تقرير حصري: مجلس الرباط المحمدي .. منظمة دعوية عراقية أم مؤسسة مشبوهة وأداة إيرانية

مجلس الرباط المحمدي .. منظمة دعوية عراقية أم مؤسسة مشبوهة وأداة إيرانية

(خاص بالمنتدى)

(مجلس الرباط المحمدي)، تنظيم يقدّم نفسه على أنه منظمة إسلامية دعوية سنيةّ تقوم بالدعوة للإسلام وشرح مبادئه وتعاليمه، فهل هو كذلك فعلاً؟؟!!

النشأة والجذور

الأب الروحي لهذا المجلس هو أحد مشايخ الطريقة القادرية الصوفية من مدينة الفلوجة العراقية، يدعى الشيخ (بهجت الآلوسي)، والذي كان يجمع الناس في تكيته في تسعينيات القرن الماضي، ويقوم أحد دعاة التشيع الملقب بالـ (الحسني) ببث عقائد الرافضة بينهم، وكان يقوم بمساعدة الآلوسي بدعوة الناس للتشيع سراً، بأساليب الإغراء وتوزيع المساعدات على الفقراء، حيث كان العراق في ذلك الوقت يئِنّ تحت وطأة الحصار الغاشم.

وقد كان الآلوسي مدعوماً من قبل الحوزة العلمية الشيعية في النجف، وهي التي توفر له الإمكانات التي يمكنه من خلالها التحرك في البيئة المجتمعية السنيّة شديدة التديّن في مدينة الفلوجة.

ثم تأسس (مجلس الرباط المحمدي) بشكل سريّ في عام 2004ـ أي بعد احتلال العراق من قبل أمريكا، حيث أسسه الشيخ (عبد القادر الآلوسي) نجل (بهجت الآلوسي) آنف الذكر، كما أصبح الشيخ (محمد نوري العيساوي) نائباً لرئيس (مجلس الرباط المحمدي).

بدأ (مجلس الرباط المحمدي) ممثلاً برئيسه (عبد القادر الآلوسي) بتأسيس شبكة علاقات واسعة مع الحوزات والأحزاب والشخصيات السياسية العراقية والشيعية منها على وجه الخصوص، حتى ظهر للعلن لأول مرة عام 2013.

بعد ظهوره العلني، استغل ظهور داعش في المناطق السنيّة عام 2014، فصدّر نفسه وادعى الدفاع عن الجمهور السني، وتواصل مع مجدداً مع الحوزة وقادة الميليشيات الشيعية، ومع مسؤولين في السفارة الإيرانية.

في هذه الفترة بدأت تظهر الملامح الحقيقية لمشروع (مجلس الرباط المحمدي) بالظهور، حيث قام (عبد القادر الآلوسي) بجولات وزيارات لمجاميع الحشد الشعبي الشيعي في مناطق محافظة الأنبار العراقية السنية، وبدورها قامت الحوزات الشيعية بإرسال مساعداتها لأهالي تلك المناطق عن طريق (الآلوسي) ليظهر بمظهر الداعم والمساند للأهالي هناك.

(مجلس الرباط المحمدي) وإيران

وبعد خروج داعش من المناطق السنية، بدأت تتشكل ملامح جديدة أكثر خطورة لـ (مجلس الرباط المحمدي)، حيث أصبح (الآلوسي) يمدح إيران علانية ويصفها بأنها صاحبة “المواقف المخلصة والصادقة مع العراق”.

وفي مؤتمر (الوحدة الإسلامية) الذي عُقد في إيران عام 2020، وصف (الآلوسي) إيران بقوله: “تبقى إيران سبّاقة في دعم قضايا الأمة الكبرى وعلى رأسها قضية فلسطين”.

يصدّر (مجلس الرباط المحمدي) نفسه على أنه داعية لتوحيد العراقيين وإحلال التسامح بينهم.

لكن الحقيقة التي على أرض الواقع، تشهد بخلاف ذلك.

حيث أن حقيقة (مجلس الرباط المحمدي) هو أنه مؤسسة مشبوهة وأحد أذرع (الباسيج) الإيراني.

تستخدم إيران هذه المؤسسة للتغلغل في صفوف المجتمع السنّي العراقي.

تغلغل ونفوذ متزايد

مع تجاهل علماء الأنبار ومثقفيها لنشاطات (مجلس الرباط المحمدي)، اتسع نفوذه وبات يسيطر على الكثير من المفاصل الحساسة في المؤسسات الحكومية في الأنبار، ومن أهمها (الوقف السني) و(المجلس العلمي) المشرف على امتحانات الأئمة والخطباء، وأصبحت الدرجات الوظيفية في مؤسسة الوقف لا تمر إلا بموافقتهم.

كما تمدد المجلس بذريعة محاربة (الفكر الوهابي والإرهاب) إلى المحافظات السنية الأخرى، مثل نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى.

ومن أبرز الشخصيات التي روّجت لـ (مجلس الرباط المحمدي) خارج الأنبار، (رامي العبادي) وهو موظف في مديرية الوقف السني في الموصل.

وبتنسيق بين الحكومة و (مجلس الرباط المحمدي)، أصبح (رامي العبادي) مديراً لمديرية (مكافحة الإرهاب الفكري) في الموصل.

مديرية “مكافحة الإرهاب الفكري”

هي إحدى أذرع (مجلس الرباط المحمدي)، وإحدى أهم منافذه للقيام بمهامه الحقيقية المطلوبة منه من قبل إيران.

تأسست مديرية (مكافحة الإرهاب الفكري) عام 2017 باسم (وحدة التبليغ الديني)، تغير اسمها إلى (دائرة مكافحة الإرهاب الفكري) وأصبحت واحدة من الدوائر التابعة لهيئة الحشد الشعبي الشيعي، وبإدارة (مجلس الرباط المحمدي)، ومهمتها الظاهرية كما ذكر أحد مسؤولي الحشد الشعبي، هي مراقبة المخلفات الفكرية التي تركها تنظيم داعش في المناطق السنية.

لكن المهمات الحقيقية لتلك المديرية لها وجه آخر، حيث أنها وكما ذكر العديد من المتابعين والخبراء في الشأن السنّي العراقي، تقوم بمهام خبيثة مثل:

• التركيز على اتهام مناطق المكون السنّي بأنها محاضن للإرهاب.
• القيام بأنشطة سياسية تروّج من خلالها للفصائل الشيعية المسلحة الأكثر ارتباطاً بإيران، مثل ميليشيات “كتائب حزب الله” و”النجباء” و”سيد الشهداء” و”عصائب أهل الحق” و”منظمة بدر”.
• إقصاء العشرات من خطباء المساجد والمعلمين والمدرسين في المدارس الدينية، تحت إطار شعار “محاربة الفكر السلفي التكفيري”، حيث تمت هذه الإجراءات بفعل هيمنة فصائل الحشد الشعبي على المناطق السنية وليس بفعل قرارات قانونية وقضائية.
• السيطرة على المساجد ومديريات الأوقاف ودور تحفيظ القرآن الكريم، وفرض نمط معين ومحدد من خطب الجمعة والمحاضرات الدينية.
• عزل شخصيات واستقدام أخرى موالية للحشد الشعبي الشيعي لفرض إرادات على التوجهات الدينية والعقائدية لسكان المحافظات السنية.

إذاعة “الرقيم”

هي إذاعة تابعة لـ (مجلس الرباط المحمدي)، مقرها الرئيس في مدينة الفلوجة العراقية، تناقش قضايا فكرية وسياسية واجتماعية، تنسجم مع توجيهات خارجية، إيرانية على وجه التحديد، للتأثير على المجتمعات السنية.

تقوم هذه الإذاعة على بث رسائل عديدة منها:

• تمجيد الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران وتقديمها على أنها المنقذ المحرر للمحافظات السنية من سيطرة داعش.
• تفسير القرآن والسنة النبوية وإبرازهما بشكل يتوافق مع نظرية (ولاية الفقيه).
• التشكيك بالسنة والنبوية عبر استضافة شخصيات “شيعية وسنية” مجهولة الأهلية العلمية.
• طرح أفكار تخص المرأة بعيدة عن ثقافة المجتمع السني وعاداته.

مؤسسة “رشد”

هي منظمة تابعة لـ (مجلس الرباط المحمدي) تقيم دورات تأسيسية وتأهيلية، في مجالات التنمية والتطوير للعناصر المنتمية للمجلس، وعمل منتديات حوارية شبابية، وتغطية نشاطات المجلس في مناطق تواجده.

نماذج من مواقف (مجلس الرباط المحمدي)

• استعداد المجلس على لسان رئيسه (عبد القادر الآلوسي) لتقديم “الاعتذار” لأمريكا وروسيا وألمانيا باسم الإسلام والمسلمين عن “مذابح الأرمن” المزعومة، والتي غرضها في الحقيقة هو ابتزاز وتشويه صورة المسلمين.
• سعي المجلس لبناء حسينية شيعية في مدينة الفلوجة العراقية السنية.
• سعي المجلس لبناء حسينية شيعية في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار العراقية السنية.

يتضح من كل ذلك أن (مجلس الرباط المحمدي) يمثل واجهة إيرانية للتغلغل والتأثير العقائدي والاجتماعي على المجتمعات السنية في العراق، وتعميم مشروع إيران في المنطقة.

_____________________________________________________

المراجع:

• مقالات بعنوان (كشف الخفي عن مشروع «مجلس الرباط المحمدي») للشيخ فاروق الظفيري، الباحث في الجماعات الإسلامية والفرق.
• مركز شعاع الإعلامي.