مقالاتمقالات المنتدى

بين المقاصد الشرعية والمقاصد الشخصية (٢)

بين المقاصد الشرعية والمقاصد الشخصية (٢)

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

‏يظن بعض الناس أن الشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح الآخرة دون الدنيا!

وقد يضيق ذرعا بأحكامها التي يراها من وجهة نظر (إنسانية) منافية لمقاصد دنيوية!

‏فحد السرقة والزنا ينافيان الرحمة، وحد الردة ينافي الحرية، وحجاب المرأة ينافي تكريمها!

وتحريم ربا المصارف والبيوع الفاسدة ينافي التيسير، وهكذا فإن الإلزام للحاكم والمحكوم بالشريعة يفضي إلى مشقة تنافي مقاصد الشريعة من الرحمة والعدل!

‏وقد غاب عن هؤلاء أن الشارع قد قصد إلى حفظ مصالح الدنيا والآخرة.

يقول الشاطبي: “الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية”

لكن مصالح الدنيا والآخرة هي فقط في امتثال أوامر الله تعالى وأوامر رسوله ﷺ.

‏وما العدل المحض إلا في أحكام الشريعة المنزلة، وما عارضها وناقضها فهو جور لا عدل!

قال ابن تيمية: ‏”من استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر” ‏منهاج السنة النبوية (١٣٠/٥)

ومصالح الدنيا إنما هي تابعة لمصالح الآخرة.

‏قال الشاطبي: ‏”المصالح المجتلبة شرعا والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى، لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية، أو درء مفاسدها العادية” ‏الموافقات(٣٥١/٢)

‏فمقاصد النفوس تابعة وجوبا لمقاصد الشريعة.

ولا يجوز بحال أن تغيّب أحكام الشريعة الجزئية بسبب مقاصد شخصية، لا تعدو أن تكون أهواءً بشرية!

قال الشاطبي: ‏”الشريعة بحسب المكلفين كلية عامة” ‏الموافقات

‏فلا يسع أحدا أن يخرج عن خطابها، وهي صالحة مصلحة لكل زمان ومكان وإنسان!

قال الشاطبي: ‏”طلب التخفيف بوجه غير شرعي باطل” ‏الموافقات (٣٤٦/١)

بناء عليه: فإن الشريعة بأحكامها ومقاصدها موضوعة لمصالح العباد في الدارين، وهي وافية بها.

قال الشاطبي: ‏”وضع الشريعة إنما هو لحفظ مقاصدها بإقامة مصالح العباد في العاجل والآجل”

‏الموافقات(٦/٢)

‏فالأمر كما قال الشاطبي أيضا: ‏”المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه” ‏الموافقات(١٦٨/٢)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى