مقالاتمقالات مختارة

رؤيةٌ شرعيةٌ لإجراءِ البحوث العلمية على الماريجوانا لغاياتٍ طبيةٍ

رؤيةٌ شرعيةٌ لإجراءِ البحوث العلمية على الماريجوانا لغاياتٍ طبيةٍ

بقلم أ. د. حسام الدين عفاتة

يقول السائل:أعملُ في مجال البحوث العلمية والطبية بجامعةٍ في الداخل الفلسطيني وأسألُ عن الحكم الشرعي في العمل في البحث العلمي على الماريجوانا -عشبةٌ مخدرةق- لغاياتٍ طبيةٍ،أفيدونا؟

الجواب:

أولاً:لا شك أن الإسلام دينُ العلم،قال الله تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُون}سـورة الزمر الآية 9،وقال الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}سورة فاطر الآية 28،وقال سبحانه:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}سورة المجادلة الآية 11.وقال تعالى:{شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} سورة آل عمران الآية 18.

قال القرطبي:[في هذه الآية دليلٌ على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم،فإنه لو كان أحدٌ أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته،كما قرن اسم العلماء.وقال في شرف العلم لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}سورة طه الآية 114،فلو كان شيءٌ أشرف من العلم لأمر اللهُ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيدَ منه،كما أمر أن يستزيده من العلم.

والإسلامُ يشجعُ البحث العلمي الذي يحقق منافع للناس وللحيوان،وعلى مرِّ العصور والأيام برز عددٌ كبيرٌ من العلماء المسلمين في مختلف المجالات العلمية كالرازي الطبيب،وابن سينا الذي كان كتابه “القانون في الطب” يدرس في عددٍ من الجامعات الأوربية،وترجم لعدة لغات.

وبرع جابر بن حيان في علمي الجبر والكيمياء،وكان للعلماء المسلمين دورٌ واضحٌ في مختلف العلوم كعلم الفلك والهندسة والرياضيات وغيرها.

ثانياً:البحث العلمي في الإسلام له ضوابط وأخلاقيات،ولا تصح دعوى من يزعم أن بابَ البحث العلمي مفتوحٌ على مصراعيه بلا حدودٍ ولا ضوابطَ ولا أخلاقياتٍ،فالبحث العلمي في الإسلام له ضوابط وأخلاقيات كثيرة لا يتسع المقام لتفصيلها،ولكن لا بدَّ من الإشارة لبعضها،فهنالك المحرمات التي لا يجوز أن تكون مجالاً للبحث العلمي كإجراء البحوث العلمية والتجارب الطبية على البشر،فهذا أمرٌ محظور حتى في«القانون الدولي الإنساني»الذي أقرته الأمم المتحدة ويتضمن أنه «لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أين نوع».

وكذا تمنع البحوث العلمية على الأسلحة التي تستعمل في قتل المسلمين كما هو حاصلٌ في مراكز البحوث العلمية في سوريا،حيث تصنع الأسلحة المحرّمة دولياً كالأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة التي استخدمت في قتل الشعب السوري خدمةً للطاغية.

وتمنع البحوث العلمية التي تؤدي إلى التلاعب في “الخلايا الجذعية” وغيرها مما يلحق الضرر في البشر.

وتمنع البحوث العلمية لتصنيع أدوية لعلاج الخنازير أو العمل على تحسين إنتاجها.وغير ذلك

من المحرمات شرعاً.

ثالثاً:المرجوانا من الناحية العلمية وتسمَّى أيضاً الماريغوانا هي:نوعٌ من العقاقير ذات تأثير نفساني،يستخرج من نبتة القنب الهندي.ويُعرف في البلدان العربية بعدة أسماء:(الماريجوانا أو البانجو،أو الزطله،أو غانجا أو حتى التسمية الغربية الشائعة الماريوانا).ويستخدم لأسباب طبية،وترفيهية،والجزء الرئيس المسبب للتأثير النفساني من المرجوانا هو رباعي هيدروكنابينول (THC)،وهو واحد من 483 مركباً معروفاً في النبات،بما في ذلك ما لا يقل عن 65 كانابينويد آخر.ويمكن استخدام القنب بالتدخين أو التبخير أو داخل الطعام أو كمستخلص. ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B1%D8%AC%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A7

وجاء في “الموسوعة العربية العالمية”:[تحتوي المارجوانا على أكثر من 400 مادة كيميائية،وحينما يتمُّ تدخينها ينتج عنها حوالي 2,000 مادة كيميائية تدخل الجسم من خلال الرِّئتين،وهذه المواد الكيمائيَّة لها العديد من الآثار الفورية القصيرة الأمد،هذا بالإضافة إلى أنَّ الاستخدام المنتظم لها يرتبط بالعديد من الآثار الطويلة الأمد]

رابعا:الثابت علمياً أن المرجوانا من مشتقات القِنَّب الهندي،وهو مادةٌ مخدرة،والمخدراتُ تأخذُ أحكامَ الخمر في الشريعة الإسلامية،فتنطبق عليها جميع أحكامها،وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ )رواه مسلم.

فإذا كانت الماريجونا مادةً مسكرةً،كما هو معلومٌ ومقررٌ علمياً،فلا شك أنها خمرٌ،تنطبق عليها جميع أحكام الخمر في الدنيا والآخرة.قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[وَأَمَّا “الْحَشِيشَةُ” الْمَلْعُونَةُ الْمُسْكِرَةُ:فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ،وَالْمُسْكِرُ مِنْهَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛بَلْ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ،وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا،كَالْبَنْجِ،فَإِنَّ الْمُسْكِرَ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ،وَغَيْرَ الْمُسْكِرِ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ.

وَأَمَّا قَلِيلُ ” الْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ ” فَحَرَامٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ،كَسَائِرِ الْقَلِيلِ مِنْ الْمُسْكِرَاتِ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ)يَتَنَاوَلُ مَا يُسْكِرُ،وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْكِرُ مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا؛أَوْ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا،فَلَوْ اصْطَبَغَ كَالْخَمْرِ كَانَ حَرَامًا وَلَوْ أَمَاعَ الْحَشِيشَةَ وَشَرِبَهَا كَانَ حَرَامًا.

وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ،فَإِذَا قَالَ كَلِمَةً جَامِعَةً كَانَتْ عَامَّةً فِي كُلِّ مَا يَدْخُلُ فِي لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا،سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَعْيَانُ مَوْجُودَةً فِي زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ؛فَلَمَّا قَالَ:(كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) تَنَاوَلَ ذَلِكَ مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ خَمْرِ التَّمْرِ وَغَيْرِهَا،وَكَانَ يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ بِأَرْضِ الْيَمَنِ مِنْ خَمْرِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ،وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ خَمْرِ لَبَنِ الْخَيْلِ الَّذِي يَتَّخِذُهُ التُّرْكُ وَنَحْوُهُمْ،فَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الْمُسْكِرِ مِنْ لَبَنِ الْخَيْلِ وَالْمُسْكِرِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَوْجُودًا فِي زَمَنِهِ كَانَ يَعْرِفُهُ،وَالْآخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ؛إذْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مَنْ يَتَّخِذُ خَمْرًا مِنْ لَبَنِ الْخَيْلِ.

وَهَذِهِ “الْحَشِيشَةِ”:فَإِنَّ أَوَّلَ مَا بَلَغَنَا أَنَّهَا ظَهَرَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَوَاخِرِ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ وَأَوَائِلِ السَّابِعَةِ،حَيْثُ ظَهَرَتْ دَوْلَةُ التتر؛وَكَانَ ظُهُورُهَا مَعَ ظُهُورِ سَيْفِ”جنكسخان” لَمَّا أَظْهَرَ النَّاسُ مَا نَهَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُ مِنْ الذُّنُوبِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْعَدُوَّ،وَكَانَتْ هَذِهِ الْحَشِيشَةُ الْمَلْعُونَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ،وَهِيَ شَرٌّ مِنْ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ،وَالْمُسْكِرُ شَرٌّ مِنْهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛فَإِنَّهَا مَعَ أَنَّهَا تُسْكِرُ آكِلَهَا حَتَّى يَبْقَى مصطولا،تُورِثُ التَّخْنِيثَ والديوثة وَتُفْسِدُ الْمِزَاجَ…وَتُوجِبُ كَثْرَةَ الْأَكْلِ وَتُورِثُ الْجُنُونَ،وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ صَارَ مَجْنُونًا بِسَبَبِ أَكْلِهَا.

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ:إنَّهَا تُغَيِّرُ الْعَقْلَ فَلَا تُسْكِرُ كَالْبَنْجِ؛وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُورِثُ نَشْوَةً وَلَذَّةً وَطَرَبًا كَالْخَمْرِ وَهَذَا هُوَ الدَّاعِي إلَى تَنَاوُلِهَا،وَقَلِيلُهَا يَدْعُو إلَى كَثِيرِهَا كَالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ،وَالْمُعْتَادُ لَهَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ فِطَامُهُ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ الْخَمْرِ؛ فَضَرَرُهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَعْظَمُ مِنْ الْخَمْرِ .

وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ:إنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ كَمَا يَجِبُ فِي الْخَمْرِ،وَتَنَازَعُوا فِي نَجَاسَتِهَا على ثلاثة أوجه في مذهب أحمد وغيره…فَمَنْ سَكِرَ مِنْ شَرَابٍ مُسْكِرٍ أَوْ حَشِيشَةٍ مُسْكِرَةٍ،لَمْ يَحِلَّ لَهُ قُرْبَانُ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَصْحُوَ،وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ،وَلَا بُدَّ أَنْ يَغْسِلَ فَمَهُ وَيَدَيْهِ وَثِيَابَهُ فِي هَذَا وَهَذَا،وَالصَّلَاةُ فَرْضُ عليه؛لَكِنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ حَتَّى يَتُوبَ،أَرْبَعِينَ يَوْمًا،كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَإِنْ تَابَ،تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَهَا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قِيلَ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ ) .

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ:إنَّ هَذِهِ مَا فِيهَا آيَةٌ وَلَا حَدِيثٌ:فَهَذَا مِنْ جَهْلِهِ؛فَإِنَّ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ فِيهِمَا كَلِمَاتٌ جَامِعَةٌ هِيَ قَوَاعِدُ عَامَّةٌ وَقَضَايَا كُلِّيَّةٌ،تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا دَخَلَ فِيهَا،وَكُلُّ مَا دَخَلَ فِيهَا فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ بِاسْمِهِ الْعَامِّ،وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ ذِكْرُ كُلِّ شَيْءٍ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ ]مجموع فتاوى ابن تيمية 34/204-207.

خامسا: إذا تقرر أن الماريجونا مادةٌ مسكرةٌ،فلا شك أنها خمرٌ،تنطبق عليها جميع أحكام الخمر،ومن ذلك إجراء البحوث العلمية عليها،فمن المعلوم شرعاً أنه يحرم إجراء البحوث العلمية على الخمر بجميع أشكالها،كتطويرها أو زيادة إنتاج العنب المخصص لها،أو تسويقها ونحو ذلك.

ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي:[(3)يوصي المجمع الفقهي الإسلامـــي شـركات تصنيع الأدويــــة،والصيادلة، فــي الدول الإسلامية،ومستوردي الأدويــة،بأن يعملوا جهــدهم في استبعاد الكحول من الأدوية،واستــخدام غـيرهـــا من البـدائـــل.]

وقياساً على ذلك يمنع إجراء البحوث العلمية على الماريجوانا وإن كانت لغاياتٍ طبيةٍ،لأن الهدف من البحث العلمي صنع الأدوية المشتملة على عناصر من الماريجوانا وتسويقها،كما أنها تخدم اقتصاد دولة يهود [لا تفوت إسرائيل فرصها في الاستثمار،وفي وقت تلاحق الحكومات في معظم دول العالم العربي مزارع الحشيش وتدمرها،من دون البحث في استخدامها بما ينفع،تتساهل الحكومة الإسرائيلية مع البحث العلمي حول الماريجوانا،وتشرّع استخدامها الطبي في مجالات عدة.وتستثمر الشركات الإسرائيلية في البحوث والزراعة

المتعلقة بهذه المادة،وتصدّر أبحاثها لأميركا وأوروبا،حتى غدت واحدة من الدول الرائدة في الحشيش الطبي في العالم.وعلى الرغم من أن الأرباح الحالية ما تزال في نطاق محدود،فإن هناك توقعات بأن تصل أرباح الاستثمار في هذا المجال إلى مئات الملايين من الدولارات في الأعوام المقبلة، لتصبح الماريجوانا الطبية واحداً من أهم مشاريع الاقتصاد الإسرائيلي.]

raseef22.net/article

سادسا:من الأحكام الشرعية المتعلقة بالخمر أنه يحرم التداوي بالخمر،على الراجح من أقوال العلماء وهو مذهب الجمهور.ويدل على ذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}سورة المائدة الآية 90،فالله سبحانه تعالى أمرنا باجتناب الخمر كلياً،فيدخل التداوي في عموم ذلك.

ويدل على التحريم أيضاً ما ورد أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ؟فَنَهَاهُ،أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا.فَقَالَ:إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ،فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ،وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) رواه مسلم.

قال الإمام النووي:[وفيه التصريح بأنها ليست بدواء،فيحرم التداوي بها،لأنها ليست بدواء فكأنه يتناولها بلا سبب] شرح النووي على صحيح مسلم 13/153.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[فهذا نصٌ في المنع من التداوي بالخمر،ردًّ على من أباحه،وسائر المحرمات مثلها قياسًا،خلافًا لمن فرق بينهما،فإن قياس المحرم من الطعام أشبه من الغراب بالغراب،بل الخمر قد كانت مباحة في بعض أيام الإسلام،وقد أباح بعض المسلمين من نوعها الشرب دون الإسكار والميتة والدم بخلاف ذلك.]مجموع فتاوى ابن تيمية 21/568.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ)رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه،وصححه العلامة الألباني.ولا شك أن الخمر أم الخبائث.

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً،فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ )رواه ابو داود والطبراني والبيهقي،قال الهيثمي:رجاله ثقات،وقال ابن الملقن في تحفة المحتاج إسناده صحيح.وقال العلامة الألباني:الحديث صحيح من حيث معناه لشواهده.

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:(نبَذتُ نبيذًا في كوزٍ،فدخلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ يغلي فقالَ:ما هذا؟ قلتُ:اشتَكَتِ ابنةٌ لي فنُعِتَ لَها هذا.فقالَ:إنَّ اللَّهَ لم يجعَلْ شفاءَكُم فيما حرَّمَ علَيكم)رواه البيهقي والطبراني وابن حبان،قال الحافظ ابن حجر:أوردته في تغليق التعليق من طرق صحيحة.

وورد في قرار المجمع الفقهي الإسلامي:[ لا يجوز استعمال الخمرة الصرفة دواءً بحال من الأحوال؛لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللهَ لم يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّم عَلَيْكُمْ»رواه البخاري.

ولقوله صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللهَ أنزَل الدَّاءَ،وجعَل لِكُلِّ داءٍ دَوَاءً،فَتَدَاوَوْا،ولا تَتَدَاوَوْا بحَرَامٍ»رواه أبو داود.

وقال لطارق بن سويد – لما سأله عن الخمر يُجعَلُ في الدواء -:«إنَّ ذلك لَيْسَ بِشِفَاءٍ،ولَكِنَّه دَاءٌ»رواه ابن ماجه.]

وبناءً على كل ما سبق فإنه يحرم إجراء البحوث العلمية على الماريجوانا لغايات طبية أو غيرها لحرمة التداوي بها قياساً على الخمر.

وخلاصة الأمر:

أن الإسلام دين العلم وأنه يشجع البحث العلمي الذي يحقق منافع للناس وللحيوان،وعلى مرِّ العصور والأيام برز عددٌ كبيرٌ من العلماء المسلمين في مختلف المجالات العلمية.

وأن البحث العلمي في الإسلام له ضوابط وأخلاقيات،ولا تصح دعوى من يزعم أن باب البحث العلمي مفتوحٌ على مصراعيه بلا حدودٍ ولا ضوابطَ ولا أخلاقياتٍ.

وأنه لا يجوز إجراء البحوث العلمية والتجارب الطبية على البشر.

وأنه تمنع البحوث العلمية على الأسلحة التي تتم في دول المسلمين حيث تستعمل في قتل المسلمين.

وتمنع البحوث العلمية التي تؤدي إلى التلاعب في “الخلايا الجذعية” وغيرها مما يلحق الضرر في البشر.

وتمنع البحوث العلمية لتصنيع أدوية لعلاج الخنازير أو العمل على تحسين إنتاجها.

وأن المرجوانا من الناحية العلمية مادةٌ مخدرةٌ ومسكرةٌ وأن المخدراتُ تأخذ أحكام الخمر في الشريعة الإسلامية،فتنطبق عليها جميع أحكامها.

وأنه يمنع إجراء البحوث العلمية على الماريجوانا وإن كانت لغاياتٍ طبيةٍ،لأن الهدف من البحث العلمي صنع الأدوية المشتملة على عناصر من الماريجوانا وتسويقها.

وأن من الأحكام الشرعية المتعلقة بالخمر أنه يحرم التداوي بها على الراجح من أقوال العلماء.

وأنه يحرم التداوي بالماريجوانا قياساً على الخمر.

والله الهادي إلى سواء السبيل

 

 

(المصدر: شبكة يسألونك الإسلامية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى