مقالاتمقالات مختارة

عاقبة الظالمين وعقوبتهم

عاقبة الظالمين وعقوبتهم

بقلم د. عبد العزيز كامل

تمتلئ الأرض ظلمًا وجورًا، ورغم تفاقم جبروت أصناف الطواغيت في جنبات الأرض وتماديهم في انتهاك كل حرمات النفس والمال والعِرض.. فإن ضحاياهم من المؤمنين المستضعفين لا يكادون يرون فيهم ما يذهب الغيظ ويشفي الصدور في هذه الدنيا – إلا قليلا- فهل غفل السميع البصير – سبحانه – عن عقاب من تمرد وتجرأ وتجاسر على محادته ومعاداة أوليائه..؟! حاشا وكلا.

لنتساءل أولًا عن قدر حياة الفناء الصغيرة الحقيرة العابرة ؛ بجانب حياة البرزخ الطويلة الغابرة، التي قد تمتد لمئات أو ألاف السنين في عذاب القبر ، وما يعقب ذلك من دار بقاء تمتد لأبد الآبدين..ثم نقارن بعد ذلك بين عذاب من يُعذب ويعاقب في هذه دار العبور ، ومن يعذب أشد العذاب يوم البعث والنشور ، ثم القرار في قعر النار.. هل يستون..؟

لقد مات كثير من أكابر الطغاة الظالمين عبر التاريخ القديم والمعاصر على فُرُشهم ميتة الحمير دون عقاب ظاهر للعيان بنظر الإنسان.. فهل رأينا في دنيانا عقاب الله وانتقامه الشافي للصدور في أكثر طواغيت الأرض عجمًا وعربًا؛ مثل نابليون ولينين وستالين وأتاتورك، ومن لايزالون مؤجلين كآل بوش وترامب وبوتين وغيرهم من أزلامهم وأذنابهم من فراعنة العرب الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.. ؟! وحتى لو عُوقب بعضهم ببعض ذنوبهم ؛ فما كان ذلك ليشفي غليلاً أويُذهب الحزن إلا قليلاً..

إن هذا يدعونا إلى تأمل أو إعادة تأمل خطاب الوحي لأهل الإيمان (أهل الإيمان فحسب).. عندما يخاطبهم الله مبينًا لهم أن عقاب الآخرة التي يؤمنون بها ؛ هو أكبر وأكثر ما يشفي صدور المؤمنين ويعزيهم في مصابهم فيمن أصيبوا من أحبابهم بمصائب السجن أو القتل أو القهر وذهاب الأموال خلال أعمال الدمار وخراب الديار ..

آيات كثيرة في القرآن تحمل السلوى لأهل البلوى معزية إياهم بأن الأمر لن ينتهي بنهاية حياة الظالمين المترفين شبه سالمين في هذه الدنيا ، فتأملوا معي هذه الآيات :

* – إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ

( البروج / 10 )

* – وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ

(إبراهيم/43 )

* – فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47 ) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

( إبراهيم/ 51)

* – إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا

(الكهف / 29 )

* – وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ

( الأنعام/ 93 )

* – وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ۗ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ

(الشورى/ 54)

* – وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ

(الزمر/ 47 )

* – تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ

(الشورى/22)

* – إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

( الشورى /42)

فلا تحزنوا أيها المظلومون المكلومون في كل مكان، ولا تظنوا أن حقكم ضائع مهضوم .. فالعزيز ذو الانتقام – سبحانه – لن يُضام من أيقن بوعده للمؤمنين ووعيده للظالمين، فهم قد يُعذبون في دنيا الفناء بما نراه أو لا نراه .. ولكن الويل كل الويل للظالم في قبره ثم في أخراه ، وتأمل في هذا قول العزيز ذي الانتقام سبحانه :

(وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ

(السجدة 21 – 22 )

وهذا لا يمنع من ترقُب وترصُد وتربُص المؤمنين بعاجل هلاك الظالمين (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ)

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى