مقالاتمقالات مختارة

فلسطين ـــ مقلة العين ـــ عربية إسلامية بيت المقدس في ظل الحكم الإسلامي 8

فلسطين ـــ مقلة العين ـــ عربية إسلامية بيت المقدس في ظل الحكم الإسلامي 8

بقلم أ. د. أحمد رشاد

يعود تاريخ الوجود العربي والإسلامي في القدس إلى سنة 638 م عندما فتحها المسلمون بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب. ظلت القدس تحت السيطرة العربية ثم الإسلامية ما خلا فترات في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عندما تمكن الصليبيون من إنشاء مملكة القدس اللاتينية بها.  حتى وقوعها بالكامل بيد إسرائيل في حرب م1967.

    فتح العرب المسلمون المدينة لأسباب دينية واستراتيجية بعد انتصارهم على الرومان في معركة اليرموك. وطلب أهلها الصلح والأمان على أن يتولى ذلك الخليفة عمر بن الخطاب. وأكمل الخليفة عمر طريقه إلى القدس، ووقع المعاهدة العمرية لبطريرك المدينة صفرونيوس. وضمنها شرطاً طلبه البطريرك وهو ألا يسكن اليهود فيها.

   حافظت القدس على طابعها العربي و الإسلامي حتى احتلال الفرنجة لها (1099-1187) واستعادها صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م. ودخلت تحت الحكم العثماني عام 1516. وأعاد سليمان القانوني بناء سور المدينة وطوله 4 كم2 وارتفاعه 12 م وله 8 أبواب.

    بنى المسلمون العديد من القباب والمآذن والأروقة والأبواب والسبل في صحن الصخرة المشرفة وبجوارها وفي الحرم وحوله. وبنوا في مختلف العهود الإسلامية مساجد بلغت (34) مسجداً معظمها داخل المدينة القديمة وعدداً كبيراً من الزوايا يؤمها الحجاج من مختلف البلدان الإسلامية، كالزاوية النقشبندية للحجاج القادمين من أوزبكستان، وزاوية الهنود للحجاج القادمين من الهند، والزاوية القادرية للحجاج القادمين من أفغانستان، ولكل زاوية أوقاف ومسجد وغرف للنوم.

   أنشأ المسلمون مدارس لطلب العلم، بلغ عددها (56) مدرسة للمسلمين من أهل المدينة ومن المشرق والمغرب، وأصبحت المدينة غنية بالأبنية والنقوش والزخارف الإسلامية والقناديل النادرة التي لا مثيل لها على الإطلاق.

   وبنى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مسجد الصخرة، ورصد لبنائه أموال مصر لمدة سبع سنوات. ونقش أسمه على قبة الصخرة المشرفة مع تاريخ البناء سنة 72 هـ. وتعتبر قبة الصخرة والمسجد الأقصى من أهم وأقدم المعالم العربية الإسلامية في المدينة. جزءاً أساسياً من التراث الإسلامي ومن أكثره قدسية. وصلى صلاح الدين في المسجد الأقصى بعد أن تم الفتح على يديه. ونقل إليه المحراب الذي سمي باسمه من الجامع الأموي بحلب وبقي فيه إلى أن أحرقه اليهود في محاولة إحراق الأقصى في 21 أغسطس 1969م.

   الأمويون أقاموا قبة الصخرة المثمَّنة والمذهبة ومسجد الأقصى، واستخدمت أموال سبع سنوات من خراج مصر لإقامة قبة الصخرة. ومداخل المسجد الأقصى وأبوابه وقبته. أما تخطيط المسجد الأقصى الذي نراه اليوم فهو هندسة عباسية .

    والأيوبيون هم أيضاً من رمم جدران الحرم. والأتراك العثمانيون هم من جهزوا الكسوة بالقاشاني الملون على أرضية زرقاء كان قبلها مزيناً بالفسيفساء التي اشتهرت بها المدرسة السورية. والأتراك أيضًا هم الذين بنى سور المدينة القديمة، مما جسّد مساهمة الأمة الإسلامية بأسرها في بنائه والمحافظة عليه وعلى تاريخ القدس العريق وطابعها العربي الإسلامي.

   إن تاريخ القدس يثبت أنها مدينة عربية أسسها العرب، ويذكر المؤرخ هنري بريستيد H. Breasted «أن الكنعانيين من القبائل العربية التي استوطنت فلسطين منذ عام 2500 ق. م». وهذا سبب تسمية فلسطين بـ”أرض كنعان”، وهي التسمية التي ذكرتها التوارة.  وبعد تأسيسها احتلها داوود، ودمرها الرومان ثم شيدوها، وازدهرت في العهد الإسلامي، فهي بحكم التأسيس والبناء والتاريخ مدينة عربية إسلامية فالعرب هم الذين بنوها وعمروها، وانطلاقاً من حق الملكية فإن العرب والمسلمين هم الذين أسسوها وامتلكوها إلى أن جاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس الغربية عام 1948 والاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية عام 1967.

   حكم المسلمون مدينة القدس ثلاثة عشر قرناً وكانت اللغة العربية، لغة القرآن الكريم هي السائدة، حتى إبان الحكم العثماني. فالحضارة التي عرفتها القدس ترجع إلى فترة الحكم الإسلامي فيها. كان سكان المدينة عرباً لساناً وحضارةً. واليهود طارئون على المدينة، استوطنوا خارجها.

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى