صيام ستة أيام من شوال
بقلم د. زغلول النجار
من سنن المصطفى ﷺ إتباع عيد الفطر مباشرة (أو على التراخي) بصوم ستة أيام من شهر شوال، وذلك لقوله الشريف: “من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر”، (صحيح مسلم).
والصوم من أحب العبادات إلى الله تعالى، لأنه لم يعبد بالصيام أحد سواه، ولذلك قال في الحديث القدسي الذي يرويه المصطفى ﷺ عنه جل جلاله: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)”، والصيام ليس مقصورا على صوم رمضان وهو فريضة، فهناك صوم الكفارات، وصوم النذر، وصوم التطوع.
هذا، وقد جاء ذكر الصيام ثلاث عشرة مرة في القرآن الكريم، في إحدى عشرة من آياته، موزعة في ست من سوره كما يلي:
1. سورة البقرة (183 ـ187) عن صيام شهر رمضان.
2. سورة البقرة (196) عن صيام كفارة التحلل من الإحرام للمحصر، إذا لم يكن قد اشترط في نية الحج أو العمرة.
3. سورة النساء (92) عن صيام كفارة القتل الخطأ للمؤمن شهرين متتابعين، إذا لم يستطع القاتل بالخطأ تحرير رقبة مؤمنة ودفع الدية لولي المقتول.
4. سورة المائدة (95,89) مرة في الصوم كفارة لليمين، وأخرى كفارة لقتل الصيد أثناء الإحرام بالحج أو بالعمرة أو بهما معا.
5. سورة مريم (26) بمعنى الامتناع عن الكلام، وهي خصوصية كانت لكل من عبد الله ونبيه زكريا، وابنة عديله السيدة مريم ابنة عمران عليها من الله الرضوان.
6. سورة الأحزاب، وجاءت الاشارة فيها إلى الصائمين والصائمات لكل من الفرض والنوافل.
7. سورة المجادلة، وجاءت الإشارة فيها إلى الصيام كفارة للظهار.
وقد رغَّب رسول الله ﷺ في صيام التطوع في أحاديث كثيرة منها ما يلي:
(1) عن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله ﷺ فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة، قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له، ثم أتيته الثانية، فقال: عليك بالصيام”، (أحمد والنسائي).
(2) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ”لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا”، (رواه الجماعة من أئمة السنة).
(3) وعن سهل بن سعد أن النبي ﷺ قال: “إن للجنة بابا يقال له: الريان، يقال يوم القيامة أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب”، (البخاري ومسلم).
ومن صيام التطوع الذي سنَّه المصطفى ﷺ:
* صيام ستة أيام من شوال: فعن أبي أيوب الأنصاري أن النبي ﷺ قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر”.
* صوم العاشر من ذي الحجة وتأكيد صوم يوم عرفة لغير الحاج: فعن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: “صيام يوم عرفة يكفر سنتين: ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يفكر سنة ماضية”.
* صوم الثلاثة الأيام البيض من كل شهر قمري: عن أبي ذر الغفاري: أنه قال: أمرنا رسول الله ﷺ أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هي كصوم الدهر”، (النسائي وابن حبان).
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سئل رسول الله ﷺ أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: الصلاة في جوف الليل. قيل: ثم أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: شهر الله الذي تدعونه المحرم”، (أحمد ومسلم وأبو داوود).
* عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان”، (البخاري ومسلم).
* وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”، (داود والنسائي).
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس، فقيل له (أي سئل عن الباعث على ذلك): فقال ﷺ: إن الأعمال تعرض كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل مسلم أو لكل مؤمن، إلا المتهاجرين، فيقول: أخرهما”، (الإمام أحمد).
وفي صحيح مسلم أنه ﷺ سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه، وأنزل علي فيه (أي نزل الوحي علي فيه).
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)