رسالة إلى القوى الإسلامية التي خضعت للتطبيع مع الكيان الصهيوني
بقلم رأفت مرة
من المؤلم والمعيب أن نرى قوى وحركات إسلامية تخضع أمام التطبيع مع الكيان الصهيوني.
هذا الخضوع ظهر من خلال صمت بعض القوى والحركات على اعتراف حكوماتهم بالتطبيع، أو بمحاولة تبرير عملية التطبيع، والمؤسف والمعيب أن نرى قادة حركات إسلامية يظهرون علناً في لقاءات مشتركة مع الاحتلال وتوقيع اتفاقيات مع الكيان الصهيوني.
كل فئة من هؤلاء تجهد نفسها في تبرير فعلتها من خلال تقديم رؤية سياسية أو قراءات واقعية أو أحياناً فتاوى شرعية لفعلتها.
هنا تتشابه هذه القوى مع رؤساء وملوك ورؤساء حكومات الأنظمة العربية التي طبعت مع الاحتلال وبدأت تأتي بفتاوى وتبريرات لجريمتها، وتحدثنا عن فقه السلام.
إن قبول أو صمت أو تبرير بعض القوى والحركات الإسلامية للتطبيع مع الاحتلال بأي مستوى هو جريمة أخلاقية وعمل معيب وسقوط سياسي وهشاشة فكرية وانحراف عن المبادئ والقيم الإسلامية. وهو خروج عن قواعد الدين وأسس الجهاد ومقاتلة الأعداء والمحتلين؛ مغتصبي الأرض والمقدسات.
إن موقف القوى والحركات الإسلامية القابل بالتطبيع هو استنساخ لموقف الحكام الذين اعترفوا بالاحتلال وسقطوا في المستنقع الصهيوني وداروا في الفلك الأمريكي.
كيف لقوى إسلامية أن تتبرأ من سورة “الإسراء”، والأرض المباركة، وأحكام الجهاد، وقواعد الإعداد لمقاتلة الأعداء؟
كيف لقوى إسلامية أن تقبل التطبيع مع الذين احتلوا بلاد المسلمين، واغتصبوا بلادهم وطردوا أهلها، وقتلوا مئات آلاف الأبرياء، ودنسوا المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين حيث عرج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصلى بالرسل والأنبياء؟
كيف لحركات إسلامية أن تصمت أمام اتفاقيات تسوية واعتراف مع الكيان الصهيوني الذي يحمل فكراً توسعياً احتلالياً عدوانياً.. ستكون النتائج الأولى لعملية التطبيع أن هذا الكيان سيجتاح دولكم سياسياً وأمنياً وينتهك سيادتها ويستبيحها اقتصادياً وثقافياً وتجارياً، ويدمرها اجتماعياً، ويتغلغل فيها ويؤثر على قرارها، وستكونون أنتم من أولى ضحايا هذا التطبيع.
لماذا؟ لأن الفكر الذي يحمله هذا الاحتلال لا يقبل الاعتراف بكم، ولا التلاقي معكم، ويعتبركم تهديداً خطراً يجب استئصاله مهما أبديتم من خطوات أو حسن نوايا تجاهه.
ألم تعتبروا من سيرة الأنبياء الذين ثاروا على الباطل، ومسيرة بلال بن رباح الذي ما رضي الانصياع، ومسيرة عمار بن ياسر، وسمية الذين تحدوا الباطل حتى الموت.
ألم تعتبروا من سيرة عمر بن الخطاب الذي حرر القدس، وتجربة العز بن عبدالسلام الذي رفض الانصياع للحكام، وصلاح الدين الذي حرر القدس، وابن باديس، وعمر المختار، وعز الدين القسام، والشيخ أحمد ياسين الذين قاوموا الاحتلال، هؤلاء الذين فهموا الإسلام وأيقنوا حقيقته، وعرفوا معنى دور العلماء، وجاهدوا المحتل حتى النصر أو الشهادة.
العالم لا يفهم إلا لغة القوة، ولا مكان للضعفاء ولا للمتخاذلين، وإن من يطلب ود أمريكا والكيان الصهيوني والحكام واهم واهم واهم!
أنتم تنتمون إلى فكر إسلامي، وهذه الجهات لن تقبلكم ولن تتعايش معكم، هؤلاء يعتبرون أن مكانكم القبر أو السجن، ولا ينبغي لأحد أن ينخدع أنه شريك في السلطة وأنه متحالف مع الرئيس أو الملك أو الحاكم، وأنه تمكن من إقناع هؤلاء بحسن نواياه.
الدين الإسلامي هو دين الحق والقوة والحرية، هو دين الكرامة الإنسانية والجهاد بالنفس والمال، وهو دين النصر أو الشهادة.
تعلموا من الدين قواعد المقاومة والتحدي والعزة والتضحية.. ولا تجيروا الدين لتبرير الجرائم أو السكوت عن الحق.
الموت بعزة أفضل من الحياة بذل.
لا يزال هناك وقت للمراجعة والعودة.
ولا تزال هناك قوى وحركات إسلامية تقاوم وتجاهد وتتحمل النتائج والتبعات.
ثابتة على الحق ترفض الاعتراف والتطبيع والمساومة.
(المصدر: مجلة المجتمع)