بقلم جهاد العايش آل عملة
نقلت جريدة القدس, يوم الخميس بتاريخ : 28/11/2013م, عن جريدة “هارتس” الصهيونية للكاتب والخبير الإستراتيجي والمراسل الصحفي للشئون العسكرية في ذات الجريدة “عاموس هرئيل” كتب تحت عنوان:السلفيون.. القوة الجديدة في الضفة .
لا يمكن لأحد أن ينكر الوجود السلفي المتنامي بمؤسساته المتنوعة والمتزايدة على الساحة الفلسطينية .
والمنصف يجد أنها دعوة وسطية متزنة واضحة الأهداف تعرف حجمها و حجم الأمة وما تمر به .
ولا يعني ذالك أنه سببا ومانعا من المكر اليهودي ومؤسساته بأنواعها التجسسية و مؤسسات الرصد والمتابعة والتحليل من مراكز دراسات ونحوها , كلها متضامنة ومتوازية في عملها ستعمل وبلا شك في اختراق جماعات الدعوة السلفية وإجهاض مشروعها الإصلاحي , بطرق شتى تفننت بها المؤسسات اليهودية .
ومقال “عاموس ” هو مؤشر وعلامة واضحة أن المشروع السلفي في الضفة الغربية تحديدا وقع تحت مجهر الرصد في “الشين بيت ” وهي الجهة الأمنية المحلية لحماية دولة ما تسمى إسرائيل , ومن مؤشرات نتاج رصدها أنها خلصت أن السلفية قوة ثالثة في الضفة الغربية أو بالغت بذالك لتسليط الأضواء على السلفية كخطة مستقبلية ماكرة ترتقب الجماعات السلفية لبدء الصراع الصهيوني معها !!
ومن جانب آخر نلحظ في مقاله الخلط الممنهج أو بسبب الجهل في التمييز بين مناهج الجماعات الإسلامية وتوجهاتها , ولا غرابة فمثله مهما بلغت حنكته ودرايته سيصعب عليه سهولة التفريق بين المدارس السلفية وتفريعاتها, وما عداها فهو أسهل .
حمل المقال في طياته ملامح مشروع صهيوني لمواجهة الدعوة السلفية في الضفة الغربية .
لذا من السذاجة بمكان ومهما حملة السلفية ورجالها من شفافية في منهجهم أو بعدهم عن السياسة أو العمل العسكري , فإن ذالك لن يعفيهم أو يقيهم أو يمنع عنهم الرصد الصهيوني .
وأن المؤسسات الأمنية الصهيونية في فلسطين المحتلة لن تتغافل عن تنامي الدعوة السلفية ومشروعها الإصلاحي في نشأتها الأولى دون تدخل مخبراتي مبكر لاختراق هذه التجمعات بالطرق المعروفة عنها وتخصصت به ولا يسع المجال لذكرها فأهل الداخل الفلسطيني يعرفون الكثير عنها .
فقد تفنن الأمن اليهودي في صناعة نماذج ذات مهارات عالية في اختراق الجماعات السياسية أو الدينية برجالات يحسنون الاختراق والتكيف مع الجهات المرصودة ومهما بلغت هذه الجماعات أو المؤسسات من درجة أمنية عالية , إلا وقد أصابها التسلل والاختراق الصهيوني في صفوفها , وما بالنا في الجماعة السلفية التي لم تول الحس الأمني أي اعتبار فليس هو من أولوياتها ولا من أواخر اهتماماتها .
كما لا يظن “عاموس” أن الدعوة السلفية لن تبق تتراوح في المرتبة الثالثة ما لم يعترض كيانهم طريقها الإصلاحي , حينها ستتربع الدعوة السلفية في فلسطين وبعد عقدين من الزمان تقريبا لتعتلي المرتبة الأولى .
ليس كما سمعنا من بعض خصومها أو نقل منافسوها من الجماعات الإسلامية في الداخل الفلسطيني أن التصدر جاء بسبب التلميع اليهودي لبعض رموزها !!
لكنه في الحقيقة بسبب الإفلاس العقدي والفكري والمنهجي أمام مستوى متانة ما يحمله المشروع السلفي من سلامة ورصانة منهج شرعي شامل .
ولا نقصد من ذلك تقليل شأن الآخرين في هذا القال فكل منهم على ثغر , غير أني أحاول قراءة مستقبل الدعوة السلفية في فلسطين وما سيعترضها من مكر يهودي.
ينبغي أن لا يغيب عن إخواني هناك أن الحالة السلفية الفلسطينية قد توزعت بين مطابخ مراكز الدراسات اليهودية ودهاليز المؤسسة الأمنية , لمعرفة كينونتها ورموزها والمؤثرين فيها وعليها ولمعرفة مستوى قوتها الذاتية والمستمدة,وشبكة علاقاتها المحلية أو الدولية إن وجدت .
وعليهم أن يدركوا تماما وقبل فوات الفرص أن المؤسسة الرسمية الصهيونية ستوعز إلى رجالها ولجانها المتخصصة لاختراق الصفوف لتتمكن من السيطرة على الدعوة أو تفتيتها أو إجهاض نجاحاتها , أو استخدامها وسيلة في معارك جانبية مع أطراف إسلامية أو وطنية أخرى .
فالسلفية ليست جسم غريب منفصل عن المجتمع يحمل أيدلوجيات شاذة كما يحلوا للبعض أن يصورها بالرجعية أو الأصولية المتزمتة وعدم الانفتاح وغير ذالك من تهم أصبحت ممجوجة لا يقبلها من عرف السلفية والسلفيون .
فهي من صلب المجتمع المسلم , غير أنها لا تقبل أي دخيل من أحكام في دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ستلتقي مصالح الغرب مع مصالح الكيان اليهودي في جزئية محاربة المشروع السلفي الذي حشد له الغرب ومن سنوات عدة لتكون السلفية أو ما عبروا عنه بالإسلام الأصولي هو خصم المرحلة المقبلة .
وإن الراصد لجملة كبيرة من التقارير والتوصيات خرجت من رحم مراكز دراسات غربية عدة كشفت طرفا من حقيقة المؤامرة على السلفية , كانت بجملتها تدور حول الطرق التالية في ضرب الدعوة الإسلامية أو السلفية أو الجماعات الأصولية , من خلال :
– ضرب الإسلام الأصولي بالإسلام المعتدل (كما صرح بذلك الرئيس الفرنسي السابق ميتران ).
– تشويه السلفية وتكريه الناس بها , وصناعة الأزمات والشبهات ضدها وحولها .
– فصل السلفية والجماعات الأصولية الجادة المتزنة والمؤثرة عن الجسم الإسلامي واعتبارها نشاز وأنها دخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية .
– تفتيت السلفية من داخلها وإثارة الخلافات بين رجالها .
مستغلين في كل ما سبق الإعلام الخبيث الماكر أو الصديق الساذج , متعقبين أخطاء وهفوات البعض ونشرها في الملأ وحمل السلفية عليها .
لهذا يتوجب علينا :
– اعتبار الكل في الشعب الفلسطيني أفرادا وجماعات مشروع دعوي .
– رص الصفوف السلفية والتلاحم ونبذ الخلافات الداخلية , والحذر من المسوقين لها بحجج الحرص على الدعوة والمنهج .
– عدم الانشغال بالخلافات الجانبية واستنزاف الجهد والوقت والمال, فالهمم العالية والأهداف السامية تتعالى معها كل الصغائر.
– الانتباه من التعامل مع اليهود بسذاجة ولا يعني شفافية الدعوة ووضوحها هو تمكين اليهود من المعلومات وخاصة العلاقات والتحركات , التي أبداها وتعامل معها البعض بكل غباء .
والله من وراء القصد,,,
(المصدر: مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية)