تَذكيرُ الأخِ المُسلِم بِصِلَة الرّحِم
بقلم أ. د. محمّد حافِظ الشّريدة (خاص بالمنتدى)
الحمدُ للّهِ وَحده وَالصّلاة وَالسّلام على مَن لا نَبيّ بَعده وَبعد: فَيقول اللّهُ عزّ وجلّ: ﴿وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ وَيقول اللّهُ تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّار ِ﴾ وَيقول تَعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ وَيقول الصّادق الأمينُ ﷺ: {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ} وَيقول ﷺ: {إِنَّ اللّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَت الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ: نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ قَالَ: فَهُوَ لَكِ قالَ رَسولُ اللّه ﷺ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ وَيقول ﷺ: {ما مِن ذنْبٍ أجْدَرُ أنْ يُعَجِّلَ اللّهُ لِصاحبِهِ العُقوبَةَ في الدُّنْيا مَعَ ما يَدَّخرُ لَهُ في الآخِرَةِ مِنَ البَغيِ وَقَطيعَةِ الرَّحِمِ} وَيقول ﷺ: {قالَ اللّهُ: أَنا الرَّحمنُ وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقتُ لَها اسْمًا مِنَ اسْمي مَنْ وَصَلَها وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَها بَتَتُّهُ} وَيقول ﷺ: {الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللّهُ} وَيقول ﷺ: {أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ} وَيقول ﷺ: {مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ} وَيقول ﷺ: {إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ} وَيقول ﷺ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ} وَيقول ﷺ: {لَيْسَ الواصِلُ بِالمُكافِئِ وَلَكِنِ الواصِلُ الّذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها}
إنّ الأرحامُ أيّها الإخوة الصّائمون الكِرام: هُم أقارِبُ المُسلم مِن الذّكور سواءٌ أكان وارثًا لَهم أو غيرَ وارثٍ وإنّ الأرحام مِن النّساء مَن يَحرُم الزّواج منهنّ وَصِلةُ الرَّحمِ مِن أفضَلِ الطَّاعاتِ التي يَتقرّبُ بها المُسلم إلى رَبّ الأرض والسّموات وَقد أمَرَ المَوْلى عزّ وجلّ عِباده بها وَبيّنَ أنّ وَصْلَها مُوجِبٌ لٍلمَثوبةِ وَأنّ قَطْعَها مُوجِبٌ لِلعُقوبَة! وَالحقّ يُقال: إنّ صِلَة الأرحامِ مِن شِيَم الكرامِ وَصِلَة الرّحم تُديم النّعَم وَتَدفع النّقَم وَتَزيد العَدد وَتُوجب السُّؤدد وَتُزيل الحَسد وَمِن هُنا نُدرِك خَطأ قَول البَعض: (الأبْعَد خَيْرٌ مِنَ الأقْرَب وَهُو شَرٌّ مِن العَقرَب)! وَللّهِ دَرّ القائل: (وَإِنّ الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي: وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا! أَراهُمْ إِلى نَصري بِطاءً وَإِنْ هُمُ: دَعوني إِلى نَصْرٍ أَتيتُهُمُ شَدّا! فَإِنْ أكُلوا لَحْمي وَفَرْتُ لُحومَهُم: وَإِنْ هَدَموا مَجْدي بَنيْتُ لَهُمْ مَجْدا! وَلا أَحْمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِمُ: وَلَيْسَ كَريمُ القَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الحِقْدا)!