بقلم د. سلمان بن فهد العودة
ما سوى الذنب والخطيئة الواحدة من آدم وحواء فهو عمل جيد، وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه!
الأبوان عملا أشياء كثيرة وعظيمة وتأسيسية فلا يصح أن نختصرهما في خطأٍ عابر..
يجدر أن ندرك أن خطيئة الأبوين كانت مركبة من عدة زلات:
١/الاستماع والإصغاء إلى وسوسة الشيطان.
٢/ التفاوض بينهما بشأن الفعل والتطاوع والتساعد عليه، فهو ذنب مشترك.
٣/مخالفة الأمر الإلهي الصريح.
٤/الشهوة الدافعة.
٥/الطمع في الشجرة الممنوعة وعدم القناعة ببقية أشجار الجنة، والغريب أن الأنهار كلها تصب في البحر، والبحر ليس بملآن.. بل هو يطلب المزيد.
يقول ابن الجوزي: لو أن رجلاً تزوج نساء بغداد ثم دخلت امرأة من دمشق لظن أن عندها ما ليس عند نساء بغداد!
مَنْ لا تكفيه امرأة لا تكفيه مائة!
٦/مخالفة العلم والمعرفة فلم يكن الخطأ عن جهل.
٧/الفرار بعد الذنب..
وكيف يفر المرء عنه بذنبه … إذا كان تطوى في يديه المراحل؟
سبحانه.. أمني تفر يا آدم؟!
سبحانك يا رب.. أفر خجلاً وحياءً منك.
حين يسرف العبد في المعصية يشعر أن الطريق يطول ويطول!
واليأس حاضر..
ولو نجوت من ذنب فثمّ ذنب آخر يتربص بك.. ويضعف إحساسك بلذة القرب والمناجاة.
الخطيئة ليست عاقراً، بل تلد خطيئة أخرى، ولها أخوات وصديقات، وبعد ذلك الاستمراء والاعتياد والتأويل والاستحسان وذم من لا يوافقك!
أول الخيط خطرة
ثم تردد
ثم استكشاف
ثم تذوق
ثم تهاون
{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} (15:النــور)
نبوة آدم كانت بعد المعصية {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (122،121:طه)
القلب يلين بعد قسوته والمكانة عند الله تعود فلا بأس ولا يأس ولا تأس.. والذرية بعد والدها موعودة بالرحمة والتوبة والاجتباء.
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (58:مريم).
ورثنا عن آدم الطبع المائل للشهوة، وإمكانية العصيان، ولم نرث عنه الخطيئة، وليس علينا من وزره شيء!
وحتى هو فقد تاب وأناب وغفر له ومنح النبوة، ولم يتكرر عتابه على ذنب ندم عليه وأقلع عنه، ومن عيّر أخاه أو أباه بذنب لم يمت حتى يفعله أو ما هو شرٌ منه!
{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (164:الأنعام)
الطفل بريء من ذنب أبويه، وفي البخاري من حديث سمرة في رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- لإبراهيم الخليل في روضة وحوله أطفال، فقال: هؤلاء الذين ماتوا على الفطرة، فقال رجل من المسلمين: يارسول الله: وأطفال المشركين؟ قال: نعم؛ وأطفال المشركين.
والقول بأن الأطفال الذين ماتوا قبل الاحتلام جميعاً في الجنة هو قول الجمهور حسب نقل ابن حزم، وقول المحققين حسب نقل النووي، وقول كثير من السلف والمحدثين كالبخاري، والمعاصرين كالألباني.
وللحديث صلة إن شاء الله.
*المصدر : موقع الشيخ سلمان العودة