عقيدة أهل السُّنة في المسيح
بقلم صلاح نجيب الدق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام هو أحد أنبياء الله، الذين يجب على كل مسلم الإيمان بهم،وهو أيضاً أحد الخمسة من أُولي العزم من الرسل، من أجل ذلك أحببت أن أُذَكِرَ إخواني الكرام بعقيدة أهل السُّنة والجماعة في عيسى عليه السلام، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
ميلاد عيسى عليه السلام من غير أب :
قال الله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (مريم:23:16)
استقرار حمل عيسى عليه السلام من نفخ الملك :
قال الله تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) (التحريم:12)
قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قَوْلُهُ تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) أَيْ حَفِظَتْهُ وَصَانَتْهُ. وَالْإِحْصَانُ: هُوَ الْعَفَافُ وَالْحُرِّيَّةُ، (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) أَيْ: بِوَاسِطَةِ المَلَك، وَهُوَ جِبْرِيلُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ إِلَيْهَا فَتَمَثَّلَ لَهَا فِي صُورَةِ بَشَرٍ سَوي، وَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَنْفُخَ بِفِيهِ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا، فَنَزَلَتِ النَّفْخَةُ فَوَلَجَتْ فِي فَرْجِهَا، فَكَانَ مِنْهُ الْحَمْلُ بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَلِهَذَا قَالَ: (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ) أَيْ: بِقَدَرِهِ وَشَرْعِهِ (وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) (تفسير ابن كثير جـ14صـ67)
قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): وُلِدَ عيسى عليه السلام ببيت لحم قريباً من بيت المقدس. (البداية والنهاية لابن كثير جـ2صـ69)
عيسى عليه السلام يكلم الناس وهو رضيع :
قال الله تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) (مريم 33:27)
قال الإمام ابن كثير(رحمه الله): قوله (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) هذا أول كلام تفوه به عيسى ابن مَرْيَمَ فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ (إِنِّي عَبْدُ الله) اعْتَرَفَ لِرَبِّهِ تَعَالَى بِالْعُبُودِيَّةِ وَأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ فَنَزَّهَ جَنَابَ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ الظَّالِمِينَ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ بَلْ هُوَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَابْنُ أَمَتِهِ ثُمَّ بَرَّأَ أُمَّهُ مِمَّا نَسَبَهَا إِلَيْهِ الْجَاهِلُونَ وَقَذَفُوهَا بِهِ وَرَمَوْهَا بِسَبَبِهِ بقوله (آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعْطِي النُّبُوَّةَ مَنْ هُوَ كَمَا زَعَمُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَقَبَّحَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً)(النساء: 156)وَذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْيَهُودِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالُوا إِنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ مِنْ زِنًا فِي زَمَنِ الْحَيْضِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرَ عَنْهَا أَنَّهَا صِدِّيقَةٌ وَاتَّخَذَ وَلَدَهَا نَبِيًّا مُرْسَلًا أَحَدَ أُولِي الْعَزْمِ الْخَمْسَةِ الْكِبَارِ.
(البداية والنهاية لابن كثير جـ2صـ63)
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ (وذكر منهم) عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. (البخاري حديث: 3436/مسلم حديث:2550)
معجزات عيسى عليه السلام:
قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام: (وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(آل عمران:49)
قال الإمام ابن كثير(رحمه الله): كَانَ عيسى عليه السلام يُصَوِّرُ مِنَ الطِّينِ شَكْلَ طَيْرٍ، ثُمَّ ينفخُ فِيهِ، فَيَطِيرُ عِيَانًا بِإِذْنِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، الَّذِي جَعَلَ هَذَا مُعْجِزَةً يَدُلّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ. وقوله (وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ) هُوَ الَّذِي يُولَدُ أَعْمَى. (تفسير ابن كثير جـ3صـ65)
(وَالْأَبْرَصَ) الْبَرَصُ: مرضٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ بَيَاضٌ يَعْتَرِي الْجِلْدَ.(تفسير القرطبي جـ4صـ100)
قال الإمام ابن جرير الطبري (رحمه الله):قوله تعالى: (وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ):كَانَ إِحْيَاءُ عِيسَى الْمَوْتَى بِدُعَاءِ اللَّهِ، يَدْعُو لَهُمْ، فَيَسْتَجِيبُ لَهُ. (تفسير الطبري جـ6صـ431)
قال الإمام ابن كثير(رحمه الله):قوله تعالى: (وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ) قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: بَعَثَ اللَّهُ كُلَّ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِمُعْجِزَةٍ تُنَاسِبُ أَهْلَ زَمَانِهِ، فَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى زَمَانِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، السِّحْرُ وَتَعْظِيمُ السَّحَرَةِ. فَبَعَثَهُ اللَّهُ بِمُعْجِزَةٍ بَهَرَت الْأَبْصَارَ وَحَيَّرَتْ كُلَّ سَحَّارٍ، فَلَمَّا اسْتَيْقَنُوا أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْعَظِيمِ الْجَبَّارِ انْقَادُوا لِلْإِسْلَامِ، وَصَارُوا مِنَ الْأَبْرَارِ. وَأَمَّا عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فبُعث فِي زَمَنِ الْأَطِبَّاءِ وَأَصْحَابِ عِلْمِ الطَّبِيعَةِ، فَجَاءَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ بِمَا لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَيَّدًا مِنَ الَّذِي شَرَعَ الشَّرِيعَةَ. فَمِنْ أَيْنَ لِلطَّبِيبِ قُدْرَةٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْجَمَادِ، أَوْ عَلَى مُدَاوَاةِ الْأَكْمَهِ، وَالْأَبْرَصِ، وَبَعْثِ مَنْ هُوَ فِي قَبْرِهِ رَهِينٌ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ؟ وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي زَمَنِ الْفُصَحَاءِ وَالْبُلَغَاءِ وَنَحَارِيرِ الشُّعَرَاءِ، فَأَتَاهُمْ بِكِتَابٍ مِنَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، لَوِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، أَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِنْ مِثْلِهِ، أَوْ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَبَدًا، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ كَلَامَ الرَّبِّ لَا يُشْبِهُهُ كَلَامَ الْخَلْقِ أَبَدًا. (تفسير ابن كثير جـ3صـ66)
قال الإمام القرطبي (رحمه الله) قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أَيْ بِالَّذِي تَأْكُلُونَهُ وَمَا تَدَّخِرُونَ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَحْيَا لَهُمُ الْمَوْتَى طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً أُخْرَى وَقَالُوا: أَخْبِرْنَا بِمَا نَأْكُلُ فِي بُيُوتِنَا وَمَا نَدَّخِرُ لِلْغَدِ، فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالَ: يَا فُلَانُ أَنْتَ أَكَلْتَ كَذَا وَكَذَا، وَأَنْتَ أَكَلْتَ كَذَا وَكَذَا وَادَّخَرْتَ كَذَا وَكَذَا. (تفسير القرطبي جـ4صـ101)
معجزة نزول المائدة :
قال سبحانه: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) (المائدة115:114)
روى ابنُ أبي حاتم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عيسى ابن مَرْيَمَ قَالُوا لَهُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَنَزَّلَتِ الْمَلائِكَةُ مَائِدَةً يَحْمِلُونَهَا عَلَيْهَا سَبْعَةُ أَحْوَاتٍ (من السمك) وَسَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ فَأَكَلَ منهما آخر الناس كما أكل منه أَوَّلُهُمْ.(تفسير ابن أبي حاتم جـ4صـ1246 رقم 7024)
روى ابنُ جرير الطبري عَنْ عَمَّارٍ بنِ ياسر قَالَ: نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ، وَعَلَيْهَا ثَمَرٌ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ، فَأُمِرُوا أَنْ لَا يُخَبِّئُوا وَلَا يَخُونُوا وَلَا يَدَّخِرُوا. قَالَ: فَخَانَ الْقَوْمُ وَخَبَّئُوا وَادَّخَرُوا، فَحَوَّلَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ. (تفسير الطبري جـ11صـ229 رقم 13014)
رفع عيسى عليه السلام حياً إلى السماء :
قال الله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء158:157)
روى ابنُ أبي حاتم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْفَعَ عِيسَى إِلَى السَّمَاءِ، خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَفِي الْبَيْتِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا مِنَ الْحَوَارِيِّينَ يَعْنِي فَخَرَجَ عِيسَى مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَقَالَ: إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يَكْفُرُ بِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِي، قَالَ: أَيُّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَلَ مَكَانِي وَيَكُونَ مَعِي فِي دَرَجَتِي، فَقَامَ شَابٌّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ عليهم فقام الشَّابُّ، أَنَا، فَقَالَ: أَنْتَ هُوَ ذَاكَ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُ عِيسَى وَرُفِعَ عِيسَى مِنْ رَوْزَنَةٍ فِي الْبَيْتِ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَبُ مِنَ الْيَهُودِ فَأَخَذُوا الشَّبَهَ، فَقَتَلُوهُ ثُمَّ صَلَبُوهُ، فَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِهِ، وَافْتَرَقُوا ثَلاثَ فِرَقٍ. فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ اللَّهُ فِينَا مَا شَاءَ ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، فَهَؤُلاءِ الْيَعْقُوبِيَّةُ (اتباع يَعْقُوبِ الْبَرَادِعِيَّ). وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا ابْنُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَهَؤُلاءِ النَّسْطُورِيَّةُ (أتباع (أتباع نَسْطُورَسَ) وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَهَؤُلاءِ الْمُسْلِمُونِ. فَتَظَاهَرَتِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ فَقَتَلُوهَا، فَلَمْ يَزَلِ الإِسْلامُ طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا عليه السلام.(إسناده صحيح) (تفسير ابن أبي حاتم جـ 4 صـ 1110)
قال الله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (آل عمران:55)
قال الإمام ابنُ كثير (رحمه الله): قوله تعالى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) قَالَ الْأَكْثَرُونَ: الْمُرَادُ بِالْوَفَاةِ هَاهُنَا: النَّوْمُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ) (الْأَنْعَامِ: 60) وَقَالَ تَعَالَى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزُّمَرِ: 42) وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إِذَا قَامَ مِنَ النَّوْمِ-: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ. (تفسير ابن كثير جـ3صـ70:69)
روى ابن جريرعَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: «صَلَبُوا رَجُلًا شَبَّهُوهُ بِعِيسَى يَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ, وَرَفَعَ اللَّهُ إِلَيْهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيًّا» (تفسير ابن جرير الطبري جـ7صـ374)
قال الإمام ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله):قَدْ رُفِعَ عِيسَى عليه السلام وَهُوَ حَيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ.(فتح الباري للعسقلاني جـ6صـ433)
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ عُمْرُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ رُفِعَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً.(البداية والنهاية لابن كثير جـ2صـ88)
صفة عيسى عليه السلام :
روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ: ” الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ (كالإخوة من أبٍ واحدٍ وأُمهاتهم متعددة) ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ (أي أن أصل دينهم واحد،وهو التوحيد،وإن اختلفت فروع الشرائع) وَإنِّي أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ (أي: وسطاً بين الطويل والقصير) إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ. (حديث صحيح) (مسند أحمد جـ15صـ1530 )
تسمية عيسى عليه السلام بالمسيح:
اخْتُلِفَ أهلُ العِلم فِي سبب تسمية عيسى عليه السلام بالمسيح على عِدة أقوال:
(1) فَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ سائحاً في الْأَرْضَ، فكَانَ يُمْسِي بِأَرْضٍ وَيُصْبِحُ بِأَرْضٍ أُخْرَى،ولَمْ يَسْتَقِر بِمَكَانٍ.
(2) رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ ، فَكَأَنَّهُ سُمِّيَ مَسِيحًا لِذَلِكَ.
(3) وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ بِدُهْنِ الْبَرَكَةِ، كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُمْسَحُ بِهِ، طَيِّبِ الرَّائِحَةِ، فَإِذَا مُسَحَ بِهِ عُلِمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ.
(4) وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ مَمْسُوحَ الْأَخْمَصَيْنِ.والأخمصُ ما لا يَمس الأرض مِن باطن الرِّجْلِ.
(5) وَقِيلَ: لِأَنَّ الْجَمَالَ مَسَحَهُ، أَيْ أَصَابَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ.
(6) وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالطُّهْرِ مِنَ الذُّنُوبِ. (تفسير القرطبي جـ4صـ95)
نزول عيسى ابن مريم عليه السلام
الحكمة من نزول عيسى عليه السلام :
(1) الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فبين الله تعالى كذبهم، وأنه هو الذي يقتلهم.
(2) نزول عيسى عليه السلام إلى الأرض، إنما هو لدنو أجله، ليدفن في الأرض.
(3) نزول عيسى عليه السلام إلى الأرض تكذيب للنصارى،وإظهار دعواهم الباطلة أن عيسى عليه السلام إله ،أو ابن إلهٍ. (التذكرة للقرطبي صـ563:562)
الأدلة على من نزول عيسى عليه السلام:
أولاً: القرآن الكريم:
هناك بعض الآيات التي تدل على نزول عيسى عليه السلام:
(1) قال الله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا). (النساء: 159)
روى ابنُ جرير الطبري (رحمه الله) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قَالَ: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
(تفسير ابن جرير الطبري جـ9صـ380ظ)
روى ابنُ جرير عَنِ الْحَسَنِ البصري, فِي قَوْلِهِ: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قَالَ: «قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى , وَاللَّهِ إِنَّهُ الْآنَ لَحَيُّ عِنْدَ اللَّهِ , وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ». (تفسير ابن جرير الطبري جـ9صـ380)
قال الإمام النووي (رحمه الله): أَمَّا قوله (ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) فَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْآيَةِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مَوْتِهِ يَعُودُ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعْنَاهَا وَمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَكُونُ فِي زَمَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَلِمَ أنه عبد الله وابن أَمَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ.(مسلم بشرح النووي جـ1صـ470)
(2) وقال سبحانه: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ. وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) . (الزخرف 61:57)
قال الإمام الشنقيطي (رحمه الله):في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) التحقيق أن الضمير في قوله: (وَإِنَّهُ) راجعٌ إلى عيسى لا إلى القرآن، ولا إلى النبي عليه السلام. ومعنى قوله: (لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم والسُّنة المتواترة – هو أن نزول عيسى في آخر الزمان حيا علم للساعة، أي علامة لقرب مجيئها ; لأنه من أشراطها الدالة على قربها.(أضواء البيان للشنقيطي جـ7صـ263)
روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ. (مسلم حديث156)
روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام، أَنَّهُ قَالَ: ” إِنِّي لَأَرْجُو إِنْ طَالَ بِي عُمُرٌ أَنْ أَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنْ عَجِلَ بِي مَوْتٌ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ. (حديث صحيح)(مسند أحمد جـ13صـ350)
(3) وقال جَلَّ شأنه: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران46:45)
روى ابنُ جرير الطبري عَن ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ تعالى: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا) قَالَ: «قَدْ كَلَّمَهُمْ عِيسَى فِي الْمَهْدِ، وَسَيُكَلِّمُهُمْ إِذَا قَتَلَ الدَّجَّالَ،وَهُوَ يَوْمَئِذٍ كَهْلٌ.» (تفسير ابن جرير الطبري جـ6صـ420)
ثانياً:السُّنَّة :
روى الشيخانِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا.) (البخاري حديث 3448 / مسلم حديث 155)
وقال الإمامُ النووي(رحمه الله): قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى): نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَتْلُهُ الدَّجَّالَ حَقٌّ وَصَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فى العقل ولا في الشَّرْعِ مَا يُبْطِلُهُ فَوَجَبَ إِثْبَاتُهُ،وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بعض المعتزلة والجهيمة وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَزَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مَرْدُودَةٌ بقوله تعالى (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)(الأحزاب:40) وقوله عليه السلام (لَا نَبِيَّ بَعْدِي) وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بَعْدَ نَبِيِّنَا عليه السلام وَأَنَّ شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لا تنسخ وَهَذَا اسْتِدْلَالُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ يَنْزِلُ نَبِيًّا بِشَرْعٍ ينسخ شرعنا ولا في هذه الأحاديث ولا في غَيْرِهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا بَلْ صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُ يَنْزِلُ حَكَمًا مُقْسِطًا بِحُكْمِ شَرْعِنَا وَيُحْيِي مِنْ أُمُورِ شَرْعِنَا مَا هَجَرَهُ النَّاسُ. (مسلم بشرح النووي جـ9صـ304)
وقال الإمامُ ابن عطية (رحمه الله): أجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه السلام في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويفيض العدل ويظهر هذه الملة ملة محمد ويحج البيت ويعتمر.(المحرر الوجيز لابن عطية جـ1صـ444)
مكان نزول عيسى ابن مريم عليه السلام:
روى مسلمٌ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام (وهو يتحدث عن فتنة المسيح الدجال و نزول عيسى عليه السلام): ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ (مرتدياً ثوبين مصبوغين بزعفران) وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ.(مسلم حديث 2137)
قال الإمام النووي (رحمه الله): قَوْلُهُ (تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ) الْجُمَانُ،بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ،هِيَ حَبَّاتٌ مِنَ الْفِضَّةِ تُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْمُرَادُ يَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ عَلَى هَيْئَةِ اللؤلؤ في صفاته فَسُمِّي الْمَاءُ جُمَانًا لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الصَّفَاءِ.(مسلم بشرح النووي جـ9 صـ297)
قال الإمام النووي (رحمه الله):قَوْلُهُ عليه السلام (فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ) هَذِهِ الْمَنَارَةُ مَوْجُودَةٌ الْيَوْمَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ.(مسلم بشرح النووي جـ9 صـ297)
قال الإمام ابن كثير(رحمه الله): قَدْ جُدِّدَ بِنَاءُ مَنَارَةٍ فِي زَمَانِنَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِ مِائَةٍ مِنْ حِجَارَةٍ بِيضٍ وَكَانَ بِنَاؤُهَا مِنْ أَمْوَالِ النَّصَارَى الَّذِينَ حَرَقُوا الْمَنَارَةَ الَّتِي كَانَتْ مَكَانَهَا،وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ الظَّاهِرَةِ حَيْثُ قَيَّضَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَاءَ هَذِهِ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ مِنْ أَمْوَالِ النَّصَارَى لِيَنْزِلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ. (عون المعبود جـ11صـ301)
إمامة المهدي لعيسى عليه السلام:
روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ:
فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ. (مسلم حديث:156)
قال الإمام ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَنَّ عِيسَى يُصَلِّي خَلْفَهُ.(فتح الباري للعسقلاني جـ6صـ433)
روى ابنُ أبي شيبة عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: «الْمَهْدِيُّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ الَّذِي يَؤُمُّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ.»(مصنف ابن أبي شيبة جـ7صـ513)
عيسى عليه السلام يقتل المسيح الدجال :
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ عليه السلام، قَالَ: ” لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمِ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ. (مسلم:2897)
كرامات عيسى عليه السلام :
روى مسلمٌ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام (وهو يتحدث عن عيسى عليه السلام ) :فَلَا يَحِلُّ (أي لا يُمْكِن) لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ (أي بصره). (مسلم حديث: 2937)
من أعمال عيسى عليه السلام بعد نزوله إلى الأرض :
روى الشيخانِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) (البخاري حديث 3448 / مسلم حديث 155)
* قَالَ الإمام الْخَطَّابِيُّ (رحمه الله) :قوله عليه السلام (وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ) أَيْ يُكْرِهُ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ، بَلِ الْإِسْلَامَ أَوِ الْقَتْلَ.(عون المعبود جـ11صـ306)
وقَالَ الإمام النَّوَوِيُّ (رحمه الله): فَلَيْسَ بِإِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ نَسْخٌ لِمَا تُقُرِّرَ بِشَرِيعَتِنَا لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِأَنَّهَا تَسْتَمِرُّ إِلَى نُزُولِهِ فتوضع فنبينا محمد بَيَّنَ غَايَةَ اسْتِمْرَارِهَا فَلَا نَسْخَ لِشَرِيعَتِهِ بَلْ هو عمل بما بينه. (عون المعبود جـ11صـ306)
عيسى عليه السلام يحكم في الناس بشريعة نبينا محمد عليه السلام :
قَالَ الإمامُ القرطبي (رحمه الله) :ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السلام يرتفع التكاليف لِئَلَّا يَكُونَ رَسُولًا إِلَى أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ يَأْمُرُهُمْ عَنِ اللَّهِ وَيَنْهَاهُمْ وَهَذَا مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ تعالى: (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)(الأحزاب:40) وقوله عليه السلام (لَا نَبِيَّ بَعْدِي) وقوله: (وَأَنَا العَاقِبُ) يريدُ آخرَ الأنبياء وخاتمهم ،وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ نَبِيًّا بشريعة متجددة،وغير شريعة محمد نبينا عليه السلام، بَلْ إِذَا نَزَلَ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أتباع محمد عليه السلام ،كما أخبر عليه السلام، حَيْثُ قَالَ لِعُمَرَ: (لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي). (التذكرة للقرطبي صـ562:561)
فَعِيسَى عليه السلام إِنَّمَا يَنْزِلُ مُقَرِّرًا لشَّرِيعَةِ نبينا محمد عليه السلام ،وَمُجَدِّدًا لَهَا،إذ هي آخر الشرائع السماوية.
إهلال عيسى عليه السلام بالحج والعمرة:
روى مسلمٌ عن أبي هريرة أن النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا (أي يَقرن بين الحج والعمرة معاً) (مسلم حديث1252)
ظهور البركات في زمان عيسى عليه السلام:
روى مسلمٌ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام (وهو يتحدث عن فتنة المسيح الدجال) ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا(القشرة)، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ(هُوَ اللَّبَنُ)، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَة (حديث العهد بالولادة) مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ (الجماعة الكثيرة) مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ(الجماعة من الأقارب) مِنَ النَّاسِ. (مسلم حديث: 2937)
روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ (وهو يتحدث عن عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ. (حديث صحيح)( ( مسند أحمد جـ18 صـ445)
موت عيسى عليه السلام:
روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ (وهو يتحدث عن عِيسَى عليه السلام): فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. (حديث صحيح) ( مسند أحمد جـ18 صـ445)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
(المصدر: موقع مداد)