مقالاتمقالات مختارة

فقه الحج والعمرة وآدابهما

فقه الحج والعمرة وآدابهما

بقلم ربيع عبد الرؤوف الزواوي

– الحج معناه في الشريعة الإسلامية: قصد مكة محرمًا في أشهر الحج؛ وهي شوال، وذي القعدة، وذي الحجة، بنية أداء فريضة الحج.

– والحج أحد أركان الإسلام الخمسة.

– والحج فرض واجب على المسلمين بنص القرآن الكريم والسنة والإجماع.

– وقد فرض الله الحج على المسلمين في السنة السادسة للهجرة.

– وللحج فضل عظيم وثوابه جزيل، وأنه يمحق الذنوب، وأنه نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله.

– والحج فرض مرة واحدة في العمر.

– والأفضل تعجيل الحج وعدم تأجيله.

– و شروط وجوب الحج خمسة:

– أن يكون الحاج مسلما

– أن يكون بالغًا

– أن يكون عاقلاً

– أن يكون حرًّا

– أن يكون مستطيعًا

والاستطاعة تتحقق بالآتي:

1- أن يكون الإنسان مالكًا أجرة المواصلات للحج والنفقة التي تكفيه خلال رحلة الحج.

2- أن يكون الطريق آمنًا، بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله.

3- أن يستطيع ببدنه السفر وغيره من المشقة.

– مواقيت الحج:
مواقيت جمع ميقات كمواعيد وميعاد، وتنقسم إلى قسمين:

1- مواقيت زمانية:

وهي الأوقات التي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيها، ولا يصح لإنسان أن يحرم للحج قبلها، وهي ثلاثة أشهر هي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. فلا يصح لإنسان أن يحرم للحج إلا في هذه الأشهر الثلاثة.

2- مواقيت مكانية: وهي الأماكن التي يحرم منها الإنسان إذا أراد الحج أو العمرة ولا يجوز للحاج أو المعتمر أن يجاوز هذه الأماكن بغير إحرام.

وهي خمسة أماكن:
1- ذو الحليفة: وهو المكان المسمى الآن بـ(أبيار علي)، قريب من المدينة، ويبعد عن مكة حوالي (450) كيلو متر وهو أبعد المواقيت عن مكة وهذا المكان هو ميقات أهل المدينة، ومَن مر بها من غير أهلها.

2- الجحفة: وهي قرية (قديد) في طريق أهل الشام إلى مكة، وتقع في الشمال الغربي من مكة، وبينها وبين مكة حوالي (187) كيلو متر، وقد خربت هذه القرية الآن، وصار الناس يحرمون من قرية قبلها تسمَّى (رابغ)، وبينها وبين مكة حوالي (204) كيلو متر، وهي ميقات أهل مصر والشام ومَن مر بهم. وقد تحوَّل الناس إلى (رابغ) بدل (الجحفة)؛ لأن الجحفة قد ضاعت معالمها.

3- يلملم: وهو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويقع جنوب مكة، وبينه وبين مكة حوالي (54) كيلو مترًا، وهو أقرب المواقيت من مكة، وهو المكان الذي يحرم منه أهل اليمن ومَن مر بهم.

4- قرن المنازل: وهو جبل شرقي مكة، يطل على عرفات في طريق أهل نجد إلى مكة، ويسمَّى الآن (السيل الكبير)، وبينه وبين مكة حوالي (94) كيلو مترًا، وهو ميقات أهل نجد ومَن مر بها من غير أهلها.

5- ذات عرق: وهي مكان في الشمال الشرقي لمكة، وتقع في طريق أهل العراق إلى مكة وبينه وبين مكة حوالي (94) كيلو مترًا، وهي ميقات أهل العراق ومَن مر بها ومن غير أهلها.

فهذه المواقيت لكل مَن مر بها سواء كان من أهل تلك الجهات أو غيره

و أركان الحج التي لا يصح الحج إذا سقط واحد منها أربعة:
1- الإحرام.

2- الوقوف بعرفة.

3- الطواف بالكعبة.

4- السعي بين الصفا والمروة.

والركن إذا سقط بطل العمل، ولا يجبر سقوط الركن بالفدية، وأما ما عدا ذلك من أعمال الحج؛ فقد يكون واجبًا، وقد يكون مستحبًا.

والواجب لو سقط يجبر بالفدية، وهي شاة تذبح في مكة، ويوزع لحمها على فقراء الحرم، والمستحبات إذا سقطت؛ فلا شيء فيها.

وواجبات الحج هي الأعمال التي يجب على الحاج فعلها، ويلزم الفدية بسقوط أحدها، وهي:
1-أن يكون الإحرام من الميقات.

2- أن يقف بعرفة إلى غروب الشمس.

3- أن يبيت بمزدلفة.

4- أن يبيت بمنى ليلتين بعد العيد.

5-أن يطوف طواف الوداع.

وترك الواجب في الحج عمدًا يلزم فيه الفدية، وعليه الإثم، وأما تركه نسيانًا؛ فلا إثم فيه، ولكن فيه الفدية أيضًا.

وأنواع النسك التي ينوي بها الحاج عند إحرامه واحد من ثلاثة:
النوع الثاني، حج التمتع:
وهو أن ينوي الحاج عند إحرامه العمرة فقط، فإذا انتهت العمرة أحل ملابس الإحرام، وانتظر حتى يحرم من مكة يوم الثامن من ذي الحجة للحج. وهذا النوع هو أفضل أنواع النسك الثلاثة؛ لأنه هو الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم وتمناه لنفسه (رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه)، ولأن التمتع أقرب إلى اليسر والسهولة.

تنبيه: يلزم مَن يتمتع بالعمرة، مع الحج الهدي، أي يذبح شاة أو سبع بدنة، ومَن لم يستطع؛ فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع من الحج إلى بلده الذي يقيم فيه.

النوع الثاني، هو حج القران:
وهو أن ينوي الحاج عند إحرامه من الميقات الحج والعمرة معًا، ويلزم المحرم عندئذٍ أن يظل محرمًا إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحج جميعًا. ويلزم مَن يجمع بين الحج والعمرة هكذا أيضًا الهدي كما في حج التمتع.

النوع الثالث، حج الإفراد:
وهو أن ينوي مَن يريد الحج عند إحرامه من الميقات الحج فقط، فيقول: «لبيك اللهم حجة»، ويبقى على إحرامه؛ فإذا قدم مكة وطاف للقدوم وسعى للحج لا يحل إلا يوم العيد ولا يلزم من إفراد الحج هدي.

إذن؛ فالقارن والمفرد في الأفعال سواء، ولكنهما يختلفان في أن القارن يحصل له عمرة وحج، وعليه هدي، وأما المفرد؛ فلا يحصل له إلا الحج، وليس عليه هدي.

وللإحرام آداب يستحب القيام بها قبل الدخول فيه نذكرها:
1- التنظف: مثل نتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب، وحلق العانة (وهي الشعر الذي فوق فرج الإنسان)، والوضوء، والاغتسال، وتسريح شعر الرأس واللحية.

2- خلع الملابس المخيطة ولبس ملابس الإحرام: وهو عبارة عن ثوبين، يجعل الإنسان أحدهما على أسفله، ويسمَّى (إزار)، يلف به النصف السفلي منه، ويجعل الآخر رداء يلف به النصف العلوي من الجسم ما عدا الرأس.

3- تطييب البدن وملابس الإحرام عند الإحرام: ولا بأس بما يبقى على ملابس الإحرام من رائحة الطيب بعد ذلك.

4- التلبية: حتى يصل إلى المسجد الحرام ويرى الكعبة.

محظورات الإحرام:
وهي الأعمال التي يحرم على المحرم فعلها، ومنها ما يفسد الحج ويبطله، ومنها ما لا يفسده، وتجب فيه الفدية، ومنها ما لا يفسده ولا تجب فيها فدية، وفيها الإثم فقط، ونذكر منها:

1- لبس المخيط المفصل على الجسم؛ كالقميص والجبة والجاكيت والفانلة.

وهذا الأمر خاص بالرجال، أما النساء؛ فلهن أن يلبسن كل الثياب إلا الثوب الذي مسَّه طيب.

2- لبس النقاب والقفازين: وذلك لأن النقاب لباس يفصّل على الوجه، والقفازين لباس يفصل لليدين، وكذلك الرجل لا يلبس القفازين.

وهذا لا يعني أن المرأة المنتقبة تكشف وجهها للرجال في الحج، ولكن معناه لا تغطي وجهها بشيء مفصّل على الوجه؛ كالنقاب، وإنما تغطيه بأي شيء سوى النقاب، كأن تسدل عليه شيء من فوق رأسها.

3- الجماع ومقدماته: والجماع أشد المحظورات إثمًا وأعظم أثرًا؛ إذ يترتب على مَن فعله وهو محرم بالحج خمسة أشياء:

1- الإثم.

2- فساد الحج وبطلانه.

3- وجوب الاستمرار فيه.

4- وجوب الفدية وهي بدنة (جمل أو ناقة أو بقرة) يذبحها ويوزع لحمها على الفقراء.

5- وجوب قضاء هذا الحج الذي أفسده بالجماع في العام المقبل.

4- عقد النكاح والخطبة لنفسه أو لغيره: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ» (رواه مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه).

5- وضع الطيب بعد لبس الإحرام: ولكن لا بأس بما يبقى من أثر الطيب عند الإحرام؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» (رواه البخاري ومسلم).

6- تغطية الرأس بالنسبة للرجل بشيء ملاصق معتاد مفصل: مثل الطاقية والعمامة والغترة وغيرها، أما تظليل الرأس بالشمسية أو سقف السيارة أو بثوب يرفعه عن رأسه؛ فهذا لا بأس به، وكذلك لا بأس بأن يحمل متاعه فوق رأسه.

7- الجدال والفسوق: بجميع أنواعه واقتراف المعاصي من غيبة وسرقة وغيرها، وهذه الأشياء تحرم على المحرم وغير المحرم، ولكنها على المحرم أشد.

8- قتل الصيد أو التعرض له: ونعني بذلك صيد البر خاصة، ولكن يجوز للمحرم بالحج أو العمرة أن يأكل من الصيد الذي لم يصده هو، ولا صيد لأجله، ولا ساعد في صيده، ولو بإشارة.

9- حلق الشعر أو قصه أو تقليم الأظافر: أجمع العلماء على حرمة تقليم الأظافر للمحرم.ويجوز إزالة الشعر إذا كان يؤذيه بقاؤه، وعليه الفدية، ولكن لا إثم عليه.

مَن ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام متعمدًا؛ فهو آثم وعليه الفدية، والفدية تختلف من محظور لآخر.

وأما مَن ارتكب منها واحدًا أو أكثر بعذر؛ فعليه الفدية، ولا إثم عليه.وأما إنْ كان جاهلاً أو ناسيًا؛ فلا شيء عليه، لا إثم ولا كفارة.

ويباح للمحرم بحج أو عمرة أمور منها:
1- الاغتسال من أجل النظافة أو الجنابة إنْ احتلم.

2- تغيير ثياب الإحرام إلى ثياب إحرام أنظف أو جديدة.

3- الترفه بمكيف الهواء.

4- التظلل بالشمسية أو الشجر أو غيرها.

5- لبس الساعة، أو الخاتم، والكمر الذي يكون فيه النفقة، وسماعة الأذن، ونظارة العين، وغير ذلك.

6- أن يحمل أمتعته على رأسه لنقلها.

الركن الثاني من أركان الحج وهو الطواف بالبيت:
يبدأ المسلم في الطواف بمجرد وصوله بيت الله الحرام، فيدخل برجله اليمنى ثم يقول: “أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلِّمَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ”.

ثم يقصد مباشرة الحجر الأسود، ولا يصلي تحية المسجد الحرام ما دام دخله للطواف سواء في حج أو عمرة، فإن تحيته حينئذٍ الطواف بالكعبة إلا إذا كانت صلاة الفريضة قد أقيمت؛ فليصلِّ مع الإمام.

ولا يقطع التلبية إلا إذا بدأ في الطواف، والتلبية هي قول: “لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ”.

ثم يبدأ طوافه عندما يحاذي الحجر الأسود، ويكون مضطبعًا في طوافه كله فقط، والاضطباع هو أن يخرج كتفه الأيمن، ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر.

فيبدأ بالحجر الأسود؛ فإن استطاع أن يقبِّله؛ فليفعل إنْ استطاع ويستلمه، وإلا أشار إليه ويقول: “بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، وَوَفاءً بِعَهدِكَ، وَاتباعًا لسُنَّةِ نَبِيَّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم”.

ثم يجعل الكعبة عن يساره ويطوف سبعة أشواط، تبتدئ بالحجر الأسود، وتختتم به.

ويسن للرجل أن يسرع في الأشواط الثلاثة الأولى، فيسرع المشي فيها، ويقارب الخُطا، ويسمَّى ذلك (الرمل).

وكلما حاذى الحجر الأسود كبَّر فيقول: “اللهُ أَكْبَرُ”، ويقول في طوافه بين الحجر الأسود والركن اليماني: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

وأما في بقية الطواف؛ فليقل ما شاء من الذكر والأدعية، فليس للطواف دعاء مخصوص لكل شوط.

ولا بدَّ أن يكون الطواف من خارج الحِجْر ويسمَّى (الحطيم)؛ لأنه من الكعبة، ولما بنت قريش الكعبة تركت جزءًا منها؛ لأن النفقة الحلال التي جمعوها لم تكف لبناء الكعبة كلها.

ولا بأس أن يقرأ القرآن في طوافه؛ لأن القرآن ذِكر، وإنما كان الطواف من أجل ذِكر الله.

وللطواف شروط منها:
– الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر وجميع أنواع النجاسات.

– ستر العورة.

– أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود وينتهي إليه.

– أن يجعل الكعبة عن يساره أثناء الطواف.

– أن يكون طوافه خارج الكعبة، والحجر الذي في شمال الكعبة منها.

– أن يكون سبعة أشواط كاملة.

ومن الأخطاء التي تحدث في الطواف:

– التمسح بحيطان الكعبة وكسوتها وبالمقام والحجر.

– المزاحمة الشديدة من أجل تقبيل الحجر الأسود أو استلامه وعند الركن اليماني.

– تقبيل الركن اليماني.

– استلام الحجر الأسود والركن اليماني باليد اليسرى.

– الإسراع في جميع أشواط الطواف.

– الطواف من داخل الحجر لا من خارجه.

– رفع الصوت بالدعاء أثناء الطواف.

– عدم ابتداء الطواف من محاذاة الحجر الأسود.

– عدم المحافظة على جعل الكعبة على يساره أثناء طوافه كله.

والطواف أربعة أنواع:
– طواف القدوم: ويكون عندما يصل الإنسان إلى الكعبة محرمًا سواء كان في حج أو عمرة، وهو الطواف الذي يكون فيه الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى.

– طواف الإفاضة: ويكون في الحج بعد رمي جمرة العقبة الأولى بسبع حصيات ثم الذبح ثم الحلق، ويسمَّى (طواف الركن) أو (طواف الحج)، وهو ركن من أركان الحج.

– طواف الوداع: وهو واجب من واجبات الحج فقط، وأما العمرة؛ فليس يجب فيها طواف الوداع، إنما هو مستحب فقط.

– طواف التطوع: ويكون في أي وقت، ولكن ليس في الرمل.

الوقوف بعرفة:
– الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، وأعظم مشهد من مشاهد المسلمين، ولا يصح حج مَن لم يقف بعرفة بالإجماع؛ فهو أعظم أركان الحج، قال صلى الله عليه وسلم: “الْحَجُّ عَرَفَةُ”.

– ويبتدئ وقت الوقوف بعرفة من زوال يوم التاسع، وقيل: من فجر يوم التاسع، إلى طلوع فجر يوم العاشر.

– ويكفي أن يقف الإنسان أي جزء من الليل أو النهار في هذا الوقت.

– ولكن مَن وقف بالنهار يوم التاسع وجب عليه أن يمد ذلك الوقوف حتى تغرب الشمس.

– ومَن وقف أي جزء من ليلة العاشر قبل أن يطلع فجر يوم النحر؛ فقد صحَّ وقوفه.

والمقصود بالوقوف بعرفة أي: التواجد بأرض عرفة في هذا الوقت، وفي أي جزء من أرض عرفة المعروفة سواء كان واقفًا أو قاعدًا أو ماشيًا أو جالسًا، وسواء كان نائمًا أو يقظان، طاهرًا أو غير طاهر؛ لأن الطهارة ليست شرطًا في صحة الوقوف بعرفة.

ومن آداب الوقوف بعرفة:
– الاغتسال قبله.

– الإكثار من الاستغفار والذكر والدعاء وحضور القلب ورفع اليدين إلى الله في ضراعة.

– الإكثار من قول: “لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

– أن يكون الوقوف عند الصخرات، أو قريبًا منها إذا أمكن ذلك بلا مشقة.

– الإكثار من التلبية في المسير إلى (منى) وفي الموقف وفي الدفع منه إلى مزدلفة.

– استحباب الجمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم سواء كان مع الإمام أو منفردًا.

ومن الأخطاء التي تحدث في الوقوف بعرفة:

– ترك التلبية في المسير من منى إلى عرفة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة في يوم العيد.

– صعود الجبل الذي يسمُّونه (جبل الرحمة) بمشقة وصعوبة ظنًّا منهم أنه لا بدَّ من صعوده، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ”.

– إضاعة الوقت في غير فائدة أو في الغيبة والوقوع في أعراض الناس.

– الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس..

– ترك السكينة والهدوء ومحاسن الأخلاق لاسيما عند الدفع من عرفة إلى مزدلفة.

ماذا بعد الوقوف بعرفة؟:
– بعد أن تغرب الشمس يذهب إلى مزدلفة؛ ليجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير.

– يستحب في أثناء طريقه من عرفة إلى مزدلفة أن يكثر من التلبية والذِّكر.

– يبيت بمزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم يظل يسبِّح ويدعو الله تعالى إلى أن يُسْفِرَ جِدًّا يعني قرب طلوع الشمس.

– ينصرف من مزدلفة إلى منى.

يجوز للإنسان الذي يشق عليه مزاحمة الناس كالعجائز والضعاف أن ينصرف من مزدلفة قبل الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص في ذلك.

– إذا وصل إلى منى برمي جمرة العقبة أولاً بسبع حصيات يكبِّر مع كل حصاة.

– ثم ينحر الهدي.

– ثم يحلق رأسه، والحلق أفضل من التقصير، وإن قصَّر فلا حرج، هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة؛ فتقصر من شعرها بقدر عقدة إصبع.

– وبذلك يحل المحرم التحلل الأصغر أو التحلل الأول، فيباح له كل شيء من محظورات الإحرام إلا الجماع.

– بعد ذلك يبقى عليه من أعمال يوم النحر (يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى) الطواف بالكعبة طواف الإفاضة أو طواف الركن سبعة أشواط، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط أيضًا.

ولا بأس بتأخير أو تقديم عمل على عمل مما هو يوم النحر

فما يتم يوم النحر هو خمسة أعمال هي:
1- رمي جمرة العقبة بسبع حصيات.

2- نحر الهدي.

3- حلق الرأس أو التقصير.

4- الطواف بالكعبة طواف الإفاضة.

5- السعي بين الصفا والمروة.

فإن قدَّم بعضها على بعض؛ فلا حرج، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم كان يُسأل يوم العيد عن التقديم والتأخير، فما سُئِلَ عن شيء قُدِّم أو أُخِّر يومئذٍ إلا قال: “افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ” (رواه البخاري).

والصفا والمروة جبلان بجوار الكعبة، والآن بعد التوسُّع الشديد أصبح الصفا والمروة داخل حدود المسجد الحرام، والسعي بين هذين الجبلين سبعة أشواط ركن من أركان الحج والعمرة، ولا يصح حج ولا عمرة بدون السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط.

وللسعي بين الصفا والمروة شروط منها:
1- أن يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة.

2- أن يكون سبعة أشواط.

3- أن يكون قبله طواف؛ سواء في الحج أو العمرة.

4- أن يكون السعي في المسعى المخصص لذلك.

تنبيهات مهمة بخصوص السعي بين الصفا والمروة:

– لا يشترط للسعي بين الصفا والمروة الطهارة

– السير من الصفا إلى المروة شوط، والعودة من المروة إلى الصفا شوط آخر، وهكذا، وبناءً على ذلك؛ فالسبعة أشواط تبتدئ بالصفا وتنتهي بالمروة.

– يستحب للرجل أن يرمل بين الميلين الأخضرين في كل شوط.

– يستحب صعود جبل الصفا والدعاء عليه، والنظر إلى الكعبة، ثم يقول: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ”، ثم يدعو بما شاء.

ثم يتوجه الحاج إلى منى يوم التروية وهو يوم 8 ذي الحجة:

فإن كان الحاج قارنًا أو مفردًا؛ فإنه يتوجه إلى منى بإحرامه، وأما إن كان متمتعًا؛ فإنه يحرم للحج في هذا اليوم من مكانه الذي نزل فيه سواء كان بمكة أو خارجها، ثم يتوجه الجميع إلى منى.

ويستحب الإكثار من التلبية: “لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ”، والدعاء بما يشاء.

ثم يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يقصر الصلاة بدون جمع بمنى، ثم يبيت بها.

ويستحب أن يصلي الفجر بمنى، ولا يذهب إلى عرفة إلا بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة.

وقد تقدَّم الكلام عن ركن الوقوف بعرفة، وما يكون بعد يوم العيد.

ويبقى بمنى ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وتسمَّى (أيام التشريق).

وبعد أن يتحلل الحاج التحلل الأول يوم عيد الأضحى، ويؤدي ما عليه من واجبات خمسة هي:

– رمي جمرة العقبة الأولى بسبع حصيات، ثم

– النحر، ثم

– حلق الرأس أو التقصير، ثم

– الطواف، ثم

– السعي بين الصفا والمروة

فإنه يبقى بمنى يوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة لرمي الجمرات الثلاث كل نهار بسبع حصيات، وتسمَّى هذه الأيام الثلاثة (أيام التشريق).

وفي رمي الجمرات الثلاث يبدأ بالصغرى، وهي الأولى التي تعتبر شرقية بالنسبة للجمرات الثلاث، وهي التي تلي منى بسبع حصيات متعاقبات يكبِّر مع كل حصاة.

ثم يتقدم عن الزحام ثم يستقبل القبلة رافعًا يديه يدعو الله تعالى دعاءً طويلاً.

ثم يتقدم إلى الجمرة الثانية، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يكبِّر مع كل حصاة، ويقف عندها ويدعو.

ثم يتقدم إلى جمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يكبِّر مع كل حصاة، ولا يقف عندها، ولا يرمي في الأيام الثلاثة إلا بعد زوال الشمس إلى الفجر.

ويستحب رمي الجمرات الثلاث في الأيام الثلاثة؛ فمن تعجل في يومين، فلا شيء عليه، ولكن الأفضل البقاء لرمي الجمرات في اليوم الثالث.

الهدي:
– الهدي فهو الأنعام التي يهديها الناس إلى الحرم تقرُّبًا لله تعالى، ولا يكون الهدي إلا من الأنعام، إبل أو بقر أو غنم.

– وقد يكون الهدي واجبًا، وذلك على الذي تمتع في حجه أو كان قارنًا للحج والعمرة، وأقل ما يجزئ في الهدي شاة أو سبع بُدْنٍ، وهي الواحدة من الإبل أو سُبع بقرة.

– وقد أهدى الرسول صلى الله عليه وسلم هديه من الإبل، فأهدى مائة من الإبل، وكان ذلك تطوعًا تطوع به للحرم.

والهدي أنواع:
1- الهدي المستحب: وهو هدي التطوع، وذلك للمعتمر فقط أو لمن أفرد للحج.

2- الهدي الواجب: وهو أنواع:

– على مَن أقرن العمرة مع الحج.

– على مَن تمتع بالعمرة إلى الحج.

– على مَن ترك واجبًا من واجبات الحج، وذلك كإحرام بعد الميقات، أو غير ذلك.

– على مَن ارتكب محظورات الإحرام ما عدا الجماع؛ ففيه الأمور الخمسة المتقدمة.

– على مَن ارتكب محظورًا من محظورات الحرم؛ كقطع الشجر أو التعرض للصيد، وقد تقدَّم.

الحلق أو التقصير:
– شرع الله تعالى للحاج والمعتمر أن يحلق شعر رأسه أو يقصره عقب العمرة والحج.

– والحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، ومَن تركه لزمه شاة يذبحها، ويوزع لحمها لفقراء الحرم.

– ووقته في العمرة: بعد الفراغ من السعي بين الصفا والمروة.

– ووقته في الحج: بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر، فإذا كان معه هدي ذبح أولاً ثم حلق.

وأخيرا طواف الوداع:
– شرع الله سبحانه وتعالى لمن سافر لمكة لأداء الحج أو العمرة، إذا انتهى منهما وأراد السفر من مكة والعودة إلى بلاده أن يطوف بالكعبة سبعة أشواط، ويكون آخر عمل يعمله هو الطواف بنية وداع البيت الحرام.

– وهو طواف لا رمل فيه، والسر في هذا الطواف أنه تعظيم للبيت الحرام، فيكون هو الأول والآخر؛ تصويرًا لكونه هو المقصود من السفر.

– وهو واجب من واجبات الحج، أما العمرة؛ فهو مستحب فيها، وليس واجبًا.

وأما أعمال العمرة فهي:
– الإحرام من الميقات

– الطواف بالكعبة سبعة أشواط

– السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط

– الحلق أو التقصير

وذلك على التفصيل المذكور أعلا في كل منها…

وأخيرا… نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم ومن المسلمين جميعا.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى