مقالاتمقالات المنتدى

في موسم الحج ما زالت الإبادة في غزة

في موسم الحج ما زالت الإبادة في غزة

 

بقلم د. سلمان السعودي (خاص بالمنتدى)

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين والمجاهدين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد.
لقد تفرد الله تعالى بالخلق والاختيار، فقال تعالى: ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) القصص 68.
ومن رحمة الله تعالى بالعباد أن فاضل بين الأوقات والأزمنة كما أنه سبحانه فاضل بين العباد.
فجعل الله تعالى الأيام العشر الأول من ذي الحجة خير أيام السنة، ويوم عرفة خير يوم ، والليالي العشر الأخيرة من رمضان خير الليالي، وليلة القدر خيرها.
ولقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لعظم أيام ذي الحجة عند الله تعالى بقوله: ” عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ “رواه البخاري.
موسم الحج من المواسم التي ميزاها الله تعالى بنفحات من الرحمات والمغفرات، والعتق من النار، وهذا للذين يقبلون على الله تعالى في نصرة منهجه ودينه، والقيام بطاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر.
فهنيئا لمن شد الرحال إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة، وهنيئا لمن أطاع الله تعالى بعمل صالح في هذه الأيام.
وهنا نلفت الأنظار إلى لفتة جميلة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بين فيه أحب الأعمال إلى الله في أيام ذي الحجة، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ”  مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ ..”.
وهنا أجمل النبي صلى الله عليه وسلم العمل الصالح، ولكن … السؤال الذي يطرح نفسه، أي عمل صالح هو الأحب إلى الله في هذه الأيام؟!!!
المتدبر لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، يجد الإجابة فيه واضحة، وهي إجابة النبي صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث، رجل يخرج مجاهدا في سبيل الله بنفسه وماله.
وفي زمن تعطلت فيه فريضة الجهاد في سبيل الله، وانشغلت فيه الأمة بصراعات المصالح والسيادة تحت قانون الطغاة، نجد أن هناك في البقعة التي بارك الله فيها وحولها “فلسطين” صراع بين الحق والباطل ، جهاد حق في سبيل الله، الطائفة التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خالفها، نجدها تجاهد من أجل الدين والعرض والوطن والمقدس.
في غزة العزة حرب الإبادة قائمة، كأنها الحالقة، حلقت كل شيء، البشر، والحجر، والشجر، قطعو عنهم كل مقومات الحياة، من غذاء، وماء، ودواء، وكهرباء، الإبادة في غزة بلغت ذروتها، والأمة الإسلامية والعربية، ترواح محلها في كيفية تقديم مساعدات لهذا الشعب الذي يعيش تحت النار، وبين أكوام الدمار.
57 دولة إسلامية ترسل وفودها للحج إلى بيت الله الحرام، في حين شعب غزة يحج إلى الله تعالى بطوافه في الشوارع، والأزقة، والخنادق، والأنفاق، وبين ركام بيوتهم لمقاومة العدو المحتل، عازما النية أن يستقر به طوافه حول حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقف في صعيد الله بين يديه ليشكو خذلان الأمة، وينتهي به الحال للمبيت في الفردوس الأعلى، ولسان حالهم يقول:
يا عابدَ الحَرَمينِ لوْ أبصرْتَنا
لَعلمْتَ أنّك في العبادةِ تَلْعبُ
مَنْ كان يَخْضِبُ خدَّهُ بدموعِهِ
فَنُحُورُنا بِدِمَائِنا تَتَخَضَّبُ
أو كان يُتْعِبُ خيلَهُ في باطلٍ
فخيولُنا يومَ الصَّبِيْحَةِ تَتْعبُ
يا أمة الإسلام: لقد وقع ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم: “يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ . فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! وما الوهْنُ ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ ”
فالجهاد في سبيل الله تعالى في حال تغتصب أرض المسلمين، ودمائهم، وأعراضهم، أولى من حج المتعة، حج أولئك الذين يكررون الحج أعواما، ويعتمرون أعواما، لأن تكرار الحج نافلة، وجهاد الدفع فريضة، قال الله تعالى: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) البقرة : ٢١٦ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب ” وفي رواية ” ما ترك قوم الجهاد إلا ذلو “.
وأي ذلة حلت بالمسلمين أكبر من هذه الذلة، الأقصى أسير، وفلسطين مغتصبة، والدماء مستباحة، والأعراض تنتهك على مرأى من العالم، والعمار دمار، والزرع والشجر بور، والعدو مسيطر، مستكبر، متجبر، والمسلمون في صمت قاتل، وبعض الأنظمة العربية إما مساعد للاحتلال، أو وسيطا بين الضحية والجلاد.
أليست هذه الذلة بعينها التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!!
متى تفيق الأمة لرشدها،
؟!!! المسلمون يستعدون لحج بيت الله الحرام، ويهود الأرض يستعدون لاقتحام المسجد الأقصى !!! وتدنيس قبة الصخرة باعلامهم، وتدنيس ساحات الأقصى بدماء قرابينهم، وصلواتهم التوراتية، والأمة الإسلامية، جزء منها في المصايف، وجزء في الحج، والباقي يسعى بشغف ليتحصل على رغيف الخبز، وسلاطين الأمة في سكرتهم يعمهون.
سيذكر التاريخ ثلاثة لا رابع لهم:
⬅️ مجاهدون وأحرار .. ث٠حملوا قضية فلسطين وجعلوا من أنفسهم رأس حربة تذود عن المسجد الأقصى.
⬅️ دول كفرية تحزبت للقضاء على المجاهدين، واتخاذ فلسطين مركزا للسيطرة على الشرق الأوسط.
⬅️ ومنافقون يدعمون الإرهاب للقضاء على كل مقاومة خوفا على عروشهم.
اللهم هذا حال المجاهدين في غزة وفلسطين، ولا ناصر لهم إلا أنت سبحانك.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى