سيرة العلامة والمجاهد، مؤسس جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية ثابت داموللام
ولد الشيخ ثابت بن عبد الباقي داموللام عام 1883 في قرية آزاق بمدينة آرتوش. حصل على تعليمه الديني من الشيخ أعلم آخونوم. ودرس العلوم الإسلامية في مدرسة خانليق في كاشغر المعروفة ببخارى الصغرى.
ذهب إلى بخارى لمواصلة تعليمه العالي في عام 1910، بطلب من الشيخ عبد القادر دامولام، ومحمود آخون داموللام، في طريق عودته بعد تخرجه في عام 1914، ذهب إلى مدينة إيلي (شمال تركستان الشرقية) وتزوج مع السيدة رابية، ابنة إسماعيل حاجي من أعيان مدينة سويدونغ. بعد بضع سنوات، عاد إلى كاشغر بسبب الأحداث التاريخية، وأصبح مدرسًا في مدرسة خانليق بكاشغر التي درس فيها، وهي المدرسة التي أسسها الشيخ عبد القادر دامولام وزميله شمس الدين دامولام، وعملوا معا لتوعية الناس ومحاربة الجهل والبدع المتفشية آنذاك في البلاد.
بعد اغتيال الشيخ (الشهيد بإذن الله) عبد القادر دامولام عام 1924، كان الهدف الثاني للمتآمرين ثابت دامولام. إدراكًا ذلك، عاد الشيخ ثابت دامولام إلى مدينة إيلي في عام 1925 بحجة الذهاب إلى الحج، وبمساعدة من المستنيرين والمتعلمين في إيلي، نشر كتابه الأول في السيرة النبوية “شيرين كالام”، ثم نشر الطبعة الثانية له بعد عدة سنوات في الهند.
منذ أن درس ثابت دامولام العلوم الدينية وكذلك الآداب التركية والعربية والفارسية، كان يلقي دروسا ويؤلف كتبا ويكتب الشعر أحيانًا بعدة لغات. ابتداء من عام 1927، شرح “تفسر القرآن الكريم” في مسجد دنغ لجماعة المسجد في مدينة إيلي، واستمر لمدة ثلاث سنوات. في نفس الوقت ألف كتبًا كثيرة منها “الشريعة الإسلامية” و “شرح ألفية بن مالك” و”العقائد الجوهرية” و”بيان السنة”.
في عام 1930 التقى بالزعيم ومؤلف كتاب تاريخ تركستان الشرقية محمد أمين بوغرا، وهو من محافظة قاراقاش في خوتان، عندما جاء إلى غولجا لمراقبة الوضع، لكنه سافر من خوتان تحت ذريعة التعلم من السيد مراد في تورفان. في خريف ذلك العام، بدأ الشيخ ثابت دامولام رحلة الحج برفقة مئات الأشخاص الذين جاءوا من آرتوش وكاشغر، وأخذ ابنه عبد الله البالغ من العمر اثني عشر عامًا وانطلقوا إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج.
في ربيع عام 1931، وبعد أداء فريضة الحج، ودع الشيخ ثابت الجميع إلى تركستان الشرقية وبقي بمكة المكرمة للتوسع في العلوم الإسلامية وأجرى أبحاثًا ومحادثات علمية في المملكة العربية السعودية وتركيا وأماكن أخرى. بينما كان في زيارة إلى تركيا، سافر إلى القاهرة بعد تلقيه معلومات عن مؤتمر دولي لعلماء المسلمين الذي سيعقد في القاهرة وسافر إلى مصر وشارك في المؤتمر.
ثم خرج مسافرا للعودة إلى وطنه، في طريقه سافر إلى الهند في عام 1932، وبقي في دلهي لفترة من الزمن، وطبع كتبه “العقائد الجوهرية”، و”بيان السنة”، و”شرح ألفية بن مالك” و “شيرين كلام”. وصل ثابت بن عبد الباقي دامولام في ديسمبر 1932 إلى مدينة قارغاليق ثم توجه مباشرة إلى خوتان.
في ١يناير 1933 عقد اجتماعا في مدرسة أويباغ بمحافظة قاراقاش بمشاركة مائة وثلاثون شخصا وناقشوا فيه منظمة سرية أسسها الزعيم محمد أمين بوغرا. ففي يونيو ١٩٣٣ عقدوا اجتماعًا ثانيا وانضم ثابت بن عبد الباقي دامولام ومحمد نياز أعلم آخون لتلك المنظمة وناقشوا فيه موضوع انتخاب قادة الثورة.
وتحدث الشيخ ثابت دامولام حول تجربته في الخارج، ونبه الحضور من عدة أمور منها:
أولاً: في ظروف العالم اليوم، من المستحيل أن نتوقع المساعدة من جيراننا والدول الأجنبية الأخرى لثورتنا. لقد تحدثت مع الكثير من الناس حول هذا الموضوع.
ثانياً: يجب أن تكون نقطة انطلاق الثورة من خوتان، لذلك جئت مباشرة إليكم.
في شهر رمضان، ألقى الشيخ ثابت دامولام دروسا من القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة في جميع أنحاء خوتان، وكان يركز على تعاليم الجهاد ويحث الناس عليه، وخلق أرضية مشتركة بين الناس من أجل الانتفاضة وتعبئة الناس من الناحية المادية والمعنوية.
في 24 فبراير 1933، اندلعت ثورة الاستقلال من الاحتلال الصيني في قاراقاش بقيادة الزعيم محمد أمين بغرا. وبحلول أبريل 1933، كانت منطقة خوتان قد وقعت في أيدي الثوار. وهكذا، في 5 أبريل، تم إعلان “حكومة خوتان الإسلامية”. خلال الانتفاضة، نجح الشيخ ثابت دامولام في التوسط لصراع بين ثوار ياركند وثوار خوتان.
في17 يوليو 1933، قاد الأمير عبد الله (شاه منصور)، شقيق الزعيم محمد أمين بوغرا، جيشًا من ألفي رجل من ياركند إلى كاشغر. بينما كان ثابت دامولام في ياركند، وصل أربعة ممثلين عن تيمور سيجانغ بقيادة عبد الغفور الملقب ب (شابتول دامولا) من كاشغر إلى ياركند. وعقدوا محادثات مع الشيخ ثابت دامولام لثني الثورا الزحف إلى كاشغار. اختلف الثوار بقيادة ثابت دامولام بشدة.
عندما وصل الثورا المسلحون من ألفي رجل بقيادة ثابت دامولام والأمير عبد الله إلى مدينة ينغيسار، جاء تيمور سيجانغ من كاشغر إلى ينغيسار وتوسل للشيخ ثابت دامولام ألا يذهبوا إلى كاشغر. ومع ذلك، أصر الشيخ ثابت والأمير عبد الله على الذهاب إلى كاشغر ووصلوا إليها في 20 يوليو. بالفعل دخلوا مدينة كاشغر وكان في استقبالهم عشرات الآلاف من سكان كاشغر، كانوا واقفين على جانبي الطريق لاستقبالهم.
وبعد بعض الاضطرابات، في 15 أغسطس ١٩٣٣، فتح الشيخ ثابت دامولام مكتبا لحكومة خوتان في كاشغر. في 10 سبتمبر تم إلغاء المكتب وحل محله جمعية استقلال تركستان الشرقية.
وبعد شهرين من العمل التحضيري القوي، تم إعلان جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية في كاشغر بتاريخ 12 نوفمبر 1933، ورفع علم الجمهورية في ساحة حي كونتشي. كان العلم باللون الأزرق وبه الهلال ونجوم. تم رفع العلم وإعلان تأسيس الجمهورية والحكومة، والدستور، والنشيد الوطني. وعين الشيخ ثابت دامولام رئيسا للوزراء.
في 15 نوفمبر١٩٣٣، أنشأ الشيخ ثابت دامولام جريدة أسبوعية في كاشغر تحت إشراف قوتلوق حاجي. وبعد أسبوعين، نُشرت مجلة “الاستقلال” الشهرية، التي نشرت وثائق مهمة لجمهورية تركستان الشرقية الإسلامية وجمعت مجموعة واسعة من الرأي العام.
أثارت جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية حفيظة الروس الستالينية وحكومة شنغ شيتساي الصينية. وتعهدا بتدمير هذه الجمهورية التي تم إنشاؤها حديثًا عبر تهديد رئيسها المنتخب خوجا نياز حاجي وإحضاره إلى الصدارة. وعد خوجا، الذي اعتاد على تنفيذ مطالب الحكومة الستالينية، باعتقال أشخاص مثل الشيخ ثابت دامولام وتسليمه إلى شنغ شيتساي.
في أبريل 1934، احتجز خوجا نياز أربعة أشخاص، بما في ذلك ظريف قاري حاجي، وشمس الدين دامولا وعبد الله خان سلطان بيك. في 13 أبريل، أرسل محمود سيجانغ مرؤوسه غفور توانجانغ إلى قارغليق واعتقل ثابت دامولام. تم إحضار خوجا نياز حاجي وثابت دامولام وظريف قاري حاجي إلى آقسو وتم تسليمهم إلى قوات شنغ شيتساي في آقسو.
سجن الشيخ ثابت داملام في عام 1934 في سجن شنغ شيتساي في أورومتشي. في عام 1940، التقى ثابت دامولام، برجل يدعى لو بيندي وهو من عرقية هوي الصيني، رئيس سجن أورومتشي الثاني. بناء على طلب ثابت دامولام، أحضر لو بيندي له ورقة وقلم وسمح بإدخال القرآن وتم تحسين ظروفه زنزانته. منذ ذلك اليوم، بدأ ثابت دامولام ترجمة “القرآن الكريم” إلى اللغة الأويغورية، وفي أقل من عشرة أشهر أنهى ترجمته.
بعد وقت قصير من انتهاء ثابت دامولام أعمال الترجمة الخاصة به، في عام 1941، وافته المنية وهو في السجن عن عمر ناهز 58 عامًا. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..
(المصدر: موقع أكاديمية الأويغور / تركستان تايمز)