بهية عماوي.. مسلمة هزمت “تكساس” وإسرائيل
إعداد محمد المنشاوي
اسمها بهية عماوي، وباتت أشهر من نار على علم في أميركا والعالم الإسلامي بعد أن أنصفتها محكمة أميركية في ولاية تكساس إثر طردها من عملها بسبب رفضها التعهد بعدم مقاطعة إسرائيل.
ووُصف قرار القاضي الفدرالي روبرت بيتمان الذي صدر الأسبوع الماضي في دائرة غرب ولاية تكساس، والذي أشار إلى عدم دستورية قرار الولاية بطرد بهية من عملها؛ بالنقطة المهمة في صراع محتدم تشهده الولايات المتحدة خلال العامين الأخيرين إزاء طبيعة العلاقة مع إسرائيل من ناحية، وحدود انتقاد سياساتها وحتى مقاطعتها اقتصاديا وأكاديميا من ناحية أخرى.
وتحدثت الجزيرة نت مع بهية التي أكدت أنها لم تتردد في رفض تشريع ولاية تكساس الداعي لرفض مقاطعة إسرائيل حتى وإن كلفها ذلك فقدان عملها لأكثر من عام، وذلك سعيا لتحقيق العدالة وإلقاء الضوء على ضرورة تمسك الشخص بكافة حقوقه السياسية، خاصة في ما يتعلق بحرية الرأي وحرية اتخاذ مواقف سياسية دون انتقام من الولاية أو جهة العمل.
بدأت تداعيات قضية بهية، التي تعمل خبيرة في التخاطب، ومتخصصة في معالجة أمراض النطق والكلام منذ 2009 في مدارس مدينة أوستن عاصمة ولاية تكساس؛ الصيف الماضي، عندما طردت من عملها ولم يجدد عقدها بسبب رفضها الموافقة على عبارة أضيفت لعقد العمل الخاص بها.
وتنص العبارة على التعهد بعدم مقاطعة إسرائيل أو المشاركة في أي عمل من شأنه الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي. وكانت ولاية تكساس تبنت قانونا خلال 2017 يحظر مقاطعة إسرائيل.
وأكد حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت -في بيان له عقب توقيعه على القانون في مايو/أيار من العام نفسه- أن “العداء لإسرائيل يعني العداء لتكساس”، وأنه لن يتسامح مع أي موقف ضد الحليف المهم.
وجاء في القرار نص يقول “لا يسمح لأي جهة حكومية أن تتعاقد مع شركة أو طرف ما لم يتم التأكد من أن هذه الجهات لا تقاطع إسرائيل خلال فترة التعاقد”.
قوانين مشابهة
وتم تمرير قوانين مشابهة في 27 ولاية من ولايات أميركا الخمسين، وخيرت مقاطعة بفلجرفيل التعليمية -حيث مقر مدرسة العمل- بهية بين التوقيع على العقد الذي يتضمن “عدم مقاطعة إسرائيل” أو أن تفقد عملها، وهو ما كان منذ بداية العام الدراسي في أغسطس/آب الماضي، كما ذكرت للجزيرة نت.
وأكدت بهية في حديثها للجزيرة نت أنها نالت “الكثير من التأييد والدعم من العديد من الجمعيات والمنظمات الأهلية الأميركية داخل ولاية تكساس وخارجها ممن يؤمنون بحقوق المواطن الدستورية”.
وعن علاقتها بمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، الذي مثلها كجهة قانونية في الدعوى ضد ولاية تكساس، ذكرت بهية أنها وبالصدفة شاركت مع زوجها قبل أسابيع من بدء الأزمة في فعالية لجمع تبرعات وتعريف بـ”كير”، وتعرفت على جهودهم الكبيرة لخدمة الجالية المسلمة، لذا لم تتردد في العمل معهم لمواجهة ما تعرضت له. وتعد “كير” من أكبر الجمعيات المدافعة عن حقوق الجالية الإسلامية داخل الولايات المتحدة.
ورفعت بهية دعوى قضائية لدى المحكمة الفدرالية في تكساس، ضد المدرسة وضد المدعي العام لولاية تكساس، تتهمهما فيها بانتهاك حق حرية التعبير الذي يكفله لها الدستور الأميركي.
وقالت بهية إنها “لم توقع على العقد لأنها وعائلتها لا يشترون السلع التي تنتجها الشركات الإسرائيلية دعما للمقاطعة ضد إسرائيل بسبب احتلالها أرضا فلسطينية وانتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني”.
أهمية الحكم
جاء قرار القاضي روبرت بيتمان تأسيسا على التعديل الأول للدستور الأميركي الذي ينص على أنه “لا يصدر الكونغرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق الناس في الاجتماع سلميا، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف”.
وفصل القاضي حكمه في مذكرة من 56 صفحة، اطلعت عليها الجزيرة نت، وأشار فيها إلى أنه لا يحق للولايات أن تصدر تشريعات وتتبنى قوانين من شأنها حظر مقاطعة إسرائيل كشرط للحصول على فرص عمل حكومية.
وأكد القاضي بيتمان في حكمه أن قانون الولاية “يعد مخالفا للتعديل الأول في الدستور الأميركي، حيث إنه يهدد تبني فكرة أو رأي معين من خلال استخدام القوة وليس من خلال الإقناع”.
وهذا الحكم ليس الأول من نوعه، وقبل صدوره صدر حكمان من قضاة فدراليين يمنعان الولايات من ردع الأنشطة المناوئة لإسرائيل أو مقاطعتها.
وكان قضاة فدراليون بعدة ولايات -منها أريزونا وكنساس وأركانساس- أصدروا أحكاما مشابهة تعارض فرض الولايات عقوبات على مقاطعة إسرائيل استنادا إلى التعديل الدستوري الأول.
وفي هذا الخصوص، قالت كارولين هومر محامية السيدة بهية للجزيرة نت إن “رفض القاضي قرار ولاية تكساس جاء قويا واعتمد على مخالفة الولاية عدة مبادئ دستورية؛ فالعقد يميز ضد المتعاقدين مع جهة حكومية، ولغته غير واضحة وتحمل عدة دلالات فضفاضة، وضرورة توقيع المتعاقد على التعاقد بصيغته المعروضة يخالف قوانين العمل، إضافة إلى أنه يخالف بوضوح حقوقا منها التعديل الأول للدستور الأميركي في ما يتعلق بحرية الرأي”.
صدى القضية
وعقب صدور الحكم، تعهد المدير التنفيذي لمنظمة “كير” نهاد عوض “بالاستمرار في مواجهة الولايات الـ26 الأخرى، التي مررت قوانين معادية لحركة مقاطعة إسرائيل، ونحن متأكدون من أننا على الجانب الصحيح من الدستور ومن التاريخ”.
وذكرت المحامية كارولين “أن القرار الصادر يتعلق فقط بولاية تكساس نظرا لاستقلالية النظام القضائي لكل ولاية، لذا فالمعركة ضد القوانين المشابهة في الولايات الأخرى مستمرة بلا توقف”.
ولن يقتصر تأثير الحكم على عودة السيدة بهية لعملها، بل سيمتد لحالات أخرى مشابهة داخل ولاية تكساس؛ فقد تم إيقاف أشخاص آخرين عن العمل بجامعة هيوستن للأسباب نفسها.
ورحبت أكبر منظمات الحقوق المدنية الأميركية (ACLU) بقرار القاضي الفدرالي في تكساس، ودعت “أعضاء الكونغرس والمشرعين المحليين لفهم قرار القاضي، وأن حركة الحق في مقاطعة إسرائيل (DBS) بخير، وأن أي محاولة لإيقافها تضعكم على الجانب الخاطئ من الدستور الأميركي”.
(المصدر: الجزيرة)