فلسطين بين وعد بلفور ووعد أحكم الحاكمين (٢)
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
في الثّاني من تشرين الثّاني عام 1917 وعد بلفور الصّهيونيّ وزير الخارجيّة البريطانيّ يهود العالم بوطن قوميّ لهم في فلسطين (من لا يملك لمن لا يستحقّ)! وقد تحقّق لهم ما أرادوا من إقامة كيان لهم بسبب عزل السّلطان العثمانيّ عبد الحميد وزوال الخلافة الإسلاميّة وابتعادنا عن الدّين مصدر سعادتنا في الدّارين! ومعلوم أيّها المؤمنون أنّ الإسلام فتح فلسطين وحرّرها من الصّليبيّين ولن تعود إلّا بهذا الدّين وعلى فرض أنها تحرّرت بغير الإسلام -وهذا مستحيل- فلا فرق حينئذ بين طاغوت عربيّ وأجنبيّ ونحن قومٌ أعزّنا اللّه ﷻ بالإسلام ومهما ابتغينا العزّة بغيره أذلّنا اللّه تعالی! وشتّان بين وعد من ربّ كريم وبين وعد بلفور مشؤوم لئيم؟! لقد بيّنت آيات الذّكر الحكيم طبيعة الصّراع بين المسلمين والمعتدين وأنّه ليس صراعا بين اليمين واليساريّين كما يصوّر ذلك إعلام العلمانيّين! وإنّما هو صراع عقديّ ووعد بين وعدين: وعد حقّ مبين ووعد باطل أثيم! ولنكن صرحاء أيّها الإخوة الأعزّاء! ما الفرق بين بلفور اللئيم وبين من تنازل عن ثلاثة أربعة فلسطين؟! إنّ فلسطين الشّام وقف إسلاميّ شاء من شاء وأبى من أبى من الرّعيّة والحكّام ولا يملك أن يتنازل عن ذرّة تراب منها فصيل ولا إمام كما قال ذلك عبد الحميد الثّاني السّلطان! وستكون القدس عاصمة الخلافة الإسلاميّة القادمة في نهاية الزّمان! وما سمّي بوعد بلفور أو اتّفاقيّات السّلام لا تساوي الحبر الذي كتب بها إخوتي الكرام! وللّه درّ القائل: عيوننا وقلوبنا يا قدس لم تعد ترحل إليك كلّ يوم لأنّها ساكنة فيك وممتزجة بترابك وتحتضن دماء الشّهداء والمصابين وتمسح دموع اليتامى والأيامى والثكالی وتبكيهم معك ثمّ تلوذ بجدران مسجدك المبارك علّها تجد فيها نفحات طيّبة من النّور الإلهيّ الذي يحفّ بها وتسمع أصداء تكبيرات الصّالحين وترى أطياف المعجزة الكبرى في إسراء نبيّنا الصّادق الأمين ﷺ وعروجه إلى السّموات العلا وسدرة المنتهی!