مقالاتمقالات مختارة

المشروع الإيراني في سورية مرتكزاته وأدواته وسبل مواجهته

المشروع الإيراني في سورية مرتكزاته وأدواته وسبل مواجهته

بقلم المحامي عبد الناصر حوشان

  • لم يعد خافيا على أحد خطر المشروع الإيراني بعد استيلاء ملالي إيران على الحكم ،و تبني سياسة خارجية تقوم على مشروع توسعي لا يقلّ خطراً عن المشروع الصهيوني , فكلاهما يعتمدان الدين والمذهب مطيّة للوصول الى اهدافهما في بناء دول وامبراطوريات على أساس ديني او مذهبي ، كون الدين عامل استقطاب وجذب الاتباع ، ويّسهِّل عملية تجنيدهم عن قناعة من خلال زرع عقائد دينية وتاريخية فاسدة و مزوّرة ليكون العامل الديني والعقائدي هو معيار الانتماء والولاء التام للقائد ، و تلاقى مشروع الكيان الصهيوني مع المشروع الصفوي الفارسي في كثير من الأدوات و السياسات ، ومنها تشكيل العصابات المسلحة ، و نشر الرعب و الفتن و الاضطرابات , وتنفيذ الاغتيالات , والتفجيرات , و زعزعة النظم الاقتصادية ، وزعزعة استقرار المجتمعات و تفكيكها وشرذمتها . فكانت الميليشيات الإيرانية من الحرس الثوري الى فيلق القدس والميليشيات التي أنشأتها ” حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن، وعشرات الميليشيات في العراق، وعشرات الميليشيات الطائفية في سورية نسخة طبق الأصل عن العصابات الصهيونية مثل ” هاشومير والهاغانا وأرغون “.
  • لقد بنت إيران كما إسرائيل شبكات إرهابية في كل دول العالم، كما بنت شبكة تحالفات مع كثير من الدول من خلال المغريات الاقتصادية التي كانت تقدمها لها، وخاصة في مجالي النفط والطاقة والصناعات العسكرية، وما سعيها الى انتاج القنبلة النووية الا كسعي إسرائيل لها لتكون قوة إرهاب وردع كل من يواجهها من العرب والمسلمين.
  • كما تشترك إيران مع الكيان الصهيوني في صناعة الإعلام وامتلاك القنوات الفضائية والصحف التي تعتبر من أهم أسلحتها في الترويج لمشروعها واستقطاب المؤيدين والدفاع عن هذه المشاريع.
  • كما يشترك النظام الإيراني والكيان الصهيوني بالعداوة للعرب والمسلمين ظاهرا وباطناً، و سعيهما للقضاء على أي مشروع عربي او إسلامي يعيق تحقيق اهدافهما التوسعية.
    أولا: مرتكزات المشروع الإيراني في سورية:
    1- إعادة احياء العقائد الباطنية:
    التي ساهمت في تشويه العقيدة الإسلامية الصحيحة وتزوير التاريخ واثارت الفرقة والصراع بين المسلمين على مدى عقود طويلة من تاريخ الامة، عبر فتح مئات المحطات الإعلامية التي تبث سموم وخزعبلات لا يقبلها عقل او منطق ولا تأتلف مع أصول العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتخالف وتهدم الحقائق التاريخية التي لا تقبل التشكيك او الطعن.

2- إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية:
إيران كما هو معلوم دولة قومية تحاول إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية ،من خلال توظيف المذهب الشيعي والشيعة العرب لنشر الفتن الطائفية بين بلدان الخليج والمنطقة ،وفي سورية من خلال نشر المذهب الشيعي بالقوة أو بالترهيب او بالترغيب، واتباع سياسة التغيير الديموغرافي في بنية المجتمع السوري ،وتشكيل الميليشيات العسكرية ،وإرسال ميليشيات طائفية من العراق و أفغانستان و باكستان للقتال في سورية ضد الشعب السوري، والاستيلاء على الاقتصاد السوري و على القرار الأمني و الاستخباراتي في سورية.
تهديد السلم والأمن الدوليين:
1- تصدير الإرهاب:
من خلال تشكيل ميليشيات طائفية ومذهبية على غرار ميليشيات حزب الله في لبنان، وزرعها في سورية ولائها المطلق للقيادة الإيرانية ،وبقيادة مباشرة للحرس الثوري الإيراني تقوم بتنفيذ عمليات التجسس والاعمال الإرهابية من تفجيرات وعمليات مسلحة، أو اغتيالات أو إغراق تلك البلاد بالمواد المخدرات و السلاح، والتي ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري.
2- مشاريع تطوير الصواريخ الباليستية في الخارج:
كما هو الحال في سورية حيث تسيطر على مراكز البحوث العلمية، أقامت مصانع للسلاح الخفيف و المتوسط في عدة مناطق في سورية ،كما حوّلت بعض المنشآت العسكرية إلى مراكز تجميع وتطوير للصواريخ البالستية، مما يهدد الأمن والسلم الدوليين متحدية في ذلك القانون الدولي الذي حاول مرارا وتكرارا لثنيها ذلك وعن امتلاك للسلاح النووي وإصدار العديد من القوانين والعقوبات الدولية بهدف ردعها ووقف إرهابها وزعزعتها لأمن واستقرار المنطقة.
ثانياً: قواعد الانطلاق في مواجهة المشروع الإيراني في سورية:
يجب ان ننطلق في مواجهتنا للمشروع الإيراني في سورية من القواعد التالية:
القاعدة الأولى: السيادة:
إن السيادة لا تعني الاعتراف بالسلطة القائمة أو احترامها فقط والتعامل مع مبدأ السيادة من خلال السلطة لأن السيادة وفق الدستور هي حق الشعب السوري كلّ الشعب و ليس حق فئة أو مجموعة في المحافظة على استقلال بلاده، وفي حقه في ملكية أرضه وحماية حدوده و الحفاظ على ثرواته الوطنية واستغلالها، لذا فإن فقدان شرعية النظام الحاكم أو عدم قدرته او تهاونه او تخاذله في صيانة وحماية الشعب و الأرض ينقل واجب حماية السيادة إلى الشعب الذي هو صاحب الحق الأصيل بذلك ،و ما السلطة او الحاكم إلا وكيل او نائب تسقط وكالته و نيابته عند التفريط بحقوق من يمثِّل أو خيانة الأمانة.
القاعدة الثانية: إن الوجود الإيراني في سورية هو عدوان وليس إحتلال:

  • إن ما تقوم به إيران هو غزو عسكري يرتقي الى درجة العدوان الذي حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة اركانه وحالاته بقرارها رقم ” 3314 لعام 1935 ومنها:
    قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة، على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق أو أي تمديد لوجودها الإقليمي المذكور، إلى ما بعد نهاية الاتفاق؛ أو سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة، إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قِبَل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.
  • وعلينا أن نتجنّب التسليم بأن الوجود الإيراني في سورية هو ” إحتلال لما للفرق الواسع بين مفهومي الاحتلال والعدوان او الغزو من الناحية القانونية، فالتسليم بأنها دولة إحتلال يقودنا الى للاحتكام الى لائحة لاهاي لعام 1907 (المواد من 42-56) واتفاقية جنيف الرابعة (اتفاقية جنيف الرابعة، المواد من 27-34 ومن 47-78)، بالإضافة إلى بعض أحكام البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي.

القاعدة الثالثة: إن القوات الإيرانية وما يتبعها من ميليشيات هي ” منظمات إرهابية ومرتزقة ” :
إن قوات الحرس الثوري و الميليشيات الإيرانية أو التي شكلتها من العراقيين او الأفغان أو السوريين أو من غيرهم من العرب والأجانب، وحزب الله هي منظمات إرهابية ، ويعامل منتسبيها معاملة المرتزقة المنصوص عنها في اتفاقية حظر المرتزقة لعام 1077 , و قرار الجمعية العامة 54/151 المؤرخ 17 كانون الأول/ديسمبر 1999 وإلى قرارها هي 1999/3 المؤرخ 23 نيسان/أبريل 1999، والقرار رقم 3 لعام 2000 الذي ينص على ” إدانتها أية دولة سمحت أو تساهلت إزاء تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهـم وحشدهم ونقلهم واستخدامهم …… أو بهدف القتال ضد حركات التحرير الوطني، وإذ تشير كذلك إلى القرارات والصكوك الدولية ذات الصلة التي اعتمدها كل من الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومنظمة الوحدة الأفريقية، ومنها اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية للقضاء على استخدام المرتزقة “.
القاعدة الرابعة: بطلان كل العقود ” التجارية و الاتفاقيات العسكرية والأمنية و الإقتصادية الموقعة بين ايران و النظام :
3- تِبعا لعدم شرعية الوجود الإيراني في سورية ،و لكونها أصبحت طرف في نزاع داخلي , سخّرت و إمكانيات الحكومة الإيرانية في تجنيد و تدريب وتمويل المرتزقة ، وزجهم للقتال إلى جانب النظام السوري ضد الشعب السوري ، الأمر الذي كان ثمنه تسلّط هذه الميليشيات والمرتزقة ،وتغوّلها في الشأن السوري لدرجة استيلائها على المقدرات الاقتصادية للبلاد ،ونهب الثروات الباطنية والطبيعية و غصب عقارات السوريين، وسلب وتدمير ممتلكاتهم بشكلٍ لا يمكن أن يكون باستطاعة النظام السوري أو النظام الإيراني شرعتنه لا على مستوى القوانين الوطنية ولا على مستوى القانون الدولي .
ثالثاً: آليات مواجهة المشروع الإيراني في سورية:
تكون المواجهة الحقيقية والفعّالة للمشروع الإيراني من خلال التركيز على هدم المرتكزات التي يقوم عليها وتفنيدها وكشف زيفها وبطلانها عبر إنشار مراكز بحثية متفرِّغة مهنية اختصاصية تقوم بما يلي:
1- مراكز بحثية دينية:
تختص في إطلاق حملة دينية يقودها علماء الامة لتصحيح المفاهيم والعقائد المنحرفة التي يقوم عليها المشروع الإيراني تفكيك المجتمعات العربية والإسلامية في سعيه لكسب واستقطاب الاتباع وتجنيدهم
2- مراكز بحثية حقوقية:
تكلّف بمهمة إطلاق الحملات الحقوقية على المستوى الوطني والإقليمية والدولي ترصد وتكشف جرائم هذا النظام ومسؤوليه سواء في داخل ايران او في دول الجوار، والعمل على ملاحقتهم امام المحاكم الدولية والوطنية.
3- مراكز بحثية إعلامية:
مهمتها العمل على إطلاق وقيادة حملة إعلامية وتكثيف برامج التوعية بخطر هذا المشروع على عقيدة الامة وتاريخها ومستقبلها.
4- مراكز دراسات سياسية واستراتيجية:
تقوم على اعداد الاستراتيجيات و وضع برامج سياسية وخطط استراتيجية متقنة و ومهنية تتضمن رصد مسار المشروع الإيراني و العمل على وضع خطط المواجهة السياسية و الاستراتيجية و آلياتها و والأدوات الكفيلة في تحقيق هدف المواجهة.

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى