المشاركة السياسية في الانتخابات مع غير المسلمين
بقلم د. صلاح الصاوي
الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة ورئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا «مشكاة»
لم يعد حكم المشاركة السياسية في الانتخابات مع غير المسلمين في البلاد غير الإسلامية موقفا فرديا يتبناه آحاد المفتين هنا أو هناك، بل صار موقفا جماعيا تتبناه المجامع الفقهية المعاصرة؛ كالمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، والمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث وغيرهم من المرجعيات الفقهية الموثوقة، ولهم في ذلك قرارات قد تختلف في بعض عباراتها ولكنها تتفق جميعا في مضمونها، وصفوة القول فيما قررته هذه المجامع ما يلي:
1- مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين في البلاد غير الإسلامية من مسائل السياسة الشرعية التي يتقرر الحكم فيها في ضوء الموازنة بين المصالح والمفاسد، والفتوى فيها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال، فإن مبنى الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.
2- يجوز للمسلم الذي يتمتع بحقوق المواطنة في بلد غير مسلم المشاركة في الانتخابات النيابية ونحوها لغلبة ما تعود به مشاركته من المصالح الراجحة، مثل تقديم الصورة الصحيحة عن الإسلام، والدفاع عن قضايا المسلمين في بلده، وتحصيل مكتسبات الأقليات الدينية والدنيوية، وتعزيز دورهم في مواقع التأثير، والتعاون مع أهل الاعتدال والإنصاف لتحقيق التعاون القائم على الحق والعدل، وقد يجب ذلك إذا تعين سبيلا إلى تحقيق هذه المصالح أو دفع هذه المفاسد،
وذلك وفق الضوابط الآتية:
أولاً:
أن يقصد المشارك من المسلمين بمشاركته الإسهام في تحصيل المصالح العامة للمسلمين، وسائر المتوطنين، ودرء المفاسد والأضرار عنهم.
ثانياً:
أن يغلب على ظن المشاركين من المسلمين أن مشاركتهم تفضي إلى آثار إيجابية، تعود بالفائدة على المسلمين والمتوطنين في هذه البلاد؛ من تعزيز مركزهم، وإيصال مطالبهم إلى أصحاب القرار، ومديري دفة الحكم، والحفاظ على مصالحهم الحيوية: الدينية والدنيوية.
ثالثاً:
ألا يترتب على مشاركة المسلم في هذه الانتخابات ما يؤدي إلى تفريطه في دينه.
فنهيب بمن تصله رسالتنا هذه أن يبادر إلى مباشرة حقه في التصويت، وليعلم أن صوته أمانة ينبغي أن تؤدى إلى أهلها، وشهادة ينبغي أن يقيمها على وجهها. والله تعالى اعلى وأعلم.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)