مقالاتمقالات مختارة

صورة من واقع الصراع العلماني الإسلامي (الأحزاب الإسلامية)1

صورة من واقع الصراع العلماني الإسلامي (الأحزاب الإسلامية)1

بقلم صهيب مقداد

تُعد التجربة التركيا مثيرة للإهتمام والحالة السياسة التي عاشتها تركيا إنقسمت لمرحلتين أساسيتين:

-مرحلة الحزب الواحد.

-مرحلة التعددية الحزبية.

-مرحلة الحزب الواحد: حزب الشعب الجمهوري

فمنذ تأسيس الجمهورية التركيا الحديثة عرفت تركيا بكثرة الإنقلابات العسكرية وانعزلت عن ماضيها(العثماني) وعن صلاتها بالدول العربية، وضل الحزب الذي أسسه كمال أتاتورك تحت مسمى حزب الشعب الجمهوري ويختصر (CHP)
هو الحزب الحاكم والوحيد في الساحة السياسية التركيا؛ ومن شاء أن يمارس السياسة ويدخل في المعترك السياسي عليه الإنضمام فقط لحزب الشعب، المعروف أنه الحامي للمبادئ الأتاتوركيا، وهو بذلك أقدم حزب سياسي تركي.

يُعرّف الحزب نفسه على أنه: حزب يساري علماني،(أ) تأسس عام 1923، وضل حزب الشعب هو الحزب الوحيد في الساحة السياسية حتى انتخابات عام 1950 م، والتي خسرها أمام الحزب الديمقراطي

-مرحلة التعددية الحزبية:

إمتازت الأحزاب الإسلامية في تركيا بالإصرار على المشاركة في الحياة السياسة رغم ما تعرضت له من حظر لأكثر من مرة وإنقلابات عسكرية أودت ببعض رؤساء الأحزاب للإعدام والبعض بالحسب والتهديد بحل الحزب والنفي خارج تركيا ومنعهم من ممارسة السياسة، والمقصد هو ترعيب كُل من يفكّر في تغيير مسار تركيا الأتاتوركيا وإلى جانب الإصرار فقد كانت الأحزاب تعرف نفسها ضمن نظامها الداخلي ومبادئها على أنها أحزاب ديمقراطية أو علمانية فوضع عبارة “حزب إسلامي” وحدها كفيلة بأن يموت الحزب قبل أن ينشأ، وكان أول الأحزاب الفائزة في أنتخابات 1950 بديلًا عن حزب أتاتورك الحزب الديمقراطي.

-الحزب الديمقراطي: أسس الحزب في تاريخ 7 يناير 1946 م. أسس الحزب كل من: جلال بايار، عدنان مندريس، فؤاد كوبرولو، رفيق كورالتان.

في انتخابات عام 1950 فاز الحزب الديمقراطي بأغلبية ساحقة ناهيًا بذلك عهد طويل من تولي حزب الشعب للمشهد السياسي بشكل منفرد، وتعتبر هذه الانتخابات من أعظم نقاط التحول في تاريخ تركيا الحديث، وقد تعمد عدنان مندرس في الكلمة الإفتتاحية أمام المجلس الوطني عدم ذكر إسم كمال أتاتورك، كما أنه وصف في غير مرة حزب الشعب الجمهوري على أنه شبيه بنظام ستالين وأنه منظمة فاشية.(ت)

يعتبر أشهر شخصيات الحزب رئيس الوزراء عدنان مندريس الذي خرج من تحت عباءة حزب أتاتورك ليتحداهم، لم يُعرّف مندريس نفسه على أنه إسلامي، كذلك حزبه لم يقدم نفسه على أنه حزب إسلامي، غير أن مندريس قدم وعودًا للشعب التركي بالتخفيف من الإجراءات العلمانية الصارمة، ومن هذه الإجراءات: تغيير الأذان من اللغة العربية للتركيا.
وقد أوفى بوعده وألغى الإجراء وأعاد الأذان للغة العربية، إضافة إلى إلغاءه قرارات بإغلاق مدارس دينية، لترتفع التحذيرات من قبل العلمانيين وأعتبار مندريس يحاول أسلمة الدولة لتشهد تركيا أول أنقلاب عسكري في تاريخها نتيجته إعدام رئيس الوزراء(ث) ليلقب مندريس بشهيد الأذان بعد إعدامه في عام 1960 م.

وقد مهد عدنان مندريس الطريق لمن خلفه بفسح المجال للجماعات الإسلامية بتأسيس الأحزاب والدخول في الصراع السياسي وخوض الحرب عبر صناديق الإقتراع والإنتخابات ومع أن مندريس لم يعرف نفسه على أنه إسلامي لكنه كان حجر الأساس لعودة الإسلاميين للساحة السياسية وأسفين دُق في حنجرة الكماليين بعد زمن طويل من التطرف العلماني، ونجاح حزب مندريس في الإنتخابات بأغلبية ساحقة هو إثبات أن الشعب التركي لم تنطفئ فيه شمعة الإسلام رغم مرور قرابة الربع قرن على وقوعهم تحت سندانة العلمنة.

وأما عن تحول تركيا من الحزب الواحد للتعددية الحزبية فكان السبب الأساسي هو سعي تركيا للتحالف مع الولايات المتحدة والدخول في حلف الناتو والأتحاد الأوروبي الذي وضع قوانين وشروط على تركيا لقبولها، وهي شروط تَحد من سلطة المؤسسة العسكرية وأن تسعى تركيا نحو الديمقراطية، حيث أن حلف الناتو جعل الانتقال نحو الديمقراطية والتعددية الحزبية شرطًا ضروريًا لقبول تركيا في الحلف(ب) وهذه الورقة ضغطت من خلالها الأحزاب على الجيش لتخفيف وطئت تدخله في المشهد السياسي، والتخفيف من حدة التطرف العلماني الذي يتنافى مع طبيعة الشعب التركي ذو الجذور الإسلامية.

المصادر:

أ- الأحزاب السياسية والحالة الديمقراطية في تركيا، مظهر الصفاري، صفحة 13.

ت-السف والهلال، الصراع بين المؤسسة العسكرية والإسلام السياسي، رضا هلال، صفحة 98.

ث-المصدر السابق، صفحة 110.

ب-دور الانتخابات في الحياة السياسية التركيا، محمود عثمان، ترك برس.

(المصدر: موقع البوصلة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى