شبابنا وفقدان الهوية الأسباب والعلاج (1-2)
بقلم يسري المصري
من المعلوم سلفاً أن الشباب هم عماد الأمم وطليعة مستقبلها ومنهم وإليهم يأتي النصر والتمكين، ولهذه الشريحة أثرها العظيم في بناء الأمة، فضلا عن مجابهة الظالمين وإزالة كيدهم وتثبيت الهوية بسواعدهم القوية.
لكن وبوضوح شديد هذه الهوية قد فقدت أو إن شئت فقل: “ضاعت” في ظل موجة إلحادية قوية، وموجات من الشهوات والماديات موجهة في الأساس لهذه الشريحة الكبيرة والمتسعة والممتدة بشكل كبير.
ونحن -برغم أوجاعنا الكبيرة- إلا أن فقدان الهوية يعد من أعظم أوجاع أمتنا، وبالرغم من أن الموضوع يبعث على الحزن إلا أن واجب الكلمة وحتمية النصح وعظمة الأمر بالمعروف قضى على كل صاحب قلم أن يكتب مبيناً وناصحاً، عسى أن يفتح الله بكلماته آذاناً وعقولاً أصمها المكر المركب لكل من يريد لهذه الشريحة أن تظل في مواطن الفتن والضياع، لذلك سنحدد الأسباب الفاعلة ونَصِفُ الدواء وفق قناعتنا بأهمية وحتمية أن يسترد الشباب هويتهم التي ارتضاها الله لهم.
أولاً/ إعلام التزييف والتضليل
إن أول الأسباب الطبيعية لفقدان الهوية عند شباب أمتنا تكمن في الرسالة الخبيثة للإعلام، ولا يخفى على عاقل أن كل منصات التواصل أو الأغلب منها تحت سيطرة الغرب، وإن شئت فقل اللوبي اليهودي، فاليهود وأذنابهم ممن يتبنون نفس المسار التخريبي لعقول الشباب، وقديما قالوا: “كأس وغانية يفعلان بأمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع”.
واليوم… الإنترنت مفتوح على مصراعيه والآلاف من المواقع الإباحية والإلحادية بمثابة سهم مسموم يستهدف عقول وقلوب شبابنا، لذلك فالأمر جد خطير ولا يدعو للقعود أو الركون، بل لليقظة ومعالي الأمور وفضح هذه المخططات وتعرية أبطالها.
ثانياً/ إثارة النعرات والطعنات
إن العقيدة كانت ولا تزال في مرمى أعداء أمتنا؛ لأنها صمام القوة والعودة بأمتنا لتاريخها التليد، وبطولات شبابها، وهل كان “محمد الفاتح” إلا شاباً فطن لحقيقة دوره، وعظم رسالته وهويته، فاستعان بربه وقوّى إيمانه به، فخلد دوره واسمه وسيرته وما كان ذلك إلا بالاعتصام بالعقيدة قولاً وعملاً.
فالحرب على العقيدة والعمل على زعزعتها في صدور الشباب، عبر تعميق النزاعات والصراعات الفكرية والطعن وإثارة الشبهات وتفخيمها مع التركيز على بريق الإلحاد والكفر كما نرى هذه الأيام، كل هذه الأمور من أهم أسباب فقدان الهوية عند شبابنا.
ثالثاً/ الحرب على تاريخنا ورموزنا
إن الحرب المعلنة وغير المعلنة على التاريخ الإسلامي، والطعن في رموزه كل فترة، تارة يطعنون في الإمام البخاري، ثم يطعنون في الصحابي خالد بن الوليد، وأخرى في أم المؤمنين عائشة يصاحب ذلك خيمة تظلل لهم في استديوهات الضرار في عدة أماكن وأبواق ابن سلول، تتحدث وتزعم أن المقصد تنوير وتحديث وهو في الأصل مكر خبيث، لذلك فإن شبابنا ومن هول ما يرى ويسمع فإنه -ودون أن يشعر- تنسلخ عنه هويته، بل ويردد تلك الأباطيل ظنا أن هذا هو التطور والوعي، والكثير من الكلام الرنان الذي لا قيمة له.
رابعاً/ استهداف العقل الشبابي
إن العمل على تغييب الشباب، وتحديداً تعمد تغييب الوعي الديني بشموله من سياسة وثقافة وفكر سليم، وتحقير ذلك في المنابر والمنصات وفي نفس الوقت التعظيم للأفكار الهدامة وإظهار أصحابها على أنهم رواد ونجوم وأهل رأي ونبوغ، يقيناً من أهم أسباب فقدان أو ضياع الهوية عند شباب أمتنا الثكلى، التي عانت ولا تزال تعاني بسبب عدم اهتمام شبابها بها أو إن شئت فقل: غياب الطريق في زحمة الأفكار.
خامساً/ البطالة والفقر
إن البطالة المنتشرة في عالمنا العربي بشكل خطير هي أيضاً من أسباب ضياع الهوية، وإن شئت فقل -وبلا خجل- إن الفقر الموجود هو رأس حربة في هذا الضياع، “لو كان الفقر رجلا لقتلته” كما نسب إلى الإمام على بن أبي طالب -رضي الله عنه- فدوره شديد الأثر، فهو باب للفساد والإفساد بشتى جوانبه، والغاية هي جمع الأموال أو عدم الاحتياج للناس، وسواء كان المسلك حلالاً أو حراماً لكنه إجمالا باب شر شديد خبيث الآثار والنتائج.
ختاماً
الكل مسئول عن ضياع الهوية عند الشباب، الحاكم المستبد مسئول؛ لأنه يدرك خطورة أن يعي الشباب دورهم ورسالتهم، والقائد الدعوي غير المتفاهم والمستوعب للشباب مسئول، والمدير المتغطرس في عمله مسئول؛ لأنه يقلل من قدر الشباب.
وبدون شك فإن الإعلام الفاسد مسئول، والأب الذي لا يسأل عن ابنه وهو ممسكٌ بالهاتف المتصل بالإنترنت مسئول، كلنا مسئول، وكلنا سنحاسب، فكلم راع وكلم مسئول عن رعيته.
ويبقى السؤال: ما هو العلاج وسبل النجاة؟ هذا ما سنناقشه في المقال القادم.
(المصدر: موقع بصائر)