مقالاتمقالات مختارة

شيطنة الفلسطينيين لتجميل التطبيع

شيطنة الفلسطينيين لتجميل التطبيع

بقلم أحمد الشيبة النعيمي
من الأمثال السائدة في الأدب العربي مثل يقول: من أساء استوحش”. ويمكن أن نضيف إلى هذا المثل أن من استوحش توحش، ومن يسيء إلى القضية الفلسطينية يستوحش من مشاعر الاستياء عند الضحايا ويتوحش عليهم؛ لأنه يدرك أنهم ضحايا غدره وخيانته لقضيتهم، والتي هي قضية كل مسلم وكل عربي، بل وقضية كل إنسان حر يكره العنصرية ويكره فاشية اغتصاب الأرض بالقوة، ومصادرة حقوق الملايين وفرض منطق الاغتصاب وشرعنته.

ومن تحيط به مشاعر الغضب والنبذ لتصرفه الخائن والغادر يحاول تبرير غدره بشيطنة أصحاب الحق وتشويه صورتهم، وتسخير الإعلام والذباب الإلكتروني للنيل منهم وتعييرهم بالعجز والضعف واتهامهم بالخيانة، بمقابل الإشادة بالمغتصبين وتجميل مخالبهم وشرعنة الاحتلال بالتطبيع المهين.

فبين ليلة وضحاها اكتشفت أنظمة التطبيع في مواخير صفقات الخيانة أن المشكلة هي في الشعب الفلسطيني، وليست في الاحتلال الصهيوني، وأن هذا الشعب يتشبث بأرضه وحقوقه، ويرفض الإبادة والتهجير القسري ومشايعة أنظمة التطبيع على تصفية قضيته التي هي قضية المسلمين والعرب الأولى.

وفي مقابل شيطنة الفلسطينيين بدأ تلميع الصهاينة عبر القنوات ووسائل الإعلام وعبر الدراما وبواسطة الذباب، وظهرت برامج تستضيف شخصيات عربية اللسان صهيونية التفكير؛ تزعم بكل وقاحة بأنه ليس هناك شيء اسمه فلسطين، وأن فلسطين ملك للصهاينة، وأصبحت وسائل الإعلام الصهيونية تنقل البرامج والمسلسلات التي تبث من قنوات إماراتية لتقول للعالم هكذا يتحدث العرب أنفسهم عن الفلسطينيين، ويؤكدون أننا لسنا محتلين وأن المشكلة في الفلسطينيين أنفسهم.

كلما تزايدت حملات التشويه المتعمد للفلسطينيين والتجميل للصهاينة تبين أن وراء هذه الحملات خيانات جديدة في الطريق وانبطاح جديد للصهيونية، ومؤامرة قادمة يتوهم بعض المتاجرين بقضايا الأمة أنها ستنطلي على الأمة بخزعبلاتهم وترهاتهم، ويظنون أن أجواء القمع التي فرضوها على الشعوب بعد إشاعة الحروب والدمار والفتن سوف تنجح في تكبيل الشعوب إلى الأبد.

وفي حقيقة الأمر هذه الأنظمة لا تشوه الفلسطينيين بقدر ما تشوه نفسها، وتفقد مصداقيتها وتخسر كل ما يربطها بالأمة وقضاياها، وكل ما يمنحها شرعية الوجود كسلطات ممثلة للشعوب؛ تدافع عن خيارات الشعوب وقضاياها وهويتها ومقدساتها. وفي عالم السياسة تأتي تغيرات مفاجئة فتقلب موازين القوى رأساً على عقب، وتجد فيها الأنظمة نفسها عارية من أي إسناد شعبي أو خارجي، بعد أن يستهلكها الاستعمار ويشعر أنها فقدت قدرتها على تحقيق المزيد من التنازلات، ويرميها كما يرمي الحذاء القديم ليستبدله بحذاء جديد يواجه به التحديات الجديدة، بعد أن يحرق كرت الخونة السابقين.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى