مقالاتمقالات المنتدى

فقه الابتلاء (من رحمة الله بنا أن يربينا بالأحداث حتى نعود إليه إما طوعاً وإما كرهاً).

فقه الابتلاء (من رحمة الله بنا أن يربينا بالأحداث حتى نعود إليه إما طوعاً وإما كرهاً).

بقلم د. أبو البراء وائل بن أحمد الهمص (خاص بالمنتدى)

بعد أن ذكرنا أن الإسلام هو الروح والمسلمون هم الجسد، كان لا بد لهذا الجسد حتى يتمسك بروحه ولا يفرط بها أن يتعرض لنوع من العذابات والابتلاءات والتي لا دواء لهذه الابتلاءات يخلص هذا الجسد مما يعانيه إلا بما يتوافق مع مادة روحه…
وهذه القناعة صدقا قناعة عزيزة تحتاج إلى وقت وتضحية وبذل وعطاء وتصفية ونقاء، كل هذا ما كان ليحصل إلا عبر هذه الابتلاءات والتمحيصات، وهذه سنة الله ليميز الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق، يترقى العبد أو العباد خلالها في درجات العبودية والاستسلام حتى لا تبقى شائبة تشوب الجسد أو القلب عن مادة صلاحه وروح حياته..
والله عز وجل يبتلي العباد ليهذبهم ويربيهم وليهيئهم ويصطفيهم وليرفع درجاتهم ويرقيهم، والواحد منا قد ينزل به البلاء فيراه شديدا عسيرا، وما يلبث أن تنزل به رحمة الله فيزول عنه ما نزل به، فيعلم العبد وقتها أن من فضل الله عليه ورحمته به ما نزل به من بلاء لما رأى من آثار ذلك عليه فيما بعد فيشكر الله وقتها على ما مر به، وهذا من عجيب حكمة الله ولطيف أقداره…

والمتأمل في حال الأمة اليوم يرى أن الابتلاءات تعصف بها من كل جانب وعلى كل المستويات ولا يكاد يسلم منها أحد، حتى تعود الأمة بمجموعها إلى الله إما طوعاً تعي الدرس من أوله أو كرهاً بحيث لا يزال بهم البلاء حتى يعودوا إلى الله رغماً عنهم، وهذا من عظيم رحمة الله بهذه الأمة…
كل ذلك لتستشعر الأمة بمجموعها مدى الحاجة والافتقار إلى خالقها وأنه لا منجي لها ولا ناصر لها إلا الله رب الأرباب، فتلجأ الأمة كلها إلى خالقها طوعاً أو كرهاً، ليعلموا أنه لا يصلح لهم إلا الإسلام شريعة ومنهجاً وحكماً، وأنه لا أرحم بهم من تلك الشريعة…
ولذا كلما شاهدت تأييداً من بعض أفراد الأمة لكل من يتجرأ على الإسلام أو على أحكامه علمت أن مرحلة العلاج لا تزال طويلة حتى يعود هؤلاء إلى رشدهم أو تتم المفاصلة والتمايز منهم…

ولا شك أن مرحلة التبيين والإرشاد تقع في الدرجة الأولى على عاتق أهل العلم والصلاح، فإذا حيل بينهم وبين دورهم حتى كادت شمسهم تغيب ونجمهم يأفل آذن الله بفرج ونصر من عنده لأوليائه وعباده…

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون….

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى