مقالاتمقالات مختارة

الماعون ما لا نعلمه عنه ..

بقلم د. فضل مراد

سأختم حديثي عن السورة بهذا التشريع الأخير فيها

(ويمنعون الماعون )

لا بد من الرجوع إلى معاني الماعون في لسان العرب واستعمالاتهم وقد أوعى ذلك جمع وخلاصة الماعون أن له اثني عشر معنى نقلها القرطبي وغيره.

1- زكاة أموالهم.

2- يمنعون المال.

3- يمنعون منافع البيت كالفأس والقدر والنار.

4- كل ما فيه منفعة.

5- العارية.

6- المعروف بين الناس.

7- الماء والكلأ.

8- الماء فقط.

9- منع الحق.

10- منع الشيء القليل.

11- منع الطاعة والانقياد.

12- المعونة.

هذه المعاني هي ما تدور عليه استعمالات العرب في معنى الماعون ومن هنا نعلم سعة معاني هذا الدستور الإلهي المحفوظ الذي نزل بلغة العرب..

هذه اللغة العظيمة التي شرفها الله أن كانت لغة كتابه المحفوظ، ولغة العرب حملة الرسالة إلى العالم.

إن هذه اللغة تتعرض اليوم لتعمد الجهل بها وبفنونها والتخاطب بها، واللغة هي ركن الهوية والتاريخ والحضارة وبوابة فهم الدين من القرآن والسنة.

إذاً.. ما الهدف مما يحصل بتكتيك ممنهج لتجهيل الأجيال العربية باللغة العربية.

دعوني أقول أننا نشارك في هذه الحملة بتصرفاتنا وتعاملنا مع الأسرة والمجتمع ببرود لا مسئول نحو جهلهم بلغتهم الفصحى لغة الوحي والشريعة.

وتعلمها واجب في الجملة والتخصص فيها فرض كفاية. .

.. سلو أبناءكم هل يعرفون «متن المقدمة الأجرومية في النحو»؟

هل سمعوا بهذا من قبل ….

وهذا مؤشر دقيق على صلتنا بأبسط وأول كتاب في علم النحو يدرس للأطفال ونحوهم من المبتدئين الكبار.

هذا ما يمكن قوله في هذه الأحرف.

حال كوننا متحدثين عن كلمة عربية مكونة من خمسة أحرف فقط «ماعون».

أما ما تعطيه من فقه، فمنه:

تحريم الماعون بكافة أشكاله وصوره التي تستوعبها هذه اللفظة الواحدة.

إن الماعون اليوم في عصرنا الكثير التعقيد . عصرنا الذي طغت فيه المادة والمصلحة على معاني الإنسانية والقيم

..تتتشكل فيه الماعونية بصور شتى.

لو أخذنا منع الزكاة التي هي فرض وركن من أركان الإسلام .

أو تكلمنا عن العون وتقديمه للناس كظاهرة مجتمعية من قيم هذا الدين الأصيلة وتكليفاته الهامة العامة «وتعاونوا على البر والتقوى»….

إن منع تقديم العون للآخرين وقضاء حوائجهم إذا تعين يعتبر من الذنوب التي اقتضت أن يشملها الويل «فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم الذين هم يراؤن ويمنعون الماعون …».

وأما إذا لم يتعين فهو فعل قبيح في المروءات، كما أفاده القرطبي وغيره، وهو تفصيل حسن.

إن ثقافتنا المعرفية قصرت الماعون على أدوات البيت وأدوات الأثاث فحسب، وذلك لغفلتنا عن لغتنا وجهلنا بدلالاتها

ومع هذا فإنه

وإن كان ضيقا في المعنى لكن الفقيه سيقيس عليه قياسا أولويا أو مساويا لان من يحرم منع الدلو والحبل كيف لا يحرم منع ما هو أهم واعظم

.لكن الفقيه لا يحتاج هنا القياس

لان اللفظ «الماعون» أغناه عن هذا القياس فشمل أنواعا يمكن أن نسميها الماعون الشخصي والماعون المجتمعي، بل والماعون الدولي الذي منع الحقوق عن آخرين ومنع العون العلمي والنهضوي الذي هو من حق الأمم.

و حوصرت دول ولاجئون ومدنيون عن أبسط المعونات،

بل عن حق المرور من دولة إلى أخرى

فضلا عن ايوائه واعطائه حق الاقامة

فويل للذين يمنعون الماعون من كانوا.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى