مقالاتمقالات مختارة

الكنيسة المصرية والاستيلاء على أراضي الدولة

الكنيسة المصرية والاستيلاء على أراضي الدولة

بقلم د. زينب عبد العزيز

نشرت جريدة الأهرام أمس، 1/6/2021، خبرا في الصفحة الخامسة حول استيلاء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على محمية وادي الريان بالفيوم، على ما يبدو من الخبر سنة 2017، وتعدت عليه بإقامة دير بوضع اليد ورفضت تسليمة للشرطة أمس.. وعلي ما يبدو أيضا ان مشاحنات ما قد دارت حول المبالغ التي لم تدفعها الكنيسة، ولا يوضح الخبر تفاصيلها، لكن من المؤكد ان موقف الشرطة تجاه مخالفات الكنيسة لم يكن مثلما يتم مع المساجد التي تُهدم إذا ما بدأ البناء قبل وصول الترخيص.

الكنيسة والاستيلاء على أراضي الدولة
الكنيسة والاستيلاء على أراضي الدولة

وبمناسبة الخلاف المالي الذي لم يذكر الخبر تفاصيله، لكنه أوضح إن الكنيسة اعترضت عليه، فليس سرا أن أضيف: ان أغني أغنياء البلد اقباط، وفقا لمجلة فوربس. ولو افترضنا ان عدد المليارديرات في الطرفين متساوي، فإن نسبة 10% من التعداد مسيحيين (وفقا للفاتيكان) و90% مسلمين فمن المهانة ان يصل النقاش الي هذا المستوي وترفض الكنيسة دفع ما عليها من ضرائب.

ولا أود الدخول في تفاصيل الاستيلاء على وادي الريان، فالخبر كما هو منشور بالأهرام، لا يقدم التفاصيل التي يجب تناولها في مثل هذه المواقف.. لكن ما ألفت النظر إليه هو كم المخالفات الخارجة عن القانون، وكم المسكوت عنه في ملف المخالفات التي وقعت فيها الكنيسة المصرية القبطية، وكأنها ألفت أو قررت مواصلة القيام بذلك، غير عابئة بما قد تثيره هذه التصرفات العشوائية أو الاستفزازية من تراكمات..

وأقول بوضوح «الكنيسة المصرية»، أي التي يجب ان يكون ولائها لمصر، التي تحتضنها، وليس للفاتيكان وتعليماته، التي تخرجها عن قانون الدولة التي عليها ان تعامل الإسلام والمسيحية بنفس العدالة القانونية.. وغني عن القول ان الفاتيكان في العديد من تصريحاته يعلن بوضوح أنه يستعين “بالأقليات القبطية لتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط”، بل لقد كوّن لجان ومكاتب لذلك، وهذا موضوع آخر..

وما أكثر ما يوجد من أمثلة في السنوات القريبة والبعيدة أو الشديدة البُعد، من قبيل بناء 5800 كنيسة بلا تراخيص، وجري تقنينها العام الماضي، رغم كورونا وكل ما تسببه للدولة من مشكلات ومعاناة، وكأن هذا التقنين مسالة حياة أو موت! ومنها رفع منارة الكنائس، وكان ارتفاعها في الأصل حوالي متران حول قبة الكنيسة، فبات ارتفاعها أعلي من مآذن المساجد التي هي في أصل تصميمها مرتفعة أصلا، وكأننا في سباق من يرفع أكثر! وتعمد رشق الدولة بالكنائس ومباني خرسانية وكأننا في حرب مع المغول، بل وبناؤها في المناطق النائية والآهلة وكأن المطلوب من هذه المباني الصياح بأعلى صوت “أن القاهرة باتت ذات الألف كنيسة”! ولا أجد سوي كلمة هزيلة مريرة: عيب.. عيب يا كنيسة يا مصرية أن يكون هذا تفكيرك أو هدفك وتصرفاتك وولائك.

أما الأديرة وآلاف الأفدنة المأخوذة بوضع اليد من أراضي الدولة، وكثير منها بدأ بقلاية يعتزل فيها الراهب، ثم ترشق القلاية الثنية بعيدة عنها، ثم ترشق الثالثة الخ.. ثم تحاط هذه القلايات فجأة بسور مرتفع لا يمكن الاقتراب منه وإلا خرج الرهبان بالبنادق كما حدث فعلا والتاريخ ملئ بمثل هذه المخالفات القانونية والمالية، كما أن آلاف هذه الأفدنة، المستقطعة عنوة من أراضي الدولة، أقيم عليها مزارع ومشاريع ومصانع واستثمارات لا يصل منها للدولة اية ضرائب، بل ولا يعرف عنها القانون المالي اية تفاصيل.

وفي واقع الأمر، ونظرا لكم المخالفات، ومنها مؤخرا، على سبيل المثال، فرض «زيارة العائلة المقدسة» التي لم تطأ أقدامها أرض مصر، بزعم تنشيط السياحة، وكم المسكوت عنه الذي بدأ يمثل حالة من القلق وعدم الارتياح المكتوم، فلا بد من فتح ملف «كل المسكوت عنه» من تصرفات، وحل كل هذه التراكمات بأمانة موضوعية.

وما أود لفت النظر إليه هو تكرار حدوث مثل هذه المخالفات الخارجة على القانون المصري، بل والتي راحت تطول المناهج التعليمية ونصوص الإسلام، وتغيير مناهج تعليم اللغة العربية والمساس بآيات القرآن الكريم بأيدي «بيت العيلة»، ومحاولة فرض اللغة القبطية في مناهج التعليم بزعم المغالطة الكبرى بأن الأقباط هم امتداد المصريين القدماء، وهؤلاء الأقباط المصريون القدماء منهم براء، فمصر كانت تحت الحكم الروماني ولم يكن بها مسيحيين علي الإطلاق، وإنما وُضع عدد منهم عندما قرر قسطنطين فرض المسيحية سنة 325 علي إمبراطوريته الممتدة آنذاك حول البحر الأبيض المتوسط.. وكفي تحريفا للتاريخ.

ان ضرورة فتح كل هذه الملفات، التي تأخر فتحها، تمثل ضرورة أمنية قبل أن يتفاقم الوضع بكل ما ترتب له الكنيسة القبطية، المنساقة في ركاب الفاتيكان، بكل أسف. فالكنيسة القبطية المصرية ليست فوق القانون.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى