د. ناجح بكيرات.. من يهرول للتطبيع مع الاحتلال يراهن على مشروع فاشل
إعداد كارم الغرابلي
صدحت حناجر المقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى ومدينة القدس صباح الخميس الماضي بصيحات وهتافات التكبير والتهليل احتفاء بإعادة فتح مصلى وباب الرحمة المغلق منذ ستة عشر عاماً من قبل الاحتلال الصهيوني.
وانتظم المرابطون طيلة الأيام الماضية في مظاهرات احتفالية حاشدة، وأطلقوا التكبيرات وهتافات منها “بالروح بالدم نفديك يا أقصى، هذه المسجد مسجدنا” مؤكدين أنهم لن يسمحوا للاحتلال بإعادة إغلاقه مجددا.
ويقع باب الرحمة بالسور الشرقي للمسجد الأقصى ويبلغ ارتفاعه أحد عشر متراً ونصف المتر، وهو باب مزدوج يتكون من بابين هما التوبة والرحمة يتم الوصول إليهما عبر النزول على سلالم طويلة، وحول أهمية ومكانة باب الرحمة، وما يتعرض له المسجد الأقصى والمقدسيون من انتهاكات صهيونية متواصلة من قبل الاحتلال، كان لبصائر هذا الحوار مع الدكتور ناجح بكيرات رئيس مجلس الأوقاف بالقدس:
بصائر: هل بإمكانكم إطلاعنا على آخر المستجدات في مدينة القدس، ووصف لما يجري حول المسجد الأقصى وباب الرحمة بعد الانتصار الكبير، وفي ظل استمرار الانتهاكات والاعتداءات الصهيونية؟
د. ناجح بكيرات: مدينة القدس تعيش الان حالة من التوتر والترقب والغليان بعد نجاحنا بفضل الله والانتصار الكبير في فتح باب الرحمة، فهناك هجمة شرسة وانتقامية إسرائيلية، و انتشار كبير للشرطة وقوات الجيش الصهيوني على مفارق الطرق لمخالفة المقدسين والتضييق عليهم، وهناك ملاحقة ضرائبية مستمرة للتجار والطلاب وإجبارهم على الهجرة، ومنع أهالي بيت المقدس من التوجه لباب الرحمة، هناك اقتحامات مستمرة من قبل المتطرفين لباحات الأقصى وتجمعات نشطة للمستوطنين، و نشاط غير عادي في الحفريات أسفل المسجد الأقصى، وتكثيف غير مسبوق للاستيطان، حيث تم الإعلان عن بناء أكثر من 4000 آلاف وحدة استيطانية.
بصائر: ما أهمية إعادة فتح باب الرحمة وتحقيق هذا الانتصار الكبير؟ وهل هناك من خطة لإبقائه مفتوحاً؟
د. ناجح بكيرات: هذا الانتصار كان بفضل الله سبحانه وببركة المسجد الأقصى، وكان بعمل وجهد وقيادة جماعية بين القيادة الرسمية والشعبية لمدينة القدس، ونجاحنا كان لوجود مرجعية واحدة وليس هناك من يخرج عن العمل الجماعي، وهذا النجاح والنصر الكبير أعاد لنا القدس وضيّع مشروع صفقة القرن لأبد الآبدين.
جاءت صفقة القرن بين المطرقة والسندان وذهبت بين باب الأسباط وباب الرحمة، وباب الرحمة سيبقى مفتوحاً إلى أن يأذن الله تعالى بتحرير المسجد الأقصى ولن يغلق بعد اليوم، وبالتالي خطتنا في ذلك أننا قمنا كمجلس ودائرة أوقاف بتعيين إمام ثابت للمصلى في باب الرحمة، وإرجاعه إلى ما كان عليه كمصلى، و نحن من باب الحفاظ عليه سنقوم بإعادة ترميم هذا المكان، وتم مخاطبة الحكومة الأردنية بذلك لتخصيص ميزانية، وبذلك نكون قد قطعنا الطريق على أطماع المتطرفين والصهاينة الذين كانوا يخططوا لإنشاء كنيس في باب الرحمة.
بصائر: لماذا يسعى الاحتلال إلى السيطرة مجدداً على باب الرحمة وإبقائه مغلقاً؟ ما أهمية هذا المكان له؟
د. ناجح بكيرات: الاحتلال يسير خلف رواية يهودية مزعومة انتشرت عام 1661 حين خرج كاتب يهودي وكتب أن باب الرحمة هو باب من أبواب الهيكل، ويعتقدون أن مسيح اليهود سيدخل من هذا الباب ومعه جيش إسرائيل لبناء الهيكل، وبالتالي الصراع على الرواية، ومن هنا كان تحقيق هذا الانتصار أنه ألغى هذه الخرافة إلى الأبد بفضل الله تعالى.
بصائر: ماذا الذي يريده الاحتلال من المسجد الأقصى، وفي أي إطار تقرأ ما يجري في باب الرحمة وماسبقه من البوابات الإلكترونية وإعادة ترميم حائط البراق؟
د. ناجح بكيرات: الاحتلال يريد أن يتخلص من مشهد المسجد الأقصى، وتدمير كل ما هو إسلامي وغير يهودي ليقوم ببناء الهيكل، و حينما صادق المجرم ترامب لليهود على أن القدس عاصمة لمشروع دولتهم المزعومة اعتقدوا أنه لا يمكن تحقيقه إلا بالتخلص من المسجد الأقصى وتدمير كل ماهو غير يهودي، وبالتالي هم يواصلون حملاتهم الشرسة ضد المقدسيين من الملاحقة والتدمير والتخريب والقتل والتضييق وإقامة الحواجز والبوابات الإلكترونية؛ من أجل تفريغ مدينة القدس من سكانها، وهذه الأهداف لن تتحقق بإذن الله.
بصائر: الالتفاف الفلسطيني حول المسجد الأقصى المبارك، ما دلالاته بالنسبة للفلسطينيين من جهة والاحتلال من جهة أخرى؟
د. ناجح بكيرات: الدلالة الأولى هي أن الأقصى يجمعنا والقدس ستبقى العاصمة الأبدية لفلسطين، وهناك إجماع فلسطيني على أن الأقصى والقدس خط أحمر ولايمكن التنازل عن ذرة من ترابهما، والدلالة الثانية أن القدس هي رافعة للمسلمين وتصدر البركات وفيها دروس رائعة في كيفية التصدي والنزول للشارع وإسقاط المؤامرات، وكان آخرها اسقاط مؤامرة البوابات الإلكترونية ومحاولة السيطرة على باب الأسباط و التي جاءتا بعد توفيق الله والحشد والاعتصام والتعبئة، وبالتالي نحن بحاجة لإعادة الثقة لأنفسنا ولأمتنا الإسلامية والعربية، وأننا أمة حية وقادرة على تحقيق النصر، وما جاءت هبة باب الرحمة إلا لتجدد الدماء وتبعث الأمل في قلب الأمة بأن الانتصار قاب قوسين أو أدنى.
بصائر: ما المطلوب فلسطينياً وعربياً ودولياً لنصرة القدس والمسجد الأقصى في ظل هرولة وتنافس عربي في التطبيع مع الاحتلال؟
د. ناجح بكيرات: الهرولة نحو التطبيع مع الاحتلال في غير مكانها، وهي لا تقوم على أسس، والذي يراهن على التطبيع مع الاحتلال هو يراهن على مشروع فاشل، و المشروع المرشح بشكل كبير للانتصار هو انتصارنا للقدس والمسجد الأقصى والانضمام لمعسكر المقاومة، وبالتالي المطلوب أن تعيد الأمة ثقتها بالله عز وجل وشعبها والمقاومة ومقدساتها، وأن تكون من خيرة الأمم كما قال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} والأمة بحاجة لمشروع معرفي وثقافي حول أهمية الجذور والمقدسات، ونحن بحاجة لدعم القضية الفلسطينية والإنسان المقدسي وبدونه لا يمكن للحجارة أن تبقى.
(المصدر: موقع بصائر)