بقلم د. جميل بن حبيب اللويحق – موقع صحيفة مكة الالكترونية
ليست له قضية خلال مسيرته الطويلة في عالم الصحافة والإعلام، سوى مهاجمة التيار الديني بكل طريقة، ومن كل زاوية وفي كل مناسبة، فهي القصة الوحيدة التي تبقيه في دائرة الضوء وتصنع منه صاحب رأي وقضية بزعمه، وهو المسار الذي يلحقه بالمناضلين العظماء الثائرين على الظلام والرجعية في بلدانهم ومجتمعاتهم المتخلفة كما يحلو له أن يظن أو يتخيل، وعند التحليل الهادئ جدا لخطابه المتكرر تجد أنك ترى القضية الجوفاء ذاتها والتي كان ولا يزال يلوكها في كل مرة، فلا تراه في غيرها من قضايا الفكر والمجتمع، وإن خرج يوما من الدهر عن تلك القضية فلا ترى إلا روحا باردة وطرحا ساذجا جاء كتحلة القسم، وليس كحاله الدائم من التنمر والاستعلاء في قضيته الأم.
وإن كان لنا أن نتأمل سمات مشروعه الوحيد الباهت، فإننا سنرى بوضوح جملة أمور، منها أنه يتحدث دوما باتجاه واحد لا يقبل معه السماع، ولا الرد من المقابل لأنه غير معني بالحقيقة في واقع الأمر، ولذلك لا يأبه بصدقية طرحه، ولا موضوعيته وواقعيته، وإنما يعنيه أمر واحد وهو إلغاء هذا الآخر وإخراجه من كل شيء، فالهوى هو الغالب المسيطر على قلمه وفكره، وآخر مطالبه أن يصل إلى الحق والصواب.
ومنها أنه ولشدة فراغه وإفلاسه الثقافي والفكري لا يحسن إلا هذا الطرح، فتراه يكرره بصور شتى، مضطرا لكي يبقى حاضرا بأي صورة من الصور ويتحاشى أن يتناول أي شأن آخر خشية الانكشاف والافتضاح.
ومنها إدامة المناكفة والمشاغبة للتيار الأعرض والأكبر، لأن ذلك يحقق له معنى مطلوبا بشدة وهو الاشتهار والظهور، وليس مهما من أي بوابة جاء ذلك وما لون القضية المفتعلة ولا طبيعتها ما دامت مفضية للمقصود المحبوب.
ومنها أن هذا الطريق قد يحقق له مدخل علاقة وتواصل ببعض الجهات العالمية، والغربية منها على وجه الخصوص، والتي دأبت على احتضان هذا الفريق واعتادت الاحتفاء بمثل هذه الطروحات التي تحقق مقاصدها، فيتحصل بذلك على مكاسب من نوع آخر، وإن كان أكثرها من قبيل (نخشى أن تصيبنا دائرة).
ومنها أيضا أن نفسية الحقد الموتورة لدى البعض، تتطلب البحث عن متنفس يخفف عنها ما تجد، وهو ما تلمسه وتحسه في الجمل والكلمات التي يكاد شررها يحرق ناظريك، فهي دائمة التوتر والحدة وليس فيها من هدوء ولا روية ولا سكينة بحال.
والمصيبة بعد ذلك أن صاحبنا هذا يصدق نفسه في مرحلة متأخرة، فيعتقد أنه مناضل كبير يستحق التكريم والاحتفاء والثناء، ومن لم يقر له بذلك فهو عدو للحرية والانفتاح والنور.