مقالاتمقالات مختارة

المهاجرين إلى الغرب بين الإلحاد والثبات

المهاجرين إلى الغرب بين الإلحاد والثبات

بقلم صهيب مقداد

تقارير وإحصائيات صدرت ومقالات كُتبت تُنذر عن كارثة يجب أن يُدق لها ناقوس الخطر، وأن نفتح أذهاننا إلى جانب مهم من جوانب الدعوة، لتثبيت شباب وبنات الأمة، فقد نشر موقع السبيل تقرير يوضح فيه أسباب انتشار الإلحاد بين السوريين في الغرب، وموقع آخر نشر عن تفكك الأسرة و نسب الطلاق العالية بين العرب المهاجرين نحو أوروبا وغير ذلك الكثير،  فالمهاجر يصل إلى الغرب، فينزل من المطار، أو إلى الشط على ظهر القارب، يرى بعينيه، شوارع نظيفة، أبنية عالية، وغير ذلك،  فيرسم في مخيلته المعادلة التالية:

تقدم اقتصادي=العرب متخلفين=الإسلام باطل.

صدمة حضارية، يعيشها اللاجئ لفترة يرى فيها جمال البلاد التي ذهب إليها، ثم يبدأ بالمقارنة بين البلد التي جاء منها والتي فيها دمار وحرب، وبين البلد التي وصل إليها والتي فيها استقرار وأمن وسلام، الذهاب إلى بلاد الغرب في هذه الأيام، ذاهب بنفسية مكسورة ويحمل في داخله “القابلية للإستعمار” وغير مُؤسس عقائديًا، فيصل فيه الأمر إلى الإنحراف العقدي وإلى الإلحاد والكفر حتى أن البعض يصرّح في مقابلات اللجوء وقبل وصوله لبلاد الغرب عند سؤاله عن دينه بأنه لا يؤمن بأي دين، ظانًا بأن ذلك يسرع من إجراءات القبول إلى بلاد الغرب، وعند الوصول يظن بأن هذه البلاد قد تقدمت لأنها ألحدت دون النظر في الأمور من الجانب الصحيح، فيلقي اللوم في بلاده على المجتمع والدين.

– هل للدين ذنب؟

لا يفرق الكثير بين الواقع الذي نحياه وما أمر الله به، فنحن اليوم لا تحكمنا الشريعة ولا نطبّق ما أنزل الله ونحكمّه في أمور حياتنا، وما يحكمنا اليوم هي انظمة علمانية ودول استبدادية، فما ذنب الإسلام في ذلك؟ وما ينكره الناس من ظلم تنكره الشريعة أيضًا، وعدا عن عزل وإسكات أهل العِلم القويم وتصدير نماذج مسيئة وغير مؤهلة؛ لتوليد حالة كراهية ضد الدين ونفور وضنك، فيأخذ الشخص معه إلى بلاد الغرب تصوره الخاطئ عن الواقع الذي لا يشبه ما أمر الله فيه بشيء إلا القليل، وأستذكر هنا ما أشار إليه المهندس أيمن عبدالرحيم-فك الله أسره- بأن دول الإستعمار عندما حكمتنا قامت بتغيير الواقع بحيث لم يعد الواقع يتوافق مع الإسلام، وتبدل الجواب بدلا من تبديل الواقع ليصبح يتلائم مع الإسلام، ليصبح بشكل خاطئ بدلوا الإسلام ليتلائم مع الواقع..

– صالحون مصلحون أم  فاسدون:

قد ينتفع غير المسلم من المسلم المهاجر، إذا طبّق في أفعاله وأقواله واعتقاده، قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون..قيل وكيف ذلك؟ قال: بأخلاقكم.

وأن يظهر عزة الدين لا الخنوع والضعف، كما يقول الإمام الشافعي – في جملته – من أن المسلم: “إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر، فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها؛ لما يترجى من دخول غيره في الإسلام”

وما يحصل هو العكس،  فالثقافة الأوروبية والتأثير الغربي أصبحا طاغيان في عقول الشباب وفي أنفسهم ومظهرهم الخارجي، وحتى صرنا لا نستطيع إقناع الشباب بأن الغرب مليئ بالأخطاء الأخلاقية والمصائب وأن الصراع بيننا وبينهم هو صراع ديني عقدي، وهنا يتجلى قول أبن خلدون: المغلوب مولع بإتباع الغالب.

فعندما غُلبنا في الحرب فازوا بكل شيء،  فألحدوا وألحد على إلحادهم مرضى النفوس والمهزومين، وأصبحوا أدوات بيد الغرب للطعن بالأمة، فأنا أعلم أحدهم لم يمضي على رحيله إلى فرنسا أكثر من ٣ سنوات، كانت كفيلة بأن يحّول صفحته وموقعه للتمجيد بكرم فرنسا و بالليبرالية الفرنسية، حتى إذا ما حصلت أحداث الإساءة لرسول الله صل الله عليه وسلم، رأى بأن هذا من حرية الرأي والتعبير.

– الوقاية:

لا يمكننا أن ننكر أن الكثير قد هاجر لضرورة، ولكن وإن كان هذا الواقع، فلا بد من ضروريتين:

١-تحصين الفرج، بالزواج لمن استطاع: وهذا باختيار الزوجة الصالحة التي تعينه على الدنيا وعلى نفسه، ويكون كل زوج وزوجة سند للآخر.

٢-التأسيس العقدي والعِلم الشرعي: صحيح أننا لم نخلق جميعا لنكون أهل عِلم كعلماء الأمة المعروفين، ولكننا خلقنا جميعا لنتعلم من دين الله ووحيه ما يقينا شر الفتن وأهوال الشهوات.

وللأسرة دور مهم وضروري جدا، بعد زوال الوازع المجتمعي بعد انتقال الشخص من مجتمع مسلم إلى مجتمع غير مسلم، فيقع على عاتق الأهل وخاصة ممن ولد أبنائهم في بلاد الغرب أن يتابع أطفاله منذ الصغر وأن يتعلم ويعلم أبناءه العِلم الشرعي ولو بأقل قدر بحيث يجعل الأهل لأبنائهم سد منيع في أنفسهم، ومحاولة تتبع أبرز المشايخ المختصين  مثل الدكتور  الأردني أمجد قورشة المختص بعلاقة الغرب بالإسلام.

من المناسب أن يبحث المسلم -قدر المستطاع- عن حي فيه مسلمين فيكون بينهم وقريبًا منهم، كما من المناسب البحث عن المدارس الإسلامية في الغرب لتسجيل الأبناء فيها، ومناط هذه الأفعال هو التخفيف عن النفس أجواء الإغتراب، وتعاضد المسلمين فيما بينهم، فيثبت كل منهم الآخر.

(المصدر: موقع البوصلة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى