غزةَ الحبيبةَ الجريحة.. رويتِ أرضَكِ وترابَكِ من دماءِ الشهداءِ، فطوبى لك من مدينةٍ شعبُها يستعيدُ كرامةَ أمةٍ بأسرِها..

سُئِل أحَدُهم هل في الحربِ خير؟

فقال:
يصطفي اللهُ فيها الشهداءَ،

وينقل فيها بعضَ عباده إلى أرضٍ أخرى فيها رزقٌ لهم، ما كانوا ليسعَوا إليه طَواعِيةً،

ويغفرُ فيها سيئاتِ بعضِهم، ويرفعُ درجاتِ آخرين،

ويُريحُ العبادَ من بعض شِرار الناس،

ويفضحُ الخائن،

ويكشفُ ذا الخُلق،

وتنجلي معادنُ البعض،

ثم تمضي كما مضى ما قبلَها من ابتلاءات، ويبقى الأجرُ لمن صبر، والوزرُ لمن فجر وكفر…

ولْنجعلْ لنا يا أخوتي من التاريخِ درساً عظيماً نستبشرُ فيه وعدَ اللهِ لنا بالنصرِ والفتحِ المبين ..
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم
” بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْبِلَادِ ، وَالنَّصْرِ ، وَالرِّفْعَةِ فِي الدِّينِ” ( رواه الإمام أحمد في مسنده ).

ولْنعلَمْ إخواني أنه
سينتصرُ المجاهدون في سبيلِ اللهِ في غزةَ الذين يبذلونَ دماءَهم وأنفسَهُم لله، وسينتصرُ المؤمنونَ الصادقون في لبنانَ الموحدون للهِ عزوجل، المقتدون بهديِ نبيِّنا المجاهدِ الأولِ وصحابتِه الأخيار.. وفي كل مكان سيفوزُ المجاهدون الصادقون بإذن الله وفي كل مكان يُحارب فيه الإسلام سيؤيد الله بإذنه من رفع رايته ولواءَ توحيدِه بلا إله إلا الله محمدٌ رسول الله
مؤمناً بها صادقا…
يقاتلُ فيها ويُقْتَلُ من أجلِها ..

ومن أعظم عبادات العصر الآن
نشر اليقين أن النصر آت وقريب !
بإذن الله تعالى والله لا يخلف وعدَه…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى