مقالاتمقالات المنتدى

بناء النفس.. وجدليّة الوسواس..!!

بناء النفس.. وجدليّة الوسواس..!!

بقلم د. عمر عبدالله شلح (خاص بالمنتدى)

( وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِۦ نَفْسُهُۥ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ ).. هذا نص تربوي مهم في بناء الذات.. وسأقف في جزئية واحدة من هذا النص، وهي وسوسة النفس..
وفي تعريف الوسوسه، هي الحديث الخفي في داخل الإنسان، ويكون من ثلاث قنوات داخلية. وهذه القنوات التي تمارس الوسوسة هي، النفس والشيطان والهوى..
وهذا النص يذكر واحدة منها، وهي النفس.. ولكن أيّة نفس هي التي تفعل ذلك يا ترى ؟؟
فالنفس تكون في مقامات مختلفة عند الإنسان، وهي الأمّارة بالسوء، واللوامة، والزكية، والمطمئنة..
وهنا في حالة الوسواس، فإن النفس الأمّارة هي التي تقوم بعملية الوسوسة، وذلك لتحقيق هدفين، الأول إشباع الرغبات والحاجات، والثاني، هو الأخذ بصاحبها إلى النار، في تحالف سيئ مع الشيطان والهوى.. وهذا الذي تقوم به النفس الأمارة، هو جزء من الوسواس القهري الذي يذكره علم النفس.. لكن الفارق في علاج هذا الوسواس، هو كيفية تحديد المشكلة، ووصف العلاج الصحيح لها.. فهذه الوساوس والتي مردّها من النفس، إذا تم تحديد ذلك بشكل صحيح، فإن أفضل علاج لها هو تربية النفس وتهذيبها، وفقاً لمنهج تربوي وخطة منهجية، قد تستغرق فترة من الزمن وقد لا تكون طويلة، تتحدد بمدى استجابة الشخص للعلاج، والتعاطي بإيجابية مع المعالج..
أما علاجها بالعقاقير، فهذه العقاقير تعمل على تسكين المشكلة، وليس حلها، لأن العقاقير عادة تتعامل مع أجزاء مادية في جسم الإنسان، تكون مسؤولة عن مرض معين..
أما حالة الوسواس الذي يحدث مع الإنسان، سواء ذكر أو أنثى، فهو ليس شيئاً مادياً، يتم تشخيصه بفحص سريري، أو ببعض التحاليل والصور اللازمة لبعض أجزاء الجسم الحيوية..
هذه النفس التي يعاني منها صاحبها، هي التي يمكن أن تهلكه إن ترك لها العنان، أو تدخله الجنة إن أحسن الإمساك بزمامها، وقام بقيادتها نحو الخير، وأشغلها بكل ما هو إيجابي، لأنه إن لم يشغلها بذلك، فهي ستشغله بكل ما هو سلبي، حتى يصعب عليه العودة، إلا بعد جهد كبير من العلاج.. ويمكن القول أن مخالفة النفس، يعتبر أهم أحد محددات علاج النفس..
وصلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
وقيل عن النفس ” بأنها كالطفل، إن تفطمه ينفطم، وإن تتركه شبّ على حب الرضاعة..”
النفس هي من أكثر الأشياء تعقيداً لدى الإنسان.. وإن لم يحسن في كيفية التعامل معها، فقد تورده أصعب المواقف، كما فعل قابيل مع أخيه هابيل ” فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله..”
الإرادة للتغيير، هي من أهم عوامل النجاح.. ومن أراد إحداث تغيير في عملية البناء الذاتي، فعليه أن يمتلك الإرادة الحقيقية لذلك من ناحية، وأن يتحمل تبعات عملية البناء من صعوبات أو انتكاسات، من ناحية ثانية.. ومن أراد أن يصل إلى مبتغاه، فعليه ببدء المسير..
اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح بناء الذات.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .

إقرأ ايضا: العبث الدعوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى