علاقات الدول العربية مع إيران بعد اندلاع الثورة السورية وتاريخها
بقلم د. ياسين الحمد
أود أن أنوه: أنني عملت وساندت الثورة إرضاء لله تعالى، ثم من أجل رفع الظلم عن شعبي، ثم إرضاء لضميري، وبالمبدأ نفسه أكتب مقالتي.
طبعًا أقف مع أهل فلسطين في معاركهم، بمعزل عن الخلافات والآراء المختلفة حول بعض سياساتهم، وسلوكهم، ومبرراتهم ، وأنا أساند أهل غزة، وفصائلها المختلفة في جهدهم، وصمودهم وعليك أن تفرق بين الإستراتيجية، وبين التكتيك المرحلي، والظرفي التي فرضها الواقع الإقليمي المحيط بالثورة السورية، أو بنضال الشعب الفلسطيني وقضيته، علينا التحلي بالوعي، ولا ننخرط كثيرًا، ونتبع أكاذيب أنظمة الدول العربية، وعدائها لكل الحركات الإسلامية؛ لأنها تخاف هذه الأنظمة من التنظيمات الإسلامية، وتعتبرها هي القوة الفاعلة والقادرة على تنظيم نفسها، وممكن أن تشكل خطراً على أنظمتهم ،وأعلنت الحرب على كافة التيارات، وشيطنتها، وفعلًا المتابع يجد كثيراً من التجني عليها، والجميع يعرف أن الأنظمة العربية الاستبدادية، أنظمة خائنة وظيفية، وأنّ حماس وقبلها المرحوم ياسر عرفات قال كلمته المشهورة، (إنني أتعامل مع 22 عاهرة ويقصد الحكام العرب )، وموقف حماس من الثورات العربية، وخاصة الثورة السورية، واضح، ومعلن ،ووضحه بالتفصيل خالد مشعل بلقاءات كثيرة علينا عدم نسيان ذلك، أما فيما يتعلق بعلاقة حماس مع إيران حقًا، إيران عدو مجوسي ومحتل لسورية، وقتلت إيران وذراعها عشرات الآلاف من ثوارنا، وهو عدو وطني ومذهبي حاقد، ولكن إذا أردنا الحق علينا أن نلاحظ أن حماس فصلت بين موقفها من الثورة السورية، والشعب السوري، ومصالحها مع إيران، بالنهاية بصفتي ثوري سوري، ومبدئي لا أؤيد بالمطلق أي علاقة عربية مع العدو المجوسي الإيراني ، وعلينا أخذ الموقف نفسه ليس من حماس فقط، وإنما من كل الأنظمة العربية التي ما زالت تقيم أفضل العلاقات مع إيران، ولكن مبادأنا كثوار تختلف تمامًا عن متطلبات العمل السياسي و حساباته ومصالحه. في السياسية لا يسود منطق إما أبيض، أو أسود، كل الدول تختلف وتتصارع، وتتعامل، وحتى الحلفاء أيضًا، والأمثلة كثيرة جدًا في العلاقات الدولية، مثلاً تركيا تساند الشعب السوري وثورته، وتبني علاقات كثيرة مع إيران، وروسيا التي تحتل سورية، ودولة ضامنة في كثير من الاتفاقات التي وقعت في شمال سورية، وهناك ملفات تلتقي فيها، وهناك ملفات تختلف فيها، لذلك يجب عدم الخلط بين الموقف الثوري والمبدئي، ومتطلبات العمل السياسي والواقع وحقائقه.
▪︎ السعودية بعد حادث اقتحام سفارتها عام 2016 قطعت العلاقة مع إيران، ولم تقطعها بسبب تدخل إيران بسورية، أو وقوفها مع النظام الذي قتل، ودمر، وشرد الشعب السوري، ومنذ أشهر تجري لقاءات، ومباحثات بين قيادات سعودية، وإيرانية في العراق، والزيارة الأخيرة لرئيس الاستخبارات السعودية خالد الحميدان إلى دمشق، ولقائه مع اللواء علي مملوك.
▪︎ الكويت علاقتها مع إيران مستمرة وثابتة، وفي أحسن حالاتها، وتجسدت بزيارة وزير خارجيتها عام 2017، وحمل رسالة من الأمير دعا فيها إيران، للتعاون، والتفاهم، والحوار. وعلى إثر ذلك زار الرئيس الإيراني حسن روحاني الكويت في شباط 2017، ولكن عادت العلاقات للتوتر بسبب اتهام الكويت بعلاقة إيران بخلية العبدلي، ولكن عادت العلاقات إلى عهدها السابق في عام 2018 حيث عينت إيران سفير جديد لها في الكويت، وعلاقاتها الاقتصادية تنمو وتتطور.
▪︎ الإمارات التي تحتل إيران جزرها، تقيم أفضل العلاقات التجارية، والاستثمارية، وهي الأول عالميًا، وقد بلغ التبادل التجاري بين البلدين في بعض السنوات أكثر من 19 مليار دولار، وفي عام 2020 بلغ التبادل التجاري بينهما 14. 280 مليار دولار، يوجد في الإمارات جالية إيرانية بحدود 800 ألف إيراني، وتمثل الجالية الإيرانية أكثر من 60 % من سكان الإمارات الأصليين، ويوجد في الإمارات 4 جامعات إيرانية، وتمتلك إيران 7660 شركة في أهم القطاعات الاقتصادية، وبلغت استثمارات إيران في الاقتصاد الإماراتي أكثر من 300 مليار دولار وهناك 500 أسرة مجوسية تتحكم بعصب الاقتصاد الإماراتي، وهذه الأسر هي الحاكم الفعلي للإمارات، وتأتي استثماراتها بالمرتبة الثانية بعد الاستثمارات الأمريكية اليهودية. تصور من يحكم الإمارات فعليًا؟!
▪︎ عمان وعلاقتها مع إيران، تصريحات المسؤولين الإيرانيين تؤكد هناك حرص من الطرفين على تقوية الأواصر بين إيران، وسلطنة عمان، وعلاقات مسقط مع إيران مستمرة وثابتة على كافة المستويات السياسية، و التجارية، والاستثمارية، إلا أنه أصبح ينظر إلى هذه العلاقة كمصلحة لطهران وذلك باستغلال حياد مسقط في تخفيف عزلتها الدولية.
وقد انعكس ذلك على العلاقات الاقتصادية بشكل كبير، حيث هناك العشرات من الشواهد على التطور المطرد لعلاقات البلدين على مدى العقود الخمسة الماضية.
أبرمت طهران بعد الاتفاق النووي في يوليو 2015 اتفاقيات مع مسقط لاستغلال كافة الموانئ العمانية، وحولتها إلى مراكز للشركات الإيرانية حتى يسهل تصدير منتجاتها إلى الأسواق الآسيوية، والعربية.
أبرمت سلطنة عمان خلال العقود الماضية العديد من الشراكات المحفزة للتجارة، والاستثمار، ولاسيما تلك المتعلقة بالإعفاء الضريبي الكامل مع 16 دولة منها إيران.
وتشير بيانات غرفة تجارة، وصناعة عُمان إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين واصل النمو حتى بعد فرض العقوبات الأميركية على إيران.
وتظهر أن التبادل التجاري بلغ في الربع الأول من العام الماضي ما يقارب 116 مليون ريال (301. 7 مليون دولار)مقارنة مع 388 مليون ريال (أكثر من مليار دولار) خلال عام 2018.
وتظهر عدة دراسات وخاصة التقارير الدورية الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن سلطنة عُمان تأتي في المركز العاشر بين البلدان التي تستورد المنتجات الإيرانية.
▪︎ الجزائر، تتميز علاقة الجزائر بإيران، وهناك تطابق، وتوافق واضح في مواقف البلدين تجاه معظم القضايا الإقليمية والدولية،
أخذت الجزائر موقفًا سلبيًا من الربيع العربي ، وأثار مخاوفها ما يحدث في ليبيا وتونس الجارتين ، واعتبرت ثورات الربيع العربي هي ضرب لمحور المقاومة، والحليفة لها سورية، وكان هناك تطابق تام بين إيران، والجزائر بالوقوف إلى جانب النظام السوري، ومساعدته اقتصاديًا وسياسيًا ، حيث رفضت الجزائر الاعتراف ، وأيضًا التصويت بالقمم العربية على اعتبار المعارضة السورية ممثلاً للشعب السوري.
أما العلاقات الاقتصادية، و التجارية، و الاستثمارية، فهي تتطور باستمرار، ففي عام 2015 وقع البلدين خمس اتفاقيات تعاون في مختلف المجال لتعزيز التعاون بينهما، ومن أهم الاستثمارات الإيرانية إقامة معمل لصناعة السيارات Ikco.
▪︎ الأردن.
رفضت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، أو إغلاق السفارة السورية في عمّان، وفي ظل التصريحات بين الجانبين، وما هو مستتر خلف خطوط المصالح المتقاطعة يجب أن نبحث عن مستقبل العلاقة الإيرانية الأردنية، وتوجهها الحالي كبوصلة تأمين سياسي لأحد الجانبين. كما أن علاقة الأردن مع الطبقة الحاكمة في العراق تتحسن وعادت لتفعل كثير من الاتفاقات السابقة كاتفاقيات النفط، وفق أسعار البورصة الدولية.
▪︎ علاقة إيران مع قطر، وتطورها بعد حصار قطر من قبل الدول الأربع… والعراق.. ولبنان… والسودان …. إلخ
نستخلص مما سبق:
1- إن معظم الأنظمة العربية تقيم علاقات طبيعية بكافة المجالات الدبلوماسية، والاقتصادية، والتجارية ، و الاستثمارية مع إيران.
2- لايوجد نظام عربي أخذ موقفًا قويًا ضد التدخل الإيراني في سورية، وكان موقفهم الحقيقي وفق مصالح أنظمتهم.
(المصدر: رسالة بوست)