في انتظار “صفعة القرن” الأمريكية لردها
بقلم حبيب أبو محفوظ
ما بين الحديث المتداول عن تكريس القدس عاصمةً للكيان الصهيوني، دون أي ذكرٍ لحل الدولتين، فإن ثمة حرب نفسية يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنير ضدّ الفلسطينيين والعرب، عبر التسريبات المعلنة لخطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”، والهدف تحضير الأرضيّة المُناسبة لقبول هذه الصفقة، التي ستكون مُنحازةً بالكلية للكيان الصهيوني على حساب الفلسطينيين، وأشواقهم المؤجلة بالعودة إلى فلسطين.
يتعامل ترامب مع القضية الفلسطينية على طريقة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر، الذي وصف سياسته في إدارة المفاوضات بين الفلسطينيين والصهاينة على مبدأ “خلق وهم الزخم من أجل تعويض غياب الزخم”، وذلك بهدف مشاركة جميع الأطراف في العملية السياسية من أجل المشاركة وإضاعة الوقت دون وجود شيء على الأرض للتفاوض عليه”.!
من الواضح أن الوهن الذي أصاب الأنظمة العربية، دفع ترامب ومستشاريه، للتعامل مع الكيان الصهيوني بصفته القوة الأعظم في المنطقة، وباستطاعة تل أبيب حماية دول الجوار من (البعبع) الإيراني، وبعض الدول العربية لا تخفي حاجتها إلى من يحميها، حتى لو كانت هذه الحماية على حساب القضية الفلسطينية، وعلى رأسها القدس الشريف، يأتي هذا بالرغم من الفشل الذريع سياسياً لبنيامين نتنياهو بتشكيل حكومته الجديدة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الواقع داخل الكيان الصهيوني ليس في أحسن أحواله، في انتظار إعلان ترامب عن “صفقة القرن”، فمن المؤكد أن ترفض الأحزاب اليمينية المتطرفة -والتي تسعى حاليًّا لتشكيل حكومة ائتلافية مع نتنياهو- أية خطة أميركية تتضمن ما تعتبره تقديم تنازلات للفلسطينيين، مثل: تفكيك بعض المستوطنات، أو حتى القبول بعاصمة فلسطينية في بلدة أبو ديس، وهذه الأحزاب في الأساس غير مستعدة لتقديمٍ أي شيء مهما صغر للفلسطينيين، وهذا مدخل مهم للتبؤء بفشل خطة ترامب.
كثير من التقارير الذي ظهرت في الإعلام على أنها بنود لصفقة القرن هي في الأساس تسريبات تفتقر إلى الدقة، ترامب متصالح مع نفسه، وهو يسعى لوضع حدٍ نهائي للقضية الفلسطينية بطريقته الخاصة، دون النظر إلى التبعات أو المسؤوليات المترتبة عليه، وفي هذا استمرار لسياسة الكاوبوي (رعاة البقر) القائمة على البلطجة والتهديد وتجاهل القوانين الدولية.
فالخطة الأمريكية تقوم على التعامل مع المسائل الشائكة التي كانت سبباً دائماً في تفجر المفاوضات الفلسطينية- الصهيونية السابقة، وعجز أكثر من رئيس أمريكي على وضع حل نهائيٍ لها، وهي حسم مصير مدينة القدس لصالح الاحتلال، وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر توطينهم في الأماكن التي لجأوا إليها، وتشريع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وضم مساحات واسعة منها تحت السيادة الصهيونية.
ليس الرهان على رفض الفلسطينيين وعدد من الدول العربية لرؤية الإدارة الأميركية لحل القضية الفلسطينية، بقدر ما يكون الرهان على استمرارية هذا الرفض، ومجابهة الضغوط التي يتعرض لها الفلسطينيون والأردنيون على حدٍ سواء، والرهان الحقيقي دائماً ما يكون على شعوب تلك البلدان التي أشارت معظم استطلاعات الرأي، وبنسبة (74%) على رفض خطة ترامب التي يرون أنها لا تدعو لقيام دولةٍ فلسطينية، والجميع في انتظار إعلان “الصفعة” الأمريكية لردها.
(المصدر: موقع بصائر)