مقالاتمقالات مختارة

عندما تغيب الولاية الإيمانية

عندما تغيب الولاية الإيمانية

بقلم أ. سيف الهاجري

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾

في 22 / 7 / 2018م عقد منتدى الوحدة الإسلامية في لندن، والمدعوم إيرانيا، مؤتمرا شارك فيه كما ذكر الكاتب قاسم قصير (قيادات من حركة الإخوان المسلمين وتجمع العلماء المسلمين في لبنان ومجلس التقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران والعراق، وحزب السعادة التركي، إضافة لشخصيات معارضة من البحرين ومن مختلف الأطياف العراقية)”مقال:حوار إسلامي في لندن:نحو خريطة طريق لاستعادة الدور والفعالية- عربي 21 بتاريخ 25 / 7 / 2018″…

وعقد هذا المؤتمر تحت شعار مقتبس من كتابات المرجع الشيعي محمد باقر الصدر (الإسلام يقود الحياة) في مرحلة من أخطر المراحل التي تمر بها الأمة وثورتها وهي تواجه تحالفا صليبيا صفويا ارتكب أبشع جرائم الحرب في العراق وسوريا واليمن ومع ذلك تعقد مثل هذه المؤتمرات المشتركة وتستمر العلاقات السياسية بين الحركة الإسلامية وممثليها وإيران وأجنحتها في محاولة لإعادة تأهيل النظام الإيراني وتسويقه من جديد بعد ما ارتكبه من جرائم بحق الأمة وشعوبها ووقوف مع المحتل.

فهذا الانحراف عند الحركة الإسلامية ليس مقتصرا على العلاقة مع إيران وإنما برز في تفاهمها مع النظام الدولي والعربي قبل الثورة كما في وقوفها مع الانقلاب العسكري في الجزائر ودخولها مع المحتل الأمريكي ومشاركتها في نظامه السياسي الطائفي في العراق، وبعد الثورة مشاركتها في الترتيبات للمشهد العربي بعد الثورة المضادة ضمن المبادرات السياسية برعاية دولية كما في اليمن وتونس وليبيا.

فهذا التاريخ من المواقف للحركة الإسلامية له أسبابه العميقة على عدة مستويات، فنجد على المستوى العقائدي والفكري غياب أو ضعف الولاية الإيمانية عند الحركة الإسلامية وإفتقادها للعقيدة السياسية من أخطر الأسباب لمثل هذه المواقف والتي تتناقض مع مرجعيتها الإسلامية.

وأما على المستوى السياسي والعملي فالحركة الإسلامية لم تكن تتوقع الثورة وتفاجأت بها كما فوجئ بها النظام العربي وارتبكت سياسيا ولم تكن متهيئة للثورة والتي لم تكن ضمن أدبياتها في تربية كوادرها مما جعلها عرضة للإحتواء والتوظيف أمام الثورة المضادة وهذا ما رأيناه في كل ساحات الثورة وقبولها للمبادرات السياسية الدولية التي طرحها النظام الدولي لإحتواء الثورة العربية.

ويضاف إلى ذلك الخلل الكبير في قراءة الحركة الإسلامية السياسية وتصورها الخاطئ للتحولات الكبرى عند قيام الثورة العربية فقد تبنت رواية إيران والنظام العربي في وصفها لهذه الثورة بأنها مؤامرة أمريكية لنشر الفوضى وإشعال الحرائق في المنطقة العربية وهذا الطرح سمعناه منهم شخصيا وأكد ممن التقيناه بأن ما يجري في العالم العربي فوضى وحرائق يجب إطفائها وذلك في وصفه للثورة العربية.

ولذلك ففي ظل غياب مفهوم الولاية الإيمانية عند الحركة الإسلامية ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ﴾ وافتقادها للعقيدة السياسية ‏﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ جعلها في عزلة وغربة سياسية عن الأمة وثورتها وأصبحت في مواقفها وممارستها للعمل السياسي لا تختلف عن النظام العربي الرسمي لتصبح هي الوجه الشعبي لترتيبات النظام الدولي لإعادة بناء النظام العربي من جديد ومحاولة إعادة تأهيله خاصة مع سقوط التيارات اليسارية والقومية، وعزز هذه التوجه لدى الحركة الإسلامية للتفاهم مع النظام الدولي والعربي ما تشهده الثورة العربية من تراجع في ساحاتها بعد الثورة المضادة…

لم تدرك الحركة الإسلامية بعد مدى عمق ثورة الأمة وما أحدثته من تحول تاريخي في المشهد السياسي في العالم العربي وهزها لأركان النظام الدولي وستتفاجأ بعودة الثورة من جديد كما تفاجأت بقيامها من قبل…

فمتى تدرك الحركة الإسلامية نفسها وتاريخها والأهم من ذلك تنجو بدينها وتنهي ترتيباتها مع النظام الدولي وتفاهمها مع النظام العربي والنظام الصفوي وتلتحق بالأمة وثورتها ولا تكون أسيرة لاجتهادها ما قبل الثورة العربية والذي تجاوزته أحداث الثورة وأصبح ثغر دفرسوار في جدار الثورة…

إن الأمة ومشروعها العظيم يستوعب كل مكونات الأمة إلا من عزل نفسه بالوقوف في خندق أعدائها من المحتلين والمستبدين الذين ثارت عليهم الأمة فهو ليس منها سواء من الجماعات أو من الأفراد…

﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾

(المصدر: موقع أ. سيف الهاجري)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى