مقالاتمقالات مختارة

“فتحُ الذّرائع” في أحكام المرأة بين الحاجة وردّات الفعل الانفعاليّة

“فتحُ الذّرائع” في أحكام المرأة بين الحاجة وردّات الفعل الانفعاليّة

بقلم محمد خير موسى

يقول الشّيخ سلمان العودة فرّج الله عنه: “مرّة واحد قال لي سدّ الذّرائع أصبحَ سدًّا أعلى من السّدّ العالي، وأنا أستغربُ أنّ كثيرًا من الشّباب يتحدّثون دومًا عن الاحتكام إلى الكتاب والسّنّة وهم غير متحمّسين بشكلٍ كبيرٍ لأصلٍ من الأصول مثل الحماسة لسدّ الذّرائع، وذلك لأنّه يلبّي حاجة اجتماعيّة، وهذه الحاجة الاجتماعيّة هي حاجة عادات وتقاليد ربّما تكون معقولة في بلد معيّن، لكنّها ليست حاجّة عامّة في كلّ مكان، ومن هنا ينبغي أن ندرك أنّه ما لم هناك نصّ شرعي بالتّحريم فما منعناه لسدّ الذّريعة ليسَ تحريمًا مطلقًا أو تحريمًا أبديًّا، فهذا ربّما يكون نوعًا من المنع القانوني ــ إن صحّ التّعبير ــ باعتبار أنّه في هذه المرحلة يؤدّي إلى ضرر أو مفسدة، ولكنّه في وقتٍ آخر تتغيّر ظروف النّاس وتتغيّر حاجاتهم، فالتّوسّع في سدّ الذّرائع كون الانسان قد يكون منعزلًا عن النّاس وغير مطّلعٍ على تفاصيل حياتهم فيوغل في ذلك يمثّلُ مشكلة.

أيضًا هناك نقطة أخرى يتمّ الغفلة عنها هي مسألة “فتح الذّرائع” فالدّين لم يأت فقط لمنع النّاس بل الدّين في الأصل حافز، ولذلك الأشياء الممنوعة والمحرّمة محدودة، وما سواها فهو باب واسع ومفتوح للنّاس فالدين حافز وينبغي أن ننظر إليه على أنّه مرغّب يفتح للنّاس أبواب الخير”

 ما الذي نقصده بمصطلح “فتح الذّرائع”

هذا المصطلح يقابلُ في الفقه الإسلاميّ مصطلح “سدّ الذّرائع”، وعندما يطلق مصطلح “فتح الذّرائع” فإنّ علماء الأصول فيه على اتّجاهَين رئيسَين على النّحو الآتي:

الاتّجاه الأوّل:

ويعني بفتح الذّرائع: “إباحة ارتكاب المحرم إن كان تركه يؤدّي إلى ضرر أعظم” كما عرّفه الدّكتور محمّد سليمان الأشقر، وإلى مثل هذا التّعريف ذهب الإمام محمّد أبو زهرة.

وإلى مثل هذا المعنى يشير الإمام العزّ بن عبد السّلام في كتابه “قواعد الأحكام” إذ يقول: ” قد تجوز الإعانة على المعصية لا لكونها معصية بل لكونها وسيلة إلى تحصيل المصلحة الراجحة، وكذلك إذا حصل بالإعانة مصلحة تربو على مصلحةِ تفويت المفسـدة”

ومن الأمثلة على هذا النّوع من “فتح الذّرائع”؛ جوازُ دفع المال للمحاربين الكفار توصلًا إلى فداء الأسرى المسلمين، وفتح الذّريعة يكمن في أن دفع المال للمحاربين في الأصل حرامٌ لا يجوز، لما فيه من تقوية الكفّار والإضرار بجماعة المسلمين، لكنّه أجيز دفعًا لضرر أكبر هو تخليص أسرى المسلمين من الأسر وتقوية المسلمين بهم.

ومن أمثلة ذلك أيضًا جواز دفع المال لرجل حتى لا يزني بامرأة إذا عجز عن دفعه إلا بذلك ولم يكن من سيلةٍ أبدًا للحفاظ على المرأة إلّا دفع المال، فالأصل في دفع المال هنا أنّه حرام لكنّه غدا جائزًا عندما تعيّن سبيلًا لمصلحةٍ راجحة

ومن أمثلتِه أيضًا إباحة النّظر إلى العورة لغاية التّوليد من القابلة، أو لحاجة التّداوي أو الشّهادة، فالأصل حرمة النّظر إلى مواضع العورة غير أنّه جاز للمصلحة الرّجحة فتحًا للذّريعة.

الاتّجاه الثّاني:

ويقصد بفتح الذرائع: “تيسير السّبل إلى مصالح البشر” وهو تعريف الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة

وعرّفه الدّكتور محمد الأمين ولد محمد سالم: “إجازَة الوسائل المؤدّية إلى كلّ خير وبرّ ومعروف”

ومن أمثلة ذلك عدم الاقتصار على أسلوب واحدٍ للدّعوة إلى الله تعالى بل استحداث وسائل جديدة على الدّوام مع تبدّل الأزمنة والأمكنة

ومن الأمثلة أيضًا عدم الاقتصار على طريقة أو وسيلة واحدةٍ في التّعليم والتدريس بل فتح السّبل أما الوسائل التي تفيد في تحقيق المقصد من عمليّة التعليم على مصاريعِها.

ومن خلال النّظر في الاتّجاهين السّابقين نجد أنّ الاتّجاه الثّاني هو الأوسعُ في رسم حدود وإطار مفهوم “فتح الذّرائع” وهو ما أعتَمِدُه من تعريفٍ لفتح الذّريعة، ويمكنني القول في تديد تعريف “فتح الذّرائع”:

“القول بجواز الوسائل المؤديّة إلى مصلحة راجحة، وتيسيرٍ معتبرٍ على العباد في الواقع والمستقبل بناءً على غلبة الظنّ”

الحاجة إلى فتح الذّرائع في قضايا المرأة

يقول الفقيه والنّحوي الأندلسيّ أبو سعيد التغلبي الغرناطي المعروف بابن لُبّ وهو شيخ الإمام الشّاطبي: “يجدُّ للنّاس من المرغّبات بقدر ما يجدُّ لهم من الفتور” أي أنّ النّاس يجب أن نفتح لهم من الوسائل والآليّات ما يرغّبهم في الدّين، وما يفتح لهم الأبواب للعمل والخروج من حالة الفتور ويكون محفّزًا لهم للإقبال على الدّين؛ لا أن نغلق الأبواب مما سيؤدّي إلى صرفهم عن السّعي في تحقيق المصالح المعتبرة.

وقد قال الإمام القرافيّ في “الفروق”: “اعلَم أنّ الذّريعة كما يجبُ سدّها يجبُ فتحُها، وتكره، وتندب، وتباح”

وفي قضايا المرأة نحن بحاجة إلى “فتح الذّرائع” التي تؤدّي إلى فاعليّة المرأة في تحقيق الغاية من وجودها وهي الخلافة في الأرض وإعمارها يدًا بيدٍ مع الرّجل لا تتأخّر عنه ولا تتقدّم عليه.

في أحكام تعلّم المرأة وتنقّلها بين المدن في الظّروف الآمنة والإقامة في السّكنات الطلابيّة المأمونة، وفي تلقيّها العلم من الرّجال والنّساء على حدٍّ سواء؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي أحكام ممارسة المرأة التّعليم والتّدريس في التّخصصات المختلفة العلميّة والتطبيقيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة، وتدريسها الجنسين ذكورًا وإناثًا؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي مشاركة المرأة في المؤتمرات العلميّة والبحثيّة وورشات العمل التّخصصيّة مع الرّجال، وتصدّرها المشهد بناءً على كفاءتها العلميّة والبحثيّة؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها

وفي مشاركة المرأة في النّشاطات الاجتماعيّة المختلفة والقيام بها بفاعليّة وأريحيّة؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي تحقيق المرأة ذاتها الإبداعيّة في مختلف مجالات الإبداع من العلوم والفنون التي يحتاجها المجتمع لرقيّة ونهضته وسلامة ذوقه؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي ممارسة المرأة عملها الفكريّ والوظيفيّ والمهنيّ بحريّة وقدرة على الإتقان؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي ممارسة المرأة هواياتها التي تبني شخصيّتها وتؤثّر في توازنها النفسيّ والجسديّ؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي تقلّد المرأة المناصب الإداريّة والسّياسيّة والوزارات والإدارات العامّة؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي مشاركة المرأة في الانتخابات وعضوية المجالس التنفيذيّة والبرلمانيّة والشّوريّة، وخوضها غمار المنافسة السّياسيّة والانتخابيّة مع الرّجال؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها

وفي حضور المرأة في المجالس القياديّة للجماعات والأحزاب الإسلاميّة ومؤسسات العلماء في العالم الإسلاميّ؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

وفي حضور المرأة في المجامع الفقهيّة والمؤسسات العلميّة ذات الصّبغة الشرعيّة؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها

وفي حدود عمل المرأة في بيتها وتربية أبنائها وعلاقاتها الأسريّة بما يحقّق البناء النفسيّ والأخلاقيّ الرّاشد للأجيال؛ نحن بحاجة إلى فتح الذّرائع لا سدّها

وفي مجال التّأثير الإعلاميّ والحضور البنائيّ في العالمين الواقعي والافتراضي ووسائل الإعلام المختلفة ووسائل التّواصل الاجتماعيّ؛ نحن بحاجةٍ إلى فتح الذّرائع لا سدّها.

إنّ القول بفتح الذّرائع في قضايا المرأة المسلمة ليسَ ترفًا من القول بل هو حاجةٌ تفرضها الضّرورة الواقعيّة والإنسانيّة في أن تكون المرأة فاعلةً في إعمار الكون وأداء الأمانة الملقاة على عاتقها، ولله درّ الإمام القرافي المالكي إذ يقول: “والوسيلةُ إلى أفضل المقاصد؛ أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد؛ أقبح الوسائل، وإلى ما يتوسط؛ متوسطة”

  “فتح الذّرائع” وردّات الفعل الانفعاليّة

نتيجة العمل المبالغ فيه بسدّ الذّرائع في قضايا المرأة ظهرت دعواتٌ مضادّة تقوم على ردّات فعلٍ انفعاليّة تدعو إلى التحلّل من الأحكام بشكلٍ كبيرٍ تحت عنوان “فتح الذّرائع”.

وعمومًا تبقى ردّات الفعل الانفعاليّة في مختلف المجالات الفكريّة والشرعيّة فاقدةً للتّوازن، غير قادرةٍ على التعامل مع الأمور بهدوءٍ وتعقّل يوصل إلى الرّشد.

إنّ القول بفتح الذّرائع يقصد منه إعادة فتح الباب الواسع في الشريعة أمام المرأة لتمارس دورها في حمل أمانة التكليف والخلافة وإعمار الكون دون تقييد أو تضييق تعسفي أو احتكامٍ إلى الأعراف التي لا تمت إلى الشريعة بأصل وغدت مع الزّمن حاكمةً على الشرع والواقع.

وإنّ القول بفتح الذّريعة مؤدّاه أن تكون المرأة جزءًا من الحركة الفاعلة في الحياة بما لا يوقعها في التّسليع من أيّة جهةٍ كانت أو طرف كان، وذلك من خلال التزامها بالضّوابط التي وضعها الإسلام دون شططٍ أو مبالغة لا علاقة لها بأصل التشريع، ودون تفلّت أو تمييع وتمزيقٍ للضّوابط تحت عنوان “فتح الذّرائع”

أنّ الذين يضيّقون على المرأة بالاستخدام المتعسّف لقاعدة “سدّ الذّريعة” هم الوجه الآخر للذين يحاولون تحطيم الضّوابط كلّها فلا حدود ولا قيود على الإطلاق تحت عنوان “فتح الذّرائع”

إنّ التّوازن هو لبّ وجوهر التشريع الإسلاميّ، التّوازن الذي يحقّق مقاصد التّشريع دون إفراطٍ ولا تفريط هو الذي يحقّق للمرأة كيانها ويفتح لها الطريق الواسعة لتكون يدًا بيد مع الرّجل في شعاب هذا الكون يعمرونه ويمارسون الإصلاح في رحابه كلّها.

ألا تضرّ الدّعوة إلى “فتح الذّرائع” في “زمن الفتنة” بالمرأة؟

يستنكرُ العديد من النّاس الدّعوة إلى “فتح الذّرائع” في قضايا المرأة في زمن انتشار الفساد والانحلال والفتن، وفي زمن الدّعوات غير الأخلاقيّة معتبرين أنّ هذه الدّعوة تُسهم في تشريع الفساد والانحلال.

وفي الحقيقة لا بدّ أن نؤكّد في البداية أنّ حرص شريحة كبيرة من هؤلاء على الدّين والأخلاق حرص مشكورٌ وغيرتهم غيرة طيبة في أصلها، ولكنّ الحرص والغيرة وحدهما لا يعنيان صواب الوجهة أو صواب التوجّه.

وهنا لا ننفي أنّ شريحةً أخرى من الرّجال تمارس سدّ الذّريعة لا بسبب خوف الفتنة والتّمييع في الدّين كما هو حال الشّريحة الأولى من أهل الحرص، بل إنّ هذه الشّريحة عندها تخوّف من أن تتقوّى شخصيّة المرأة وتطالب بحقّها في ممارسة دورها الذي أوكله الله تعالى إليها في الحياة، فهم يتستّرون خلف قاعدة “سدّ الذّريعة” بغية إحكام السّيطرة على المرأة التي تمثّل لهم منافسًا مقلقًا في مجالات الحياة وساحات العمل.

وفيما يتعلّق بعلاقة “فتح الذّرائع” بالفساد والانحلال الأخلاقي والسلوكي زمن الفتن؛ فهي على النّقيض تمامًا مما يتخيّل هؤلاء، إذ إنّ المبالغة في سدّ الذّرائع هي التي تُحدث ردّات الفعل غير المنضبطة والسلوكيّات غير المحمودة، وتدفع شريحةً من النّساء ــ لا سيما اللّواتي يحاولن إثبات ذواتهنّ وطموحاتهنّ ــ إلى التّطرّف في الجهة الأخرى وهي التّفريط تحت عنوان “فتح الذّرائع”، أمّا الدّعوة إلى فتح الذّرائع في إطار التّوازن فهي التي تنتج السّلوكيّات الرّاشدة من الرّجل والمرأة على حدٍّ سواء.

ولعلّ هناك من يقول: وهل يملك أحدٌ اليقين بأنّ “فتح الذّرائع” يؤدي إلى هذا التّوازن أم هو الظنّ فحسب؟

بالطبع هو ليس يقينًا مطلقًا وإنّما غلبةُ ظنّ من خلال فهم روح الشّريعة والنّظر في مآلات الأفعال وموازنة المفاسد والمصالح، وهنا ننقل كلام سلطان العلماء العزّ بن عبد السّلام في كتابه “قواعد الأحكام” إذ يقول:

“الاعتماد في جلب معظم مصالح الدّارين، ودرء مفاسدهما على ما يظهر في الظّنون، وللدّارَين مصالح إذا فاتت فسد أمرهما، ومفاسد إذا تحقّقت هلك أهلهما، وتحصيل معظم هذه المصالح بتعاطي أسبابها؛ مظنونٌ غير مقطوع به؛ فإن عُمَّال الآخرة لا يقطعون بحسن الخاتمة، وإنما يعملون بناء على حسن الظّنون، وهم مع ذلك يخافون أن لا يُقبل منهم ما يعملون، وقد جاء التنزيل بذلك في قوله “وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ” المؤمنون: 60. فكذلك أهل الدنيا، إنما يتصرّفون بناء على حسن الظنون، وإنما اعتُمد عليها، لأن الغالب صدقُها عند قيام أسبابها”

ثمّ ضربَ لذلك أمثلةً عديدةً منها سعي التجار في تجارتهم وضربهم في البلدان لأجلها، لأن ذلك في الغالب يجلب لهم مقصودهم بتحقيق الأرباح وسلامة التّجارات، وكذلك الصنّاع والزرّاع في تعاطيهم للوسائل، يكدّون ويتعبون وينفقون، لأن الغالب أنّ هذه الأسباب تحقّق لهم أغراضهم، وهكذا معظم من يتسبّبون ويتوسلون، إنما يفعلون ذلك تغليبًا لاحتمال تحقّق مقاصدهم ومصالحهم.

وعلى هذا التّغليب ينظر المجتهدون في الأدلة ويسعون إلى معرفة الأحكام، وعلى التّغليب يقوم التّطبيب والتّداوي

بعد أن ساق ابن عبد السّلام هذه الأمثلة وغيرها قال: “ومعظم هذه الظّنون صادقٌ موافق، غير مخالفٍ ولا كاذب؛ فلا يجوز تعطيل هذه المصالح الغالبة الوقوع، خوفًا من نُدور كذب الظنون، ولا يفعل ذلك إلا الجاهلون”

إنّ القول بفتح الذّرائع في الوقت الذي نرى فيه مبالغةً في العمل بسدّ الذّرائع في أحكام المرأة إنّما هو أحدُ أهمّ السّبل لإعادة الأمور إلى نصابها على وفق مقاصد الشّريعة وتوازنها وشموليّتها.

وكذلك يتضمّن تلبيةً حقيقيّة لاستعادة المرأة دورها الفاعل في حركة الحياة وإعمار الكون وتحقيق الإصلاح ومواجهة الإفساد على الوجه الذي يحبّ ربّنا ويرضى؛ ذلك لمن كان له قلبٌ أو ألقى السّمع وهو شهيد.

 

المصدر : الجزيرة مباشر

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى