سلمية الشعب الجزائري أقوى من ألاعيب العصابة
بقلم يونس خيراني
إن الحراك الذي عبر عنه الشعب الجزائري خلال الأسبوعين الماضيين كان حراكا حضريا راقيا بحيث اجتمع الجميع على شيء واحد هو لا للعهدة الخامسة آنذاك يمكننا أن نتحدث عن إصلاحات وتغييرات شاملة والتي راحت تتغنى بها البعض من قنوات هي أبواق لصوت العصابة تصدح بلسانهم في كل زمان ومكان.
ولعل أن هذا الالتفاف ما كان لجماعة أو حزب أو مجموعة أن تؤطره وتقوده وتجمع كل طيف ولون وايديولوجية وانتماء بصوت واحد إلا وجمعته روح الوطنية التي رأى فيها الصغير والكبير ضياعها واستدمار هذا الشعب واستحقاره وتخويفه وتضليله بشتى الوسائل ثم محاولة وضعه على الهامش حتى لا يستطيع أن يقرر مصيره الشخصي فكيف له ان يقرر مصير بلده وأمته وأكيد إن من أبشع ما يمارسه الحاكم المستبد هو ماجاء على لسان أحدهم قائلا بني الطغيان على خمس تقديم الذيل على الرأس وتقديس الشرطة والعس وزرع الخوف واليأس وتخدير الحاضر بالأمس وبقاء الجحش على الكرسي.
ولقد أبان الشعب الجزائري عن بسالة سلميته وعظمة وطنيته وهو الذي عان مرارة سفك الدماء وقتل الأبرياء في وقت مضى بحيث طوى صفحة الماضي ليعتبره خريف مضى ليفتح بعدها صفحة المستقبل ليعتبره ربيع لوطنه غير أن فساد الفاسدين لم يتصوره أحد فذهبوا لاستفزاز هذا الشعب واحتقاره وإذلاله بأن فسادهم يستوجب بقاءهم وبقاءهم يستوجب بقاء بوتفيلقة رئيسا على الورق حتى تكتمل لعبتهم ليأتي بذلك يوم الحسم وهو يوم 03 مارس 2019 ليقدم ملف ترشيحه دون علمه أو حضوره.
ومايؤكد فعالية الحراك الشعبي مجموعة من المشاهد تجلى المشهد الأول في تقليص مدة 5 سنوات لسنة واحدة طلبها الرئيس ثم من بعدها يقوم بانتخابات مسبقة وهو مايؤكد ارتباك هذه الجماعة كما نلاحظ من مشهد آخر أن هذا الحراك عجل بظهور فئة من الناس فقدوا شعبيتهم فذهبوا للبحث عن شرعيتهم عند من لا شعبية لهم ليمنحوهم شرعيتهم وهذا الأمر جعل الناس تتمايز وسمح لكل شخص معرفة قدره من هذا الحراك كصاحب موقف أصيل او دخيل كما أن المسيرات التي جابت كل المدن والشوارع شعارها مسيراتنا سلمية مظاهراتنا دستورية مطالبنا شرعية.
والغريب في الأمر أن المليونيات الجماهيرية دعت لا للعنف ونعم للسلم في حين تعزم المجموعة الفاسدة على تجنب العنف ولا لجر البلاد للدموية القاتلة ومايقزز في المشهد أن الشعب يبحث عن تطلعه لبلد آمن ومستقبل زاهر وتنمية شاملة أما الساسة الفاسدون يذكرون هذا الشعب بدموية سوريا والبلاد العربية الأخرى في حين تجاوزنا الحديث عن تفاصيل تحكي عن الآلام والجراح.
لنحكي عن الآمال والآفاق وهذا مالا يدع شك في أن نوايا هذا الشعب هي من نوايا الإصلاح ولو بعد حين أما نوايا الآخرين هي من نوايا الفساد ولو بعد عام حتى يتم ترتيب مالم يرتب من قبل وتقسيم مالم يقسم في وقت مضى لذا كان حراك 22 فيفري مربكا لحسابات كل فاسد وفاتح خير لكل غيور عن بلده.
ويبقى السؤال مطروحا ماذا ينتظر الفاسدون المنقادون من أفعالهم اللاسوية وسيساتهم الحقيرة والجواب هو مادامت أعمارهم هي من تحكم لا ضمائرهم فلن نرى نور الحرية ولا شمس العدل ولا إنسانية العبد ولا سياسة الرشد ولا حياة الكرامة إلا ونحن صانعوها بداية برفض هذه الدناءة التي نراها تدنو أكثر من يوم لآخر وهذا الاحتقار الذي نراه يزيد من شخص لآخر ثم نعبر عنها برفض قاطع وصريح من خلال قوة سلميتنا التي لا ولن تعبر أبدا عما يخوفون بها أبناء وأحفاد صانعي ثورة نوفمبر المجيدة.
والأكيد أن آمالنا لا حدود لها في سماء سلميتنا ووطنيتنا والجهود التي تبنتها كل شرائح المجتمع جاءت من قبيل وضع كرامته على الهامش والدوس على حريتها واستنزاف حقوقها بل وتدمير كل شيء جميل في وجهها لذا كان التجاوب عظيما بعظمة شعبه وإيمانه العميق والراسخ بضرورة حريته المغصوبة من الداخل والخارج حتى صار غائب عن كل ما يجري في وطنه.
(المصدر: مدونات الجزيرة)