كتب وبحوث

جذور المؤامرة الماسونيَّة للتوطئة لدولة الدجَّال 5 من 7

جذور المؤامرة الماسونيَّة للتوطئة لدولة الدجَّال 5 من 7

إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

ملابسات اندلاع الحرب العالميَّة الثَّانية
لم يهدأ الصّراع بين رؤوس القوَّة الخفيَّة والمصلحين من أبناء بريطانيا، ممَّن استشعروا خطورة المخطَّطات اليهوديَّة، وفطنوا إلى أنَّ المرابين اليهود وراء العديد من الأزمات الَّتي تستهدف تنفيذ مؤامرة عالميَّة لإخضاع العالم إلى سيادتهم. يعترف وليام غاي كار بنفسه بأنَّه حتَّى عام 1938م، أي قبل اندلاع الحرب العالميَّة الثَّالثة بعام واحد، لم يكن قد أدرك بَعد تفاصيل مؤامرة اليهود، ولم يكن قد انتبه إلى أنَّ ما يُطلق عليه “اضطهاد اليهود” ما هو إلَّا أداة لخدمة الأهداف الخبيثة لأباطرة المال. شارَك جوزيف ستالين في خدمة تلك الأهداف من خلال إطلاقه حملة “تطهير” تخلَّص خلالها من مجموعة كبيرة من يهود روسيا، دون أن يعبأ أباطرة المال من اليهود بمصير هؤلاء البسطاء، الَّذين لم يكونوا سوى “مطيَّة بلهاء” (ص235). استخدم المرابون الدَّعاية الإعلاميَّة في التَّرويج إلى أنَّ ألمانيا النَّازيَّة كانت تعتزم إبادة البشر لتحقيق السّيادة على العالم، ولم يتصدَّ إلى ذلك المخطَّط سوى الصُّهيونيَّة، وكأنَّها الصُّهيونيَّة هي الَّتي أنقذت العالم من الخطر. يقول غاي كار عن رؤوس القوَّة الخفيَّة “هؤلاء الَّذين نظَّموا شبكات التَّخريب في كلّ مكان، وعملوا على التَّمهيد للحرب، فإنَّهم هم الَّذين تسلَّلوا إلى أوروبا وأمريكا وفلسطين، وهم الَّذين يلبسون أمام الشُّعوب الغربيَّة ثياب الحَمَل، زاعمين أنَّهم ضحيَّة الاضطهاد المزعوم، وهم الَّذين نظَّموا ووجَّهوا هذا الاضطهاد، ثمَّ جاؤوا تحت اسم الصُّهيونيَّة، يزعمون الدّفاع عمَّا يسمُّونه بالشَّعب اليهودي” (ص239).
بذل المرابون اليهود قصارى جهودهم في سبيل إزاحة نيفيل تشامبرلين (Arthur Neville Chamberlain) من رئاسة وزراء بريطانيا، بعد أن تولَّى المنصب في مايو 1937م، عامين قبل اندلاع الحرب؛ والسَّبب في ذلك كان معرفته بمساعي المرابين الرَّامية إلى جرّ البلاد إلى حرب طاحنة، ليس لشيء سوى تحقيق مآربهم الخبيثة. من هنا، آثر تشامبرلين الدّبلوماسيَّة في التَّعامل مع نزاع ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا على منطقة منحتها معاهدة فرساي للأخيرة، بعد أن احتلَّها هتلر وأعادها إلى بلاده. نجحت الدّبلوماسيَّة في إنهاء نزاع ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا، ممَّا أضرَّ بمخطط اليهود لإشعال الحرب؛ ومن ثمَّ، أصبح التَّخلُّص من تشامبرلين ضرورة لا غنى عنها، واستُخدم في ذلك الآلة الإعلاميَّة للإساءة إلى رئيس الوزراء البريطاني وادّعاء موالاته لهتلر النَّازي وميله إلى الفاشيَّة. يزعم غاي كار أنَّ هتلر كان يميل إلى السّلم، ولكنَّه أُجبر على خوض الحرب بدفع من المتطرّفين النَّازيين، ممَّن أرادوا بسْط سيطرة العرق الآري على العالم، برغم معرفته بأنَّ الحلَّ الأمثل كان في الإطاحة بالمرابين اليهود والقضاء عليهم. وبالفعل، انطلقت الدَّبَّابات الألمانيَّة، محتلَّة بولونيا وفرنسا وأوروبَّا الغربيَّة، وباتت مواجهتها لبريطانيا وشيكة، ولكن امتنع هتلر عن قصْف بريطانيا، وكذلك امتنع تشامبرلين، طيلة فترة وجوده على رأس الحكومة، عن الإغارة على ألمانيا. غير أنَّ المرابين اليهود كثَّفوا حملة التَّشهير برئيس الوزراء، حتَّى اضطر تشامبرلين إلى أن يستقيل في مارس 1940م. وما أن احتل موقع رئيس الوزراء، شنَّ تشرشل هجومًا على ألمانيا، ثمَّ دخل الاتّحاد السُّوفييتي الحرب بعد أن غزت القوَّات الألمانيَّة أراضيه في يونيو 1941م، وحينها صارت الحرب عالميَّة.
هكذا، وبتدبير من المرابين اليهود، احتدمت الحرب العالميَّة الثَّانية، وخلَّفت الدَّمار والقتل والخراب في كلّ مكان دخلته، ويُقدَّر عدد ضحايا من البشر بما بين 60 و85 مليون شخص؛ وقد كان ذلك بهدف “إرضاء فئة ممَّن خرجت بهم أنانيَّتهم المجنونة المتوارَثة عن الطَّبيعة الإنسانيَّة، والَّذين ما برحوا منذ قرون عديدة يقودون قوى الشَّر في عالمنا بعبقريَّة مجنونة، ويرعون الاضطراب المادّي والرَّوحي والفكري وينشرون الفساد بحسب مخطَّطاتهم يتناقلونها جيلًا بعد جيل” (ص248). وفي ختام كتابه، يوضح وليام غاي كار أنَّ هدف تأليف هذا الكتاب المثير للجدل هو “التَّحذير من المؤامرة العالميَّة المستمرَّة وتعريتها من الأقنعة الحالكة الَّتي تتستَّر وراءها”، مستبعدًا إمكانيَّة التَّنبُّؤ بما سيحدث مستقبلًا، وإن كان من الممكن مقارنة الماضي بالحاضر واستنتاج ما قد تؤول إليه الأمور (ص253). يشدّد المؤلّف الكندي على أنَّ مؤامرة القوَّة الخفيَّة في العالم ترمي إلى “القضاء على الحريَّة، وتمزيق الشُّعوب خارجيًّا وداخليًّا، والسَّيطرة عليها شيئًا فشيئًا، فكريًّا وماديًّا واقتصاديًّا بأيَّة وسيلة كانت وتحت أيّ قناع تستطيع لبسه حتَّى يتمَّ لها استعباد العالم بأسره لمصلحتها” (ص253). ويتنبَّأ غاي كار، الَّذي شهد الحربين العالميَّتين، الأولى والثَّانية، ولقي ربَّه عام 1959م في ظروف غامضة، بأن تدور معركة طاحنة بين بني البشر جميعًا ورؤوس القوَّة الخفيَّة، يستغل فيها المتآمرون “الأزمات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة الَّتي تعصف بحياة الأمم”، ولا سبيل للنَّجاة في رأيه سوى “الحفاظ على القيم الفكريَّة والروحيَّة الخلقيَّة” (ص254).
إسقاط الأحداث التَّاريخيَّة على واقع اليوم
في سبيل تكوين صورة واضحة عن المستقبل القريب والتَّنبُّؤ بما قد تؤول إليه الأمور، ينصح وليام غاي كار بمقارنة الماضي بالحاضر، أملًا في الكشف عن بعض تفاصيل مؤامرات القوَّة الخفيَّة. يخبرنا المؤلّف الكندي أنَّ أعضاء جمعيَّة المتنوّرين وعملاءهم عمدوا إلى نشْر الفساد والانحلال الأخلاقي في كلّ من فرنسا وروسيا، واستغلال الآلة الإعلاميَّة التَّابعة لهم في التَّشهير بالطَّبقة الحاكمة في كلّ من الإمبراطوريتين وإثارة الغضب الشَّعبي تجاها، تمهيدًا لاندلاع الثَّورة في كلّ منهما. وإذا نظرنا إلى ما يجري في المملكة العربيَّة السَّعوديَّة في يومنا هذا، بعد تقليص مهام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الَّتي كانت مكلَّفة بضبط المخالفات الأخلاقيَّة والإشراف على تطبيق الشَّريعة الإسلاميَّة، وتأسيس ما يعرف بهيئة التَّرفيه، الَّتي تتولَّى تنظيم الحفلات والمهرجانات وتدعم التَّحرُّر الأخلاقي والاختلاط بين الجنسين، نجد في ذلك تشابهًا كبيرًا مع ما حدث في كلّ من فرنسا وروسيا من قبل.

ومسَّت الشَّائعات الأخلاقيَّة وليَّ العهد السَّعودي ذاته.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ السَّعوديَّة تعاني من ارتفاع معدَّل الفقر، بما يفوق معدَّلات الفقر في جاراتها في منطقة الخليج، برغم ما تجنيه من أرباح طائلة بفضل مبيعات النَّفط، ممَّا ينذر بتفجُّر مشكلة اجتماعيَّة كبيرة نتيجة اتّساع الفجوة بين طبقة الحُكَّام وطبقة البسطاء في المجتمع.

والسُّؤال: هل في نشْر الانحلال الأخلاقي في السَّعوديَّة محاولة لإضعاف المجتمع هناك وتسهيل السَّيطرة عليه بعد إبعاده عن القيم الدّينيَّة؟ وهل في التَّشهير بأفراد الطَّبقة الحاكمة هناك يستهدف ابتزازهم بالتَّهديد بنشر فضائحهم الشَّخصيَّة لإجبارهم على الامتثال لأوامر المتآمرين؟ وهل يؤدّي ارتفاع معدَّلات الفقر في المملكة إلى ثورة تطيح بالنّظام الحاكم بما يخدم مصالح المتآمرين؟
الأمم المتَّحدة: نواة دولة اليهود العالميَّة
من بين المسائل الَّتي يطرحها الدُّكتور بهاء الأمير في كتابه الموسوعي الوحي ونقيضه: بروتوكولات حكماء صُهيون في القرآن (2006م) مسألة العولمة، والإعداد لتأسيس نظام عالمي جديد، تسيطر فيه الشّركات العابرة للقارَّات على الاقتصاد العالمي، بينما تتولَّى فيه “الأمم المتَّحدة الماسونيَّة” مهامّ الحُكم والإدارة (ص215). تمثّل منظَّمة الأمم المتَّحدة النَّموذج الَّذي ينصُّ عليه البروتوكول الخامس من بروتوكولات حكماء صُهيون، لحكومة عالميَّة تؤسّس نظامًا “يستحيل أن يفشل في إخضاع أمم الأرض كلّها…ويمكنها، بطبيعتها وموقعها، استقطاب كافَّة القوى الحاكمة في العالم”، دون استخدام للعنف، للعمل وفق سياسات تلك الحكومة العالميَّة وتحت إمرتها (ص215). في استدراج غير الواعين بأصلها وطبيعة أهدافها، تستخدم الأمم المتَّحدة شعارات برَّاقة، عن ضرورة تكوين أُسرة عالميَّة، وتعزيز قيم الحريَّة والمساواة والعدل، ورعاية حقوق الإنسان، ومعاونة المنكوبين وضحايا الكوارث الطَّبيعيَّة. ويعتبر الأمير أنَّ شعارات الأمم المتَّحدة هي في الأصل تعبير عن أهداف الماسونيَّة، كما أخبر راجون، وهو ماسوني من الدَّرجة 33 عاش في القرن التَّاسع عشر؛ حيث يقول، نقلًا عن الأمير (ص216):
إنَّ الماسونيَّة هي الَّتي تستطيع أن تصوغ هذا القانون الإنساني، الَّذي يفضي نشاطه المطرد في سبيل إنشاء تناسُق اجتماعي عظيم إلى مزْج جميع الأجناس والطَّبقات المختلفة والأخلاق والقوانين والعادات واللغات والأزياء…وستغدو دعوتها قانونًا إنسانيًّا (يهوديًّا) لكلّ الضَّمائر.
وقد سبَق راجون إلى فكرة توحيد البشر وإذابة الاختلافات القوميَّة والعقائديَّة الماسوني آدم وايسهاوبت، مؤسّس جمعيَّة المتنوّرين عام 1776م، الَّتي مهَّدت الطَّريق أمام اندلاع الثَّورة الفرنسيَّة، وشجَّعت على نشْر العلمانيَّة والتَّحرُّر من قيود الدّين في فرنسا. ويوضح الأمير أنَّ الَّذي صاغ نصوص ميثاق الأمم المتَّحدة هو اليهودي ليو بالفوسكي، مساعد وزير الخارجيَّة في إدارة الرَّئيس الأمريكي الماسوني من الدَّرجة 33 هاري ترومان؛ وأنَّ أوَّل أمين عام للمنظَّمة هو تريجفي لي، يهودي الأصل. وقد شملت المناصب الَّتي شغلها يهود في منظَّمة الأمم المتَّحدة عند تأسيسها: رئيس الشُّؤون الاقتصاديَّة، والمستشار الخاصّ للشُّؤون الاقتصاديَّة، ورئيس قسم المخازن، ورئيس قسم الميزانيَّة، ورئيس قسم المواد المتبادلة، ورئيس قسم الإعلام، ورئيس قسم المترجمين، ورئيس قسم أطبَّاء الصّحَّة العامَّة. يُضاف إلى هؤلاء آخرون في شتَّى المنظَّمات والمؤسَّسات التَّابعة للمنظَّمة العالميَّة، منها منظَّمة الأغذية والزّراعة، ومنظَّمة اليونسكو، والبنك الدُّولي، ومنظَّمة الصّحَّة العالميَّة، ومنظَّمة التّجارة العالميَّة. ويرى الأمير أنَّ هؤلاء ما هم إلَّا أذرع يحرّكها أعضاء الحركات السّرّيَّة لتنفيذ مخطَّطه الشَّيطاني، بالانقلاب على كافَّة العادات ونبْذ العقائد المتوارثة ونشْر الانحلال. يذكّر الأمير بما أعلنه المؤتمر الماسوني عام 1889م احتفالًا بمئويَّة الثَّورة الفرنسيَّة (ص235):
سيأتي اليوم الَّذي تتجرَّد فيه الأمم الَّتي تجهل بواعث ثورة 1789م وأهدافها من أواصر الدّين…وسيهب الإخاء الماسوني ذلك للشُّعوب والأوطان…إن هدف الماسونيَّة هو تكوين جمهوريَّة لا دينيَّة عالميَّة تقودها حكومة لا تعرف الإله ولا تتقيَّد به.
مع تخلّي الشُّعوب عن مفهوم الإله واستبداله بالعقل البشري، باعتباره المرشد الحقيقي للإنسان، لا يجد الإنسان مانعًا عن الانغماس في الشَّهوات والابتعاد عن طريق الإصلاح. وينصُّ البروتوكول الخامس عشر على ضرورة إزاحة الدّين من الصُّورة، وهذا ما تعمل عليه الحركات السّرّيَّة وتتجلَّى مظاهره في عصرنا هذا.

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى