بقلم د. عادل با ناعمة
١-اليوم وقد انقضت حلقات (معالم) العشرون أستعيد تفاصيلها: تعب التفكير، سهر الإعداد، إرهاق التسجيل، مشكلات البث
صعوبات كثيرة يخففها أمران:
٢- أولهما: صحبة سيدي الشيخ العلامة، وثانيهما: ما أجده من سرور إخواني وأحبابي ممن شاهد البرنامج وانتفع به.
٣- علمتني مناقشة الشيخ الجليل أن سبر الموضوعات وفهمها ومن ثم الحديث عنها تأييدا أو اعتراضا لايجيء اعتباطا وإنما لابد له من أخذ العدة.
٤- هذه العدة تتضمن استيعابا لنصوص الوحيين، وإدراكا لكليات علوم الشرع وقوانينها، واجتهادا في الإحاطة بما كتب حول الموضوع.
٥- وتتضمن مع كل ماسبق صدقا في البحث عن الحق، وتوكلا على الله في طلبه، وسؤالَه الهداية لما اختلف فيه من الحق بإذنه.
٦- وتعلمت من الشيخ الفرق بين المطّرد في منهجه، المنضبط في أصوله، المخرّج لفروعه على نسق متلئبّ، والمتسوّر على المسائل يتحدث هنا بمنطق، وهناك بنقيضه!!
٧- وتعلمت منه كذلك أن المتبيّن لأمره العالم بما يقول لايزيده النقاش والاعتراض والإيراد إلا هدوءا وألقا وحسن جواب وزيادة بيان وتحرير.
٨- أما الناظر في رؤوس المسائل بحثا عن الإغراب، وتعلقا بالمخالفة، بحجة العقل! أما هذا فدأبه الحدةُ والشتم والتباهي والتحدّي مع الحيدة عند تناصي الحجج.
٩- في موضوع (الجمعة) حشدتُ نحوا من سبعين صفحة من الإعداد، وظننتُ -وبعض الظن إثم- أني استوفيتُ، ففجأني الشيخ بعجائب!
١٠- مثل ذلك حصل في (الزواج)، فمذكرة الإعداد الحافلة قصرتْ عن كثير من آفاق الشيخ حفظه الله.
١١- أدركتُ أن الحفظ وحده، والجمع وحده، والتقميش وحده، لايصنع العالم! هناك روحٌ زكية، وعقل ذكيّ، وبركة ربانية، وتجربة ميدانية، وصبر طويل طويل.. وقلما اجتمعتْ.
١٢- تعلمتُ من الشيخ أن العالم الحق حتى وهو يخالف الجمهور في اجتهاده يوقرهم ويعظمهم ويحفظ لهم مقامهم ولا يغمزهم في دين ولا عقل.
١٣- ورغم ٨ سنوات من الحوار، وأكثر من ٢٠٠ حلقة، لم أسمع منه يوما ادعاءً بأنه حفظ كذا وقرأ كذا واستوعب كذا .. رغم أنه فعل من ذلك مايُدهش.
١٤- في كل موسم حواريّ مع الشيخ تتفتح لي آفاق في العقل والعلم والقلب والسلوك .. فسبحان من يكرم من شاء بما شاء.
١٥- ولعل أعظم ماتعلمته من الشيخ أنه بشر يصيب ويخطئ، فلا يتباهى بصوابه إن أصاب، ولا يستحيي من الاعتراف بالخطأ إن أخطأ.
١٦- ولذلك فإنه لم يضق قطّ بإصراري على مفاتشة اختياراته، وسوق الإيرادات عليها، لأنه يعلم أن هذا علم لايصح فيه الضيق بالمخالف.
١٧- وأشهد أني قد حاورتُ عديدين غيره فوجدتُ من الغضب والانزعاج والاتهام بتلبيس الحق! وترويج الشبهات! ماجعلني أنكفئ عليه، فلا أحاور سواه.
١٨- حفظ الله شيخنا الددو، وغفر لنا وله.
١٩- وإني لأعلم أنه بشر يصيب ويخطئ، وماقصدتُ إلى غلو فيه، ولكني شهدتُ بما علمت.
وما أزكي على الله أحدا.
٢٠- وأقل حقه على من انتفع بعلمه أن يدعو له.
والحمدلله رب العالمين.