المدرسة السنية : نسبة إلى السنة ، والمراد بالسنة هنا موافقة العقائد التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .
وقد عُرفت مدرسة أهل السنة والجماعة بتعريفات كثيرة, لعل من أقدمها تعريف أبي نصر السجزي (ت444هـ) ، حيث يقول في تعريف أهل السنة :”هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه رضي الله عنهم فيما لم يثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول”.
ويقول ابن حزم(ت456هـ) في بيان مفهوم أهل السنة :”وأهل السنة الذين نذكرهم أهل الحق ومن عداهم فأهل البدع ، فإنهم -أهل السنة- الصحابة رضي الله عنهم وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين رحمهم الله ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلا فجيلا إلى يومنا هذا ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها”.
ويمكن أن نستخلص أهل السنة والجماعة عند ابن تيمية(ت728هـ) بأنهم :”المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ومن اتبعوهم بإحسان”.
وأما ابن كثير(ت774هـ) فإنه يقول في بيان مفهوم المدرسة السنية :”هم المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه”.
ويقول السفاريني(ت1188هـ) في الكشف عن مفهوم المدرسة السنية :”المراد بمذهب السلف : ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم وأعيان التابعين لهم بإحسان وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالأمانة وعرف بعظم شأنه في الدين وتلقى الناس كلامه خلفا عن سلف”.
ويقول السعدي(ت1376هـ) :”أهل السنة المحضة هم السالمون من البدع الذين تمسكوا بما كان عليه الرسول صلى الله وعليه وسلم وأصحابه في الأصول كلها أصول التوحيد والرسالة والقدر ومسائل الإيمان وغيرها ، وغيرهم من الخوارج وما عداهم”.
ويمكن أن نستخلص من خلال التعاريف السابقة تعريفا جامعا مانعا للمدرسة السنية في علم العقيدة فنقول : هي اتجاه علمي ذو أصول محددة يعتمد في دراسة علم العقيدة من حيث الأساس على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
قوله :”اتجاه علمي ذو أصول محددة” وصف يبين أن المدرسة العقدية كيان قائم بنفسه , له ماهية مميزة عن غيره , ويخرج هذا الوصف الفرق العقدية التي ليست ذات أصول محددة , كفرقة الخوارج ومرجئة الفقهاء وغيرهم.
قوله :”يعتمد في دراسة العقيدة” وصف مقيد , يخرج الاتجاهات العلمية في العلوم الأخرى.
قوله :”من حيث الأساس” وصف يكشف عن المنطلق الأساسي الذي يقوم عليه منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال على العقيدة , فإنهم يجعلون الوحي-الكتاب والسنة- الأساس الأولي لبناء الدين كله , ومنه العقائد , ولا يفرقون بين أنواعها ولا أصنافها.
قوله :”على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه” وصف مقيد آخر , يبين الوصف المميز لمدرسة السنة عن المدارس العقدية الأخرى .
وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام يشمل المسائل والدلائل ؛ أني تقرير مسائل العقيدة والأدلة التي يعتمد عليها في بنائها وتركيبها.
وهذا الحد يبين أن المدرسة السنية-مذهب أهل السنة والجماعة- ليس مجرد أقوال مبعثرة قيلت في العقيدة , وإنما هو عبارة عن منظومة متكاملة , لها أصول محددة , ومنطلقات مضبوطة , وهوية مميزة.
(المصدر: صفحة د. سلطان العميري على الفيسبوك)