مقالاتمقالات مختارة

ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع الإسلامي في أوروبا

ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع الإسلامي في أوروبا

بقلم أبو الهدى الحوراني

في هذه المقالة أتحدث عن مشكلة كبيرة وظاهرة خطيرة جداً يتعرض لها المجتمع الإسلامي في البلاد الغربية وخاصة الواقع الأوروبي تنذر بالخطر الكبير الذي إن بقي فسوف يغير ديمغرافية المسلمين صراحةً، بسبب ما يتعرض له الشباب المسلم في أوروبا من تأخر الزواج والعنوسة حتى على مستوى الصنفين من رجال ونساء، وذلك يرجع لسلبيات كثيرة باتت تنتشر وتتفاقم في معظم الأوساط الأوروبية بين المسلمين تهدد هذا الكيان الذي إن لم ندعمه بالحلول وننقظه من السقوط، كانت عاقبته وخيمة على الصعيد الأكبر لكل المسلمين صراحةً ومن دون مبالغة.. وفي البداية أذكر هنا بعض السلبيات الخطيرة والتي فيها تأثير سلبي كبيرة يعود على الفرد والمجتمع ككل.

من هذه السلبيات التي نشأت من عدم توفر فرص الزواج:

– عنوسة كبيرة في فئات الشباب من الصنفين الذكور والإناث.
– انتشار ظاهرة المساكنة أو المصاحبة ما بين الشباب المسلم والفتيات الأوروبيات بكثرة، بعدما غاب عن هؤلاء الشباب البديل الجيد الذي ينظم حياته ويحميها من الحرام.
– انتشار ظاهرة العزلة عند الشباب، عزلة عن المجتمع والأهل والانقطاع التام عند البعض.
– كثرة التفكير في أمور الزواج والبحث عن الشريك المناسب جعلت الكثير من الشباب، يتأخر في الإنتاج على صعيد العمل والدراسة.
– الميل لأفكار أخرى قد تكون أكثر تشدداً بسبب اليأس من الحياة ورفض إحدى الفتيات أو المرور بتجربة فاشلة، وقد التقيت بشاب يفكر في الانتحار بسبب رفض فتاة أحبها.

– الميل لأمور محرمة مثل إقامة علاقة أو شهوة عابرة لكلا الطرفين، فالبعض لم يستطع الصبر إمام الشهوات العارمة والأبواب المفتوحة والمناظر التي يراها من عري في كل مكان، فتراهم سلكوا طريق الزنا، من شباب وفتيات ملتزمين ولكن كانوا ضحية أفكار شيطانية.
– الانعزال في البيوت إمام الهاتف والتلفاز مما أدى لدخول الوساوس والآفات الشيطانية إلى جسده، فانهار تماماً، وفقد الأمل والحياة الجميلة واصابته حالة صعبة الحل..
– فتيات كثر بسبب رفض الأهل ذاقت الويل بسبب رغبتها بشاب ما، دفعها الأمر لتتخطى حواجز المجتمع من عادات وتقاليد، فقفزت عليها وخرجت عنها، فإما أصبحت طريدة وإما وقعت ضحية علاقة عابرة..
– لجوء الشباب المسلم في أوروبا إلى الزواج من أوروبيات، لا شك أن في بعضه إيجابيات مثل أن هذه المرأة قد تسلم وتدخل في الإسلام، ولكن من سلبياته الكثيرة المشاكل التي تحصل في المستقبل، فيضيع فيها الأولاد من حيث الدين، وتصبح بذلك تلك الحالات مؤثرة على الشباب المسلم الذي لن تعجبه فيما بعد أي فتاة عربية ملتزمة.

وغير هذه السلبيات الكثير صراحةً مما نراه ونسمعه ونعاينه كل يوم أو يأتينا كرسائل تطلب الحل.. فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الخطر الذي بات يهدد كل عائلة سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر! لابد لنا أن نستعرض أسباب التأخر في الزواج في المجتمع الإسلامي داخل أوروبا ونحاول حلها قبل تفاقم الأزمة.

أسباب تأخر الزواج:

أولاً: غلاء المهور مما يجعل الزواج يتعسر أو يتعذر على كثير من الشباب فيتأخر الزواج لذلك وهذا خلاف ما شرعه الله من تخفيف المهور قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة” رواه أحمد. فأغلب الشباب المسلم حديث عهدٍ بأوروبا لم يتكون بعد في مجال العمل والدراسة ويحتاج وقته، وكم ما عائلات مهورها خيالية لا ترضي الله.

ثانياً: تعنت أولياء المرأة وعدم تزويجها مع تقدم الكفء لها ورضاها به، وهذا محرم نهي الشرع عنه قال تعالى: “فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ”، مما يدفع ببعض البنات للخروج على تقاليد العائلة.

ثالثاً: عزوف الشباب عن الزواج وتسويفهم له لارتباطهم بعلاقات محرمة أو صداقات أو رغبتهم في الحرية وعدم الالتزام بالمسؤولية أو غير ذلك من القناعات الفكرية التي لا تسوغ شرعا ولا يجوز الاعتماد عليها.

رابعاً: تأجيل أهل المرأة تزويج البنت لأسباب واهية ومبررات غير مقنعه كسن الفتاة ما زالت صغيرة وهي فوق العشرين، وتعليمها أو حصولها على وظيفة وهي في سن فوق الثلاثين والأربعين حتى، مما يكون سببا لحرمان الفتاة وعنوستها.

خامساً: امتناع بعض الفتيات عن الزواج لمفاهيم خاطئة وأفكار مثالية سعيا وراء الأمل المنشود وفارس الأحلام، وكل ذلك خيال قل أن يتحقق في الواقع، وكم من فتاة ندمت أشد الندم على فوات شبابها، والواجب على الفتاة عند خطبتها التعقل والمشاورة والاستخارة والموازنة بين المصالح والمفاسد والتركيز على توفر صفة الدين والخلق في الشاب، لا أن تبحث فقط عن العيون الخضراء والشعر الأشقر.

سادساً: كثرة الشروط من قبل الفتاة وأهلها، وتضخيم الجانب المادي والغنى في اختيار الزوج والرضا به وعدم الاهتمام في الصفات المهمة الأخرى كالدين والخلق والكفاءة، والشارع اعتبر في الزوج خصلتين عظيمتين قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” رواه الترمذي. فتجد بعض الآباء والأهل لديهم عنصرية بغيضة أكثر من الأجانب، فيسألون العريس بماذا أتيت من بلادك؟ بطائرة أم تهريب؟

سابعاً: انتشار البطالة بين شباب المسلمين وقلة الفرص الوظيفية أو ضعف الدخل لدى الشاب العامل مما يجعله غير قادر على فتح بيت وتكوين أسرة، هذا في العام، وأن انتفت هذه الحجة، ظهر لها ند مما ذكرته في الأعلى وانتشار حالة أنا لا أزوج ابنتي من شاب من غير محافظتي، فترى الدمشقي لا يزوج الحلبي، والحلبي لا يزوج الدرعاوي، والسوري لا يعطي العراقي، والعراقي يرفض المصري وهكذا من طائفية.

ثامنا: الإعلام الفاسد المتأثر الذي يبث لأبناء المسلمين أنماطا اجتماعية بعيده عن روح الإسلام وآدابه مما يجعل الفتى والفتاة يتروون جدا في قرار الزواج المبكر في الوقت الذي ينساقون وراء العلاقات الغير شرعية والأماني الكاذبة.

تاسعاً: ارتباط بعض الشباب بعلاقات غير شرعية والجري وراء الشهوات المحرمة والاغترار بسراب الحب الكاذب وهذا من أعظم الفتنة، فتجد الفتاة لا تتزوج إلا عن قصة حب وكذلك الشاب.

عاشراً: انتشار حالات الطلاق والانفصال الكثيرة بين الجالية المسلمة خصوصاً مؤخراً مما يزيد في الشرخ، فتجد الكثير من الشباب بات بأخر الزواج ظناً منه أن كل النساء عندها خيانة، باتت بعض النساء تظن أن كل الرجال فاسدين وهذا مفهوم خاطئ، يرجع فقط لسوء الاختيار، أو قلة الدين.

إحدى عشر: الخوف من المستقبل والوقوع في أخطاء الغير، جعلت أيضا بعض الشباب يعتزل الزواج، فبعضهم تركته خطيبته لما وصلت المطار، والبعض طلبت له الشرطة، فترى الشباب يعزفون عنه، ولست أقول ان الشباب بريئة، فهناك بعض الرجال فاسدين كما أن هناك بعض النساء فاسدات، كانوا سبباً في تغيير أفكار الغير.

هذا في المجمل من الأخطاء الشائعة والسلبيات الكثيرة التي يتعرض لها الشباب المسلم في أوروبا صراحةً نتجت عنه آفات كثيرة تنذر بتقويض المجتمع الإسلامي داخل أوروبا. وبسبب كثرة المشاكل الزوجية وحالات الطلاق نتج أيضا بعض المفاهيم الخاطئة منها: من الأقوال الخاطئة الشائعة قولهم (أمشى في جنازة ولا أمشى في جوازه)، والتوفيق بين نفسين في الحلال من أجل الأعمال ومن الشفاعة الحسنة وتفريج الكرب عن المسلم قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: “أشفعوا تؤجروا”.

مفهوم خاطئ آخر لا يمت للإسلام وأهله بصلة ينتشر عند بعض الفتيات وهو أن الزواج لا يكون ناجحا إلا إذا سبقه حب بين الطرفين مما يستدعى إقامة علاقة لفترة طويلة يتعرف كل واحد على الآخر ويفهم شخصيته ويقع في شراك حبه، ولا شك أن هذه العادة محرمة في الشرع وكثير من هذه العلاقات باءت بالفشل بعد أن اطلع كل واحد على عيوب الآخر، وربما كان فيها واقعة حرام وللاسف حدثت كثيرا دون علم الأهل. نسأل الله أن يصلح شبابنا وأن يزوج عزابنا وأن يصون أعراضنا.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى