مقالاتمقالات مختارة

سلسلة جيل العزة 10 متى نبدأ في غرس العقيدة؟ -3 مراحل التربية العقدية

سلسلة جيل العزة 10 متى نبدأ في غرس العقيدة؟ -3 مراحل التربية العقدية

بقلم يسرا جلال

لا زلنا مع  مرحلة الطفولة المبكرة والتي تمتد  من بعد مرحلة المهد والرضاعة وحتى قبل سن المدرسة
وذكرناأنها مرحلة التطبيق .؛ حيث يسمح نمو الطفل الجسماني الآن بالحركة والمشي والإمساك بالأشياء والركض. كما أن إمكانياته العقلية الآن تسمح له بالكلام والإدراك والفهم. وهذا مميا يسهل عملية غرس القيم.

ينضج خيال الطفل كثيرًا في هذه المرحلة مايجعلها بمتياز مرحلة الأسئلة؛ فتكثر أسئلة الطفل في محاولة لفهم العالم الذي يزداد اتساعًا أمامه عن عالمه وهو رضيع.
وتتميز هذه المرحلة في جانبهاالنفسي بكثرة الانفعالات؛ فسريعًا ما تتغير الحالة النفسية للطفل فيضحك ثم يبكي ويغضب؛ وهذا يتطلب من المربي رحمة بالصغير الذي يختبر الحياة ولم تنضج  مشاعره بعد فيتقلب بين نوبات غضب أو ضحك . وقدكان نبينا صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال.
وعلى الصعيد الاجتماعي نجد أن الطفل أصبح اجتماعيًا يتواصل بسهولة مع أفراد عائلته كما أنه يبدأ في تكوين صداقات قصيرة المدى ولكنها تشي باتساع دائرته الاجتماعية.
ولذا تزداد حصيلة الطفل اللغوية . وهنا ننبه على المربي الالتفات إلى فلتات لسانه وحديثه فالطفل يقلد ويكرر ما يسمعه.
ويحسن  اليوم  أن نجمل بعض وسائل التربية العقدية في هذه المرحلة التربوية:.

أهم وسيلة من وسائل التربية العقدية  في هذه المرحلة وطوال  عمر الإنسان
1-الدعاء: وبالإضافة لدعاء الأم لطفلها الذي يظن أنه مستجاب بإذن الله, يمكن للأم في هذه  المرحلة أن تحرص على إسماع صغيرها دعاءها له ليكون ذلك أعون له على امتثال السلوك القويم. كأن تقول: يا رب ابني يخفض صوته/ يا رب اجعله من أهل القرآن؛ فيتمثل الصغير دعاءها في سلوكه اليومي.
ولأن الطفل مستجاب الدعاء فإننا يمكن أن علمه ان يدعو لنفسه, وليكون ذلك فرصة  ليعرف أحوال إجابة الدعاء فالدعاء يؤخر لمصلحة يعلمها الله, أو يدخر في حسناتنا.
وقد تعمد بعض الأمهات هنا لجعل الدعاء خاتم سليمان, فتطالب طفلها أن يدعو الله ليرزقه حلوى, ثم تشتريها وتخبئها لتفاجيء بها الطفل وتدلل على إجابة الدعاء, ولا أتفق مع هؤلاء الأمهات الفاضلات: فالطفل يحتاج أن يتعرض لتأخر دعاءه  أو سرعة قبوله, لأننا لن نكون متاحين دائما لإجابة دعاءه-وإجابة الدعاء فضل من الله عز وجل وليس واجبا على الأمهات-  والطفل الذي يعتاد أن يجاب دعاءه دائمًا قد يكون  عرضة للتعامل مع الدعاء معاملة التجار فيلجأ لله إن احتاج وإن لم يستجب دعاؤه ترك الدعاء والعبادة بل وقد يترك الدين لغيره ..
يجدر هنا أيضًا أن نذكر الأمهات الفاضلات  بأن لا تدعي على طفلها ولتستغل دعاءه المستجاب له  في طلب هدايته وصلاحه.

2- التلقين:  نظرًا لمرونة طبائع الطف في هذه المرحلة وسهولة تشكله وقدربته على المحاكاة والتقليد؛ فإننا نعتمد في هذه المرحلة على التلقين. وإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه صغيرًا في بيت النبوة خير مثال على استخدام التقليد والمحاكاة في التربية .
كما أن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم لصغار الصحابة : (يا غلام سم الله..) خير قدوة لنا في الاعتماد على التلقين كأداة تربوية في هذا العمر.

3- غرس المراقبة  والشعور بمعية الله : تسبق هذه المرحلة العمرية مرحلة التدريب على الصلاة. وقبل أن نبدأ في تدريب الطفل على حركات الصلاة نحتاج أن ندرب قلبه وروحه على الشعور  بمعية الله عز وجل ومراقبة الله لنا. فتقول له الأم : سنصلي ليرانا الله ونحن نطيعه..استر عورتك واستح من الله..وتكرار صفات الله على مسامع الطفل..الله سميع بصير..الله يعلم ما في قلوبنا ..
وقد يرى بعض المربين أنه من المبكر جدًا تدريب الطفل على المراقبة , ولا يسعنا هنا إلا أن نذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس وهو بعد غلام فقال له: (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سالت فسال الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لم اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي
والحديث أصل عظيم في تربية الصبيان وتوجيههم وكله يدور على تعلق القلب بالله والالتفات إليه وقطع الطمع والرجاء في ما عند الناس وتفويض الأمر إلى الله.

4- التأمل في خلق الله: ينظر الأطفال للسماء والأرض وحركة الهواء والمطر وحركة الشمس والقمر نظرة تختلف كثيرًا عنا نحن الكبار. فبينما اعتادت أعيننا رؤية هذه الأيات وألفناها, يراها الصغير بعين المستكشف الذي يحاول الوصول لقاعدة تتحرك وفقا لها هذه النجوم في السماء.
كما أن الأطفال بطبيعتهم يحبون الحيوانات والنباتات . ويجب على المربي  استغلال  هذه المحبة وذاك التأمل في لفت انتباه الطفل لبديع خلق الله وطلاقة قدرته وقيوميته على خلقه سبحانه وتكفله برزقهم  وعيشهم وتدبير أمورهم.
ومن الجميل أ ن تخرج الأسرة لاستكشاف الطبيعة على الشاطيء وفي الحدائق أو في مناطق البر المتاخمة للمدينة وفي الحقول والأراضي الزراعية. وأقل ذلك أن تستمتع الأسرة بليلة على أسطح المنازل في الليالي المقمرة لتأمل عظمة خلق السماء والنجوم.

5-القرآن الكريم: وتعليم الولدان القرآن شعار من شعائر الدين الذي أخذ به أهل الملة.
والقرآن بالإضافة لكونه معين على تقوية ذاكرة الطفل واستقامة لسانه وتصحيح لغته وزيادة ثروته اللغوية, فإنه  معين على التخلق بخلق القرآن  وعلى الوالدين استخدام آيات القرآن في الرسائل التربوية  فنقول لهم  إذا أردنا منهم ضبط جلستهم :” إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ ” أونوجه الفتاة غير الراضية عن شعرها إلى أن الله خلق االْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ  .
ونقرأ للطفل من قصص القرآن فيتعلم  أن الخير كله في القرآن, ولا مانع من شرح الآيات التي نقرأها شرحًا مناسبًا لسنه فقد كان ابن عباس يقول: سلوني عن سورة النساء فإني قرأت وأنا صغير
ومن المهم الانتباه لتعظيم القرآن في قلب الطفل وإرشاده أن ما نقرأه هو كلام الملك ملك الكلام.

6- تعليمه الأذكار: وفي المرحلة السابقة كنا نكررها عليه. الآن نعلمه الأذكار بأدلتها لينشأ متبعًا للسنة معظمًا للدليل. فنقول له :” إنَّ اللهَ ليرْضَى عَنِ العبْدِ أنْ يأكلَ الأكلَةَ فيحمَدَه عليها، أو يَشْربَ الشَّرْبَةَ فيحمَدَه عليها» رواه مسلم.
ويحسن تصميم برنامج للطفل أو جدول به مطبوعات  يستخدمها ليتعرف على الأذكار المقيدة ويعلقها في المنزل ليتذكرها.

7-الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة:
يسهل في هذه السن تحفيظ الطفل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  وتربيته بآدابها. ونكرر عليه عبارات مثل: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب كذا …يأمر بكذا ..ينهى عن كذا…لتكون سنة النبي نبراسًا له يقتدي به.

كما يحسن أن نذكر له قصص الصحابة رضي الله عنهم وجهادهم .
ونحكي له أيضًا قصص الأنبياء جميعًا مع التركيز على بيان فضلهم ومكانتهم وبيان الصراع بين الحق والباطل في القصة  والإشارة إلى القيمة التربوية في القصة.. كالصبر في قصة يونس عليه السلام والأمانة في قصة شعيب عليه السلام..

8- الحث على أداء العبادات:
لا يؤمر الطفل بصلاة ولا صيام في هذه المرحلة ولكنه يشجع على محاكاة الكبار فيما يطيق, فإن وقف الصبي بجوار والده وقلده في الصلاة فلا ننهره ولا يجب أن نشترط عليه زيًا أو طهارة
كما تشجع الصغيرة على ارتداء الحجاب بغير إلزام. ويشجع الأطفال على صيام نصف يوم في رمضان أو بعض نهاره.

9- الدار الآخرة:
في هذه السن يوجه الطفل أن هناك جنة ونار وأن الجنة دار النعيم  للمؤمنين الطائعين والنار دار العذاب للعصاة الكافرين .
ويجب أن نذكر الوالدين بالتوازن في الطرح عند الحديث عن الجنة والنار وهذه طريقة القرآن الذي يسرد صورًا من نعيم أهل الجنة ويعقبه بصور من عذاب أهل النار عافانا الله وإياكم .
وكما ذكرنا سابقًا لا يجب تهديد الطفل بالنار إن أخطأ.

10- مع كل هذه الوسائل نضيف إليها استخدام القصص والأناشيد والأنشطة الحركية. وهناك الكثير من أناشيد الأطفال التي تعرض العقيدة بصورة تناسب الطفل من إنتاج قناة المجد وقناة بسمة وغيرهما.

بارك الله لي ولكم في ذرياتنا وأعاننا على تربيتهم تربية ترضيه نقيهم بها من عذابه.

في مقالنا القادم إن شاء الله نتناول مرحلة الطفولة المتأخرة.

(المصدر: موقع البوصلة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى