كتاباتكتابات المنتدى

تذكير الصّابرين بنهاية الظّالمين

تذكير الصّابرين بنهاية الظّالمين

 

بقلم أ. د. محمد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

قال اللّه تعالى: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾

وقف موسى الكليم ﷺ أمام شاطئ مياه اليمّ العظيم وصار جيش فرعون اللئيم أكبر طاغية في الأرض يقترب وامتلأت قلوب قوم موسى بالرّعب فالعدوّ من ورائهم والبحر من أمامهم وليس معهم سفن ولا معدّات ولا يمتلكون أيّة وسيلة مواصلات للنّجاة وليسوا مستعدّين لقتال جحافل جيش كالجبال حيث إنّهم والحقّ يقال عبارة عن جماعة غير مسلّحة من الرّجال والنّساء والأطفال إن ظفر بهم عدوّهم سيذبحهم عن آخرهم كما فعل من قبل بأبنائهم وسيجعلهم أثرا بعد عين قبل أن يصلوا إلی طور سينين في هذا الظّرف الرّهيب والموقف العصيب الذي تقشعرّ منه الأبدان وتشيب له رؤوس الغلمان كثرت الآهات واشتدّت الزّفرات وتعالت الأصوات وبعدها سكبت العبرات وازدادت الحسرات وكأنّ لسان حال المستضعفين يقول: سيقضي علينا اليوم جند فرعون: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ فأجابهم موسى الكليم ﷺ بثقة وطمأنينة ويقين: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ نعم إنّه لا يعرف النّجاة متی وكيف ستكون ولكنّه متوكّل علی الحيّ القيّوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم! لقد كان ممتلئا بالثّقة بربّه واليقين بعونه ونجاته مع قومه فخالقه ومولاه هو الذي يسدّد خطاه ويحفظه ويرعاه: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ بعد ذلك ضرب موسی الكليم ﷺ البحر بعصاه: ﴿فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ وهكذا استجاب اللّه عزّ وجلّ دعوة المظلوم المضطر ووقعت المعجزة وانشق البحر وحدث ما لم يخطر علی قلب بشر وصارت المستحيلات معجزات مشاهدات ولا عجب في ذلك أيّها المؤمنون الصّابرون فأمره تعالی بين الكاف والنون إذ أراد شيئا قال له كن فيكون وحين وصل فرعون إلى اليمّ ورأی هذه المعجزة رأي العين وشاهد في البحر طريقا يابسا انقسم إلی نصفين أمر جيشه بالتّقدّم وحين انتهى موسى من عبور اليمّ ووصل إلی البرّ أراد أن يعيده كما كان فأوحى إليه الرّحمن أن يترك البحر ساكنا كما هو على حاله فقد انتهی الأمر ولا مفرّ من وقوع القدر فقد شاء اللّه إغراق فرعون قال تعالی : ﴿وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ﴾.

نقول في الختام للمرابطين الكرام: إنّ اللّه عزّ وجلّ يمهل ولكنّه لا ولم ولن يهمل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى