مقالاتمقالات مختارة

الليبرالية والليبراليون (1)

الليبرالية والليبراليون (1)

بقلم حسن أبو غدة

الليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من (Liberalism) في الإنجليزية، و (Liberalisme) في الفرنسية، وهي تعني ” التحررية “.
وهي مذهب فكري يركز على الحرية الفردية، ويرى وجوبَ احترام استقلال الأفراد، ويعتقد أن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين مثل حرية التفكير، والتعبير، والملكية الخاصة، والحرية الشخصية وغيرها. ولهذا يسعى هذا المذهب إلى وضع القيود على السلطة، وتقليل دورها، وإبعاد الحكومة عن السوق الاقتصادي، وتوسيع الحريات المدنية.
وتقوم فلسفة هذا المذهب على أساس عَلماني يعظِّم الإنسان، ويرى أنه مستقل بذاته في إدراك احتياجاته.
وتذكر الموسوعة الأمريكية الأكاديمية: أن النظام الليبرالي الذي ارتسم في فكر عصر التنوير بدأ يضع الإنسان بدلاً من الإله في وسط الأشياء، فالناس بعقولهم المفكرة يمكنهم أن يفهموا كل شيء، ويمكنهم أن يطوروا أنفسهم ومجتمعاتهم عبر فعل نظامي وعقلاني.
ويقول جميل صليبا: مذهب الليبرالية أيضاً مذهب سياسي فلسفي، يقرر أن الدين ليس ضرورياً للتنظيم الاجتماعي الصالح، وأن القانون يجب أن يكفل حرية الرأي والاعتقاد.
قلت: من أسس الليبرالية فصل الدين عن الدولة والمجتمع… وهي قرينة العَلْمانية بفتح العين وسكون ال?م..

نشأة الليبرالية وانتشارها بجهالة في البلاد الإسلامية:
نشأت الليبرالية في أوربا كردة فعل ضد مظالم الكنيسة والإقطاع، ثم تشكلت في كل بلد بصورة خاصة، وكانت وراء الثورات الكبرى في العالم الغربي.
وانتقل مفهوم الليبرالية إلى البلاد الإسلامية قبل عدة عقود، واعتنقه ودعا إليه العديد ممن تأثروا بالثقافة الغربية، زاعمين أن الإسلام يناقض الحريات والعلم والتقدم، دون النظر إلى أيِّ خصوصية لهذا الدين العظيم، الذي أرادوا عزله عن الحياة المعاصرة وإبقاءه حبيسَ المساجد وقوانين الأحوال الشخصية.
ولَيْتَهم ـ لو كانوا صادقين مخلصين ـ بحثوا في أوجه الخلاف بين دين الإسلام الذي أرادوا عزله عن الحياة المعاصرة، وبين الدين النصراني الذي استبدت الكنيسة الأوربية فيه بالحكم وحاربت العلم ورجاله، وقاومتهم وزجَّت بهم في السجون معذَّبين مقهورين، أو أمواتاً مجهولين.
في حين أن القرآن الكريم والسنة النبوية يحفلان بمئات النصوص المعظمة للعلم والعلماء، الداعية إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد، واعتبار ذلك عبادة يؤجر عليها المسلم…
بل إنه لم يُذكر في التاريخ الإسلامي أيُّ اضطهاد للعلماء، كما أنه لم تنشأ خلال التاريخ الإسلامي أيُّ طبقة كهنوتية تُخضِع لسلطانها طبقة العلماء…
بل إن معظم العلماء المسلمين الذين نقل لنا التاريخ إبداعَهم في أيٍّ من فروع العلم والمعرفة، كانوا قد نشؤوا على التربية الدينية السائدة في تلك العصور الزاهرة الممتدة في زمن الأمويين والعباسيين ومن بعدهم، ولم يحدث أن اشتكى أيٌّ من علماء الإسلام من التناقض الذي يمكن أن يحدث بين عقيدته الإسلامية والتزامه بتعاليمها السلوكية، وبين أبحاثه وتجاربه في كافة ميادين العلم التجريبي والطبيعي.
وللحديث بقية

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى