بسم الله الرحمن الرحيم، المحصي كل شيء عددا، والمحيط بكل شيء رحمة وعلما.
وبعد:
فنقدم للمختصين والباحثين والمهتمين العدد الثالث من تقرير الحالة العلمية الإسلامية بالمغرب لعام 2015، بعد أن قدمنا لهم تقرير عام 2014، وتقرير عام 2013.
ونحسب أن العدد الحالي أجود وأحسن من العددين السابقين، كما وكيفا.
فمن حيث الكم، تضاعفت صفحات التقرير الحالي مقارنة بما سبق، وهي زيادة لها أسباب متعددة:
– منها تمكن فريق التقرير من الحصول على معطيات أكثر ومصادر أكثر، واكتسابه خبرة وتراكما في التعامل مع المعطيات والمصادر، والاستفادة منها أحسن فأحسن.
– ومنها إضافة قسم جديد للتقرير، هو قسم مراكز البحث العلمي بالمغرب لتصير الأقسام خمسة، بعد أن كانت أربعة، وفي تقديم القسم الجديد تفسير للأسباب الداعية للإضافة.
– ومنها إضافة مقدمات لكل قسم من الأقسام الخمسة، وهو الأمر الذي لم يكن في التقريرين السابقين حين صدرا بمقدمة تحليلية واحدة لكل منهما.
– ومنها تجاوب بعض المؤسسات العلمية – جامعات وكليات وشعب ومراكز وغيرها–إضافة إلى باحثين وعلماء وطلاب ومهتمين. وفي هذا السياق ينبغي أن ننوه بهذا التعاون والتجاوب، ونشكر الذين قاموا به مع الفريق مثل مؤسسة دار الحديث الحسنية ورؤساء شعب الدراسات الإسلامية والأساتذة بوجدة ومراكش وفاس وأكادير والرباط وتطوان ومكناس.. ومؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء ومراكزها، ومكتبة الألفية الثالثة، ومكتبة دار الأمان بالرباط، ودار الكلمة بمصر، ودار المقاصد بتركيا ومصر..
أما من حيث الكيف، فقد ابتعد التقرير الثالث عن نقائص وآفات شابت التقريرين السابقين، وحافظ على المحاسن والمكتسبات وزاد في حسنها..
كما التزم التقرير بالموعد السنوي الذي أخذه على نفسه أول مرة، وهو الخروج من المطبعة قبل موعد المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، المنظم عادة في شهر فبراير، ليحضر الموسم ويتعرف عليه ويستفيد منه أكبر عدد ممكن من القراء والمتتبعين في وقت مبكر من صدوره.
ومن حيث الكيف أيضا، غابت عن التقرير الحالي الإصدارات المتعلقة بمجالات كانت حاضرة في التقريرين السابقين، مثل مجال التاريخ واللغة العربية،حيث اكتفينا منهما بما يمكن اندراجه في الدراسات الإسلامية، التي هي ميدان تقريرنا السنوي.
أما من حيث المحتوى، فقد سعى كل تقديم من تقديمات الأقسام إلى تسجيل ملاحظات تخص القسم ومجالاته، فلتنظر هناك.
ونكتفي هنا بتقديم الملاحظات العامة التالية:
1- يسجل ظهور واضح للتصوف في الأقسام كلها، إذ يتصدر لوائح التأليف والكتابة والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والسجال العلمي وحتى البحث العلمي. وهذا له علاقة وطيدة بالتدافع العام الواقع في الأرض كلها: بين الروحي والمادي، والتدين واللاتدين، والتسيس واللاتسيس، والتسلف والتفلسف، والعقلاني والوجداني… ونترك التحليل والتشخيص والاستنتاج لأهل الخبرة والاختصاص.
2- لا تردد في الحكم بأن المغرب يعرف خصوبة وريادة فكرية مشهودا بها، إذ تتكثف وتتألق فيه الندوات والمؤتمرات والملتقيات والتكوينات والمؤلفات والمناقشات، مما يتعذر حصره، واكتفينا منه بالأهم وبما استطعنا الوصول إليه والحصول عليه، كما أن “الدماغ” المغربي مطلوب بالخارج كتابة وتأليفا وتدريسا وتكوينا.. وهذه مزية تحسب للمغرب والمغاربة بعد أن كانوا مغمورين ومهمشين بسبب جاذبية المشرق وهامشية المغرب. المغرب اليوم يتخلص من هامشيتة ويثبت جاذبيته.
3- نسجل كذلك أمرا أصبح واضحا ظاهرا للعيان، ويحتاج إلى تشخيص وتعليل، وهو ضعف انخراط العلماء والباحثين والمفكرين في السجال العلمي بوسائل الإعلام، إذ عندما تثار قضية من القضايا العلمية والفقهية ويقوم حولها صخب إيديولوجي عنيف وغبار سياسي كثيف،نجد في “المعركة” من كل الأصناف، ولكن يبقى الناس يتساءلون عن موقف “جمهور العلماء”. ولا يقولن معترض إن المتغيبين عن “المعركة” مقيدون أو محبوسون، وإلا فلماذا يكثر عددهم ويزيد رفدهم في أنواع معينة من الندوات والمؤتمرات والمحاضرات داخل المغرب وخارجه، ولماذا مؤلفاتهم وكتبهم ومقالاتهم تطبع وتنشر، في حين لا طبع ولا حضور ولا كلام عندما يحمى الوطيس؟!
4- ذكر التقرير في قسم المؤلفات أن التأليف ضعيف جدا في مجال الاقتصاد الإسلامي وأن عدد الكتب لا يزيد على رؤوس أصابع اليد الواحدة، في حين أن قسم الندوات والمؤتمرات سجل عددا كبيرا من الملتقيات والمحاضرات في المالية التشاركية والأبناك البديلة. كما أن قسم الماستر والدكتوراه ذكر عددا من ماسترات التكوين وعددا من رسائل الدكتوراه في هذا المجال، فما تفسير ذلك؟
التفسير الأكثر قبولا قد يكون هو أن التنزيل العملي للبنوك التشاركية واحتكاكها بالواقع هو الذي سيحرك عجلة التأليف المواكب للتجربة سواء رصدا وتاريخا، أو نقدا وتوجيها، إذ من المعلوم سلفا أن التكوين القبلي مكثف في الماسترات والملتقيات، ولا يمكن الحكم على الوليد إلا بعد مولده وحبوه ومشيه. وأما الندوات والدورات التدريبية، فهي تمثل حاجة آنية عاجلة لكل الأطراف المعنية بالموضوع، بمن فيهم الباحثون عن فرص عمل أو ترقية… إضافة إلى كونها أيسر من إعداد المؤلفات العلمية.
بقيت المناشدة التي أصبحت كاللازمة في هذه التقارير، نوجهها ونكررها سنويا لكل من بأيديهم معلومات وأخبار وإفادات وتقارير، عن الأنشطة والإنتاجات العلمية في مجالات هذا التقرير، سواء كانت لأشخاصهم أو لمؤسساتهم، ألا يبخلوا علينا بها، وإنما نحن وسائط ووصائل لفائدة العلماء والباحثين وطلاب الدراسات العليا. وفي النهاية: فنحن إنما نسعى إلى خدمة التقدم العلمي لبلدنا ولأمتنا.
والآن: نحن ننتظر منكم مساعدتنا وتزويدنا بكل ما يخص سنة 2016.
وبالله تعالى التوفيق، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
حسن السرات – منسق فريق تقرير الحالة العلمية الإسلامية بالمغرب.