مقالاتمقالات مختارة

رؤية سلمان العودة.. رسالةٌ من السماء إلى الأمة!

رؤية سلمان العودة.. رسالةٌ من السماء إلى الأمة!

بقلم سعد فؤاد

أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ البشرى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

الرؤى من المبشرات التي هي من بقايا النبوة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُهديها الله للمؤمن الصالح الصادق تسليةَ وبشارة، تحمل هذه الرؤى رسائل خاصة للرائي بما فيه صلاح دينه ودنياه، أو رسائل عامة للأمة جمعاء في حال كان هذا الرائي عالمًا راسخًا مصلحًا أو قائدً فذًّا مؤثرًا أو ذا شأن في أمته، وتعني كلمة البشرى في الآية التي سلفت كما أخبر رسول الله أنّها الرؤية الصالحة أو الصادقة، فما أحوجنا إلى هذه الرؤى في زماننا هذا وقد انقطع الوحي وجلّ الخطب وكثُرت الفتن حتى بات الحليم حيرانًا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا.. حديث حسن صحيح.

من هو الشيخ سلمان العودة؟

في مدينةٍ صغيرة غرب منطقة القصيم ولد طفلٌ مولعٌ بالشعر والأدب والحديث ليسمو نجمه في سماء العلم والعلماء والتاريخ، يمتاز بنظرته العقلية الثاقبة وبعمق وشمولية مواضيعه التي يطرحها في برامجه أو كتبه أو مقالاته، هو الرجل الذي جمع بين أصالة العلم الشرعي والفكر الإسلامي العميق، مقربٌ من الشباب الذين يعدون أكثر مريديه، يتابعه الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي لحضوره القوي والمؤثر فيها، مع الإنسان والإحسان أينما كان، عُرف عنه مواقفه القوية والشجاعة في نقد الظلم والظالمين والظلاميين، فقديمًا دفع في سبيل ذلك سنوات من حياته في السجن حتى عاد إليه في سنة 2017، فهو الشيخ الذي أغضب الملك كلما تحدث أو صمت!

تحليل الرؤية

يقول الشيخ سلمان إنّه رأى وقت السحر رؤية خير، وكأنّ النبي قد بُعث في مكة هو وأصحابه ورأى أبا بكر وعمر وعلي والصحابة الكبار رضي الله عنهم جميعًا وجالس رسول الله وحدثه وسأله، وأوّل الشيخ رؤيته بنفسه أنّها إيذانٌ بقرب انتصار الإسلام وزوال دولة الصهاينة، مشيرًا أنّه أول مرة يرى فيها رسول الله بكامل صفاته الخَلقية كما ذكرت كتب السيّر، ونحسبه من الصادقين ولا نزكيه على الله، فلا يمكن لإنسانٍ منصف عاقل أن يغمز شيخنا في صدقه وورعه وحرصه على دينه وأمته، إذًا فرؤيته كانت وقت السحر كما أشار وكانت واضحة جدًا جدًا، وبذلك اجتمع في هذه الرؤية الصالحة ركناها: الصدق والوضوح، ووقت السحر دليل صدقٍ أيضًا، لكنه ضعيف؛ فبعض الرؤى تكون قبل العصر أو بعده أيضًا كما ذكر علماؤنا.

الشيخ سلمان سأل رسول الله عدة أسئلة، يتذكر منها ثلاث أسئلة تتعلق بفرقة الأمة في المنهج والعمل، وكيف هو الحلّ والسبيل؟ والرسول سرّته هذه الأسئلة؛ لأنه وجد أنّها جادة وهامة وأجابه عليها، وهذا من علم رسول الله بأنّ الأمة ابتعدت كثيرًا عن الإسلام الصافي الذي جاء به فكرًا وجوهرًا وعملًا.

طلب رسول الله من الشيخ سلمان أن يُوفر له ولأصحابه بيتًا يأوي فيه هو وأصحابه وليجيبه عن أية أسئلةٍ له – كبيت الأرقم في بداية الدعوة – فردّ الشيخ على استحياء وهو الحريص على إجابات النبي والمحب له: حسنًا يا رسول الله، ولكن الظروف غير مواتية وهناك تحفظات واشتراطات أمنية من الدولة تمنع ذلك، أي أنّه لا يستطيع توفير بيت والأمر خارج عن يديه وفوق طاقته، فردّ عليه الرسول: ولم لا؟ لقد سمحوا لفلان أن يفتح بيتًا، فقال الشيخ: يا رسول الله هذا منهم وبهم وله صلة قرابة أو واسطة، وفي هذا إشارةٌ أن لا صلة قرابة ولا واسطة لرسول الله ومنهحه الرباني بآل سعود ومنهجهم الخبيث.

أيضًا نجد أنّ النبي تعجب من منع استقباله هو وأصحابه في بيت يأويهم في مكة، وكأنّ النبي متهم هو وأصحابه والعياذ بالله، بل السماح لغيره أن يفتح بيتًا، و رسول الله عندما لا يجد بيتًا له ولأصحابه في السعودية بسبب الاشتراطات الأمنية لآل سعود، يدل أنّ منهج النبي وأصحابه يضيق بآل سعود فهم لا يرغبونه ولا يريدونه، وينبثق إلى ذهنك ما فعلت قريش برسول الله في بداية الدعوة حرمته من بيته وأهله وأرضه وهي أحب البقاع إليه هو وأصحابه، وهذه إشارة مُلفتة في هذه الرؤية إلى الفجوة الواسعة بين منهج رسول الله ومنهج آل سعود الفاسد المفسد، وكما نعلم جميعًا أنّهم يفخرون بخدمة الكعبة المشرفة وحجاجها ضيوفها، كوجهاء قريش في الماضي السحيق من بطون مكة وأشرافها الذين كانوا يفخرون بخدمة الكعبة وحجاجها وبأنّهم أهل السدانة والسقاية والرفادة، لكن أين كانوا هم من ربّ الحرم الذين أشركوا به، ومن رسول ربّ الحرم الذين كذبوه وعادوه.

* قال الشيخ في بداية الرؤية: أنا متفاءل فيكم يا شباب، وهذا يدل أنّ الكبار وأمثاله ممن سبقوا أو أحياء يرزقون إلى الآن هم جيل التضحية لجيل التمكين من الشباب المؤمن القوي الذين سيكونون أبطال معركة وعد الآخرة بإذن الله، وما نحن إلّا في مرحلة الإعداد والتمحيص ورصّ الصفوف رويدًا رويدا، إما صفوفًا بيضاء تمثل أهل الحقّ، وإمّا صفوفًا سوداء تمثل أهل الباطل، ولا مكان لأصحاب الصفوف الرمادية.

نرى أنّ الشيخ وهو يكبر ويبشر بالنصر لم يذكر ردة فعل الناس هل صدقوه، هل كذبوه، هل تعجبوا؟ ولربما في ذلك إشارةً أنّك لو جئت إلى الكثير من مسلمي اليوم وبشرتهم بأنّ النصر قريب وأنّ وعد الله حقٌ لاستهجنوا ذلك ورأوا ذلك بعيدًا جدًا جدًا، وهذا يذكرنا بحال كثيرٍ من صحابة رسول الله قبل انتصارهم على يهود بني النضير وإجلائهم خارج المدينة، ظنوا عُسر تحقق ذلك النصر في ذلكم الوقت لقوة اليهود وحصونهم، واغترار اليهود بحصونهم وقوتهم أيضًا كحالهم يومنا هذا وكان النصر من عند الله.

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ. الحشر.

تكبير الشيخ في الرؤية وفرحته دليل على قرب النصر، فهو ظلّ يكبّر ويُقابل الناس مهنئًا ويقول بُعث رسول الله وأصحابه إلى أن استيقظ من رؤيته التي خُتمت بالتكبير، أي أنّ عاقبة هذا الصراع بين المسلمين والصهاينة هو انتصار المسلمين الذين سيكبرون في ساحات المسجد الأقصى فاتحين كما وعد الله في قرآنه الكريم وبشر رسول الله في حديثه الشريف.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. مسند أحمد.

الساعة الحرجة

أقول في النهاية إننا في الساعة الحرجة التي أخبر عنها شيخنا محمد الغزالي رحمه الله:

فإذا احتدمت المعركة بين الحق والباطل حتى بلغت ذروتها، وقذف كل فريق بآخر ما لديه ليكسبها، فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، والامتحان الحاسم لإيمان المؤمنين سيبدأ عندها، فإذا ثبت تحول كل شيء عندها لمصلحته، وهنا يبدأ الحق طريقه صاعدًا، ويبدأ الباطل طريقه نازلًا، وتتقرر باسم الله النهاية المرتقبة!

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا. الإسراء.

أمّا شيخنا المُكبّر! فلسان حاله يقول:

غدًا تطير العصافير التي حُبست عن زُرقة البحر عن ماء البساتين.. غدًا سيعلم سجّاني بأنّ دمي يسعى إلى الله من بين الزنازين!

(المصدر: ساسسة بوست)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى