مقالات

في حوارٍ له.. الشيخ الريسوني يقدم قراءته الجريئة لأحداث سوريا

يقدم الفقيه المقاصدي الدكتور أحمد الريسوني في هذا الحوار قراءته الجريئة لأحداث سوريا، وما طرأ عليها من قضايا مستجدة، مما يمكن عدها من القضايا المهمة التي يلتمس المسلم لها الشرح والتفصيل لسلامة دينه وعقيدته، من ذلك فتوى الجهاد ضد جيوش روسيا في سوريا، ولجوء السوريين في الدول الغربية، وحروب التحالف الدولي ضد داعش.

وهذا نص الحوار كاملا :

دخلت روسيا في سورية بعد موافقة بشار الأسد ومباركة إيرانية، فما موقف الدكتور من هذا التطور؟

أولا بشار الأسد لم يبق له من الأمر شيء، فلا هو وافقَ ولا طُلبت موافقته أصلا. بل هو نفسه الآن إنما ينفذ أو يساعد في التنفيذ للخطط والتوجيهات الروسية والإيرانية.  نعم هو بدون شك مرحب وفرح بكل من يتدخل لقتل السوريين الذين كرهوه ورفضوه، وبكل من ينقذه ويمكنه من البقاء على قيد الحياة سياسيا وشخصيا.

روسيا إن كانت قد استاذنت أحدا أو تفاهمت مع أحد قبل دخولها مباشرة وعلانية في معارك سوريا، فإنما سيكون ذلك مع الجانب الإسرائيلي، والجانب الغربي والأمريكي، أما استئذانها للأسد ونظامه فقد أصبح متجاوزا وغير ذي معنى.

وأما موقفي من التدخل الروسي فلا يختلف عن موقفي من نظيره التدخل الغربي، فكل منهما عدوان مرفوض على شعوب المنطقة ووحدتها وسيادتها. وأما محاربة داعش فمجرد ذريعة دعائية. بل هم شركاء مع إيران وبشار الأسد ونوري المالكي في صناعة البعبع الداعشي والنفخ فيه وإطالة عمره، لأجل اتخاذه ذريعة ومطية لتعزيز سيطرتهم وإحكام قبضتهم وتحقيق مآربهم.

ظهر حيال ذلك بيان لخمسين عالما في السعودية يدعو الناس إلى “الجهاد ضد القوات الروسية”، وانتشر ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، ما رأي الدكتور عن هذا البيان؟

الجهاد من الناحية المبدئية مشروع وواجب في مثل هذه الحالات، لكن الدعوة المطلقة والمفتوحة إلى هذا الجهاد، أمامها ودونها إشكالات وتداخلات وتعقيدات نظرية وميدانية، ليس من السهل حلها وتجاوزها، بينما الجهاد الشرعي يجب أن يكون واضح الأطراف محدد الأهداف. ولذلك أُفَضل الآن التريث حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وأنا أتحدث عن تقديري الشخصي الذي لا يلزم أحدا. وقد سبق لي أن  كتبت أن الجهاد الشرعي الذي لا غبار عليه وعلى أولويته الآن، إنما هو الجهاد في فلسطين ضد العدو الغاصب المعتدي المحتل. والحالات الأخرى يقدرها أهل كل بلد وعلماؤه وخبراؤه.

هل يمكن القول إن ما آل إليه الوضع في المنطقة، من تدخل القوات الروسية في سوريا، والانقلاب العسكري في مصر، وتدهور الوضع الأمني في ليبيا .. من نحسات ثورة الربيع العربي؟

الربيع العربي جاء واعدا بكل خير، وجاء سلميا وحضاريا، جاء حاملا رايات التحرر والكرامة والعدالة والنهضة والديموقراطية… وكان قد بدأ يعطي ثماره وتباشيره، لكن أعداءه والمتضررين منه أو الخائفين من آثاره، هم الذين أضرموا النيران فيه وحوله، وهم الذين سلكوا ضده سياسة الأرض المحروقة، لإبطال مفعوله ووقف مساره ومنع نجاحه.

ألا ترون أن نتائج الربيع العربي دمرت المنطقة وما يجري في سوريا أكبر شاهد على ذلك؟

هذه نتائج التصحر العربي، والانقلاب على الربيع العربي، وليست نتائج الربيع العربي. نحن نجني ونتجرع الثمار المرة لعقود طويلة من الاستبداد والفساد واللاشرعية والتسلط والتحكم والسلب والنهب. وأما بخصوص سوريا، فيضاف إلى كل ما سبق الدور الإيراني القذر في مناهضة إرادة الشعب السوري ومواجتها من أول الأمر بالحديد والنار، فكان ما كان… الذين يحملون الربيع العربي مسؤولية ما نشهده من ويلات في عدد من الدول العربية، هو كمن يقول عن أهل بيت دخل عليهم اللصوص منزلهم، وبدأوا ينهبونه، فلما قام بعضهم يستنكرون ويستنجدون، قتلهم اللصوص، واعتدوا على الباقين حتى لا يتكلموا، ثم أضرموا النار في المنزل وانصرفوا… فيقول عن أهل البيت: هم السبب، هم المسؤولون عما أصابهم من القتل والدمار…

تناقلت الصحف المغربية في الشهر الثاني من هذا العام موقف الدكتور الريسوني في مشاركة الجنود المغاربة في قتال الدولة الإسلامية (داعش)، وقلتم : إن الحرب ضد “داعش”، هي “حرب حرام”..، أسيئ فهم هذا القول، والمنطلق الذي خرج منه ، هل يمكن أن تفصلوا في هذا الأمر؟

هذا هو نفسُ ما ذكرته وقصدته قبل قليل… فما يسمى حربا ضد داعش، وما يسمى التحالف الدولي ضد داعش، ليس للإسلام والمسلمين فيه ناقة ولا جمل، ولا نقير ولا قطمير، ولا قرار ولا تدبير. فالإسلام بريء من داعش وممن يزعمون محاربة داعش على حد سواء. هكذا أرى الأمور.

تدفق عدد من السوريين إلى أوروبا وقاسوا الصعاب والمعاناة، وأمنياتهم الأمن والاستقرار بعيدا عن الحروب، وقرأنا لبعض العلماء تحريم السفر إلى أوروبا، وصدر قرار مثله من “داعش”، فما رأيكم بذلك؟

من يرفضون هجرة السوريين ولجوءهم إلى الدول الأوروبية وغيرها، عليهم أن يقدموا لهم ما هو أفضل من ذلك، أو مثله على الأقل، وإلا فليصمتوا.

وما تفسير النصوص التي تحرم الإقامة ببلاد غير إسلامية، وهل ترون ضرورة تغير بعض الفتاوى التى ترى بحرمة التجنس والتجنيس ؟

ليس هناك نصوص تحرم الإقامة ببلدان غير إسلامية، أو وسط شعوب غير مسلمة. نعم هناك حديث له سياقه الزمني وسبب وروده الظرفي، ومؤداه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلن تبرؤه، ممن يخاطرون بالبقاء بين ظهراني قوم هم في حالة حرب مع المسلمين، بمعنى أنهم يتحملون مسؤولية ما وقع لهم بسبب بقائهم بين ظهراني المشركين.

والعبرة منه: أن من كان في وضع ومكان هو فيه على خطر في حياته أو دينه، فعليه أن يهاجر إلى حيث يأمن على دينه وحياته هو وأهله، متى وجد إلى ذلك سبيلا.

أما منع الإقامة مطلقا في بلاد غير إسلامية، فلا دليل عليه سوى الجهل وسوء الفهم عن الله ورسوله.

المصدر: موقع الاسلام أون لاين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى