مقالاتمقالات مختارة

الفكر والاستبداد السياسي

الفكر والاستبداد السياسي

بقلم محمد معتز حمي

قال Simón Bolívar سيمون بوليفار:«إذا كانت الحرب خلاصة كل الشرور، فالاستبداد خلاصة كل الحروب».

الاستبداد ليس أمراً جديداً، بل هو موجود منذ بزوغ فجر التاريخ، قال الله تعالى في القرآن الكريم: «قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ»، انظروا إلى مصادرة حرية الرأي والفكر الذي مارسه الطاغية فرعون بحق نبي الله موسى عليه السلام، هذا هو الاستبداد السياسي الذي نعاني منه اليوم، وهو ما لا نريد أن نراه في هذا الجيل ولا في الأجيال القادمة.

ما نأمل الوصول إليه اليوم هو حرية الرأي والتعبير والتفكير وإعمال العقل.

نريد تربية الأجيال على الفكر الذي يسهم في بناء مواطنة سليمة ومتكافئة دون تمييز بين أيٍّ من مكونات المجتمع لأيِّ سبب كان من خلال نشر وتعميم قيم العدالة والكرامة والإنسانية والتسامح والسلام والمساواة والتشاركية والتعايش وقبول الآخر…

وهذا المجتمع لا يمكن الوصول إليه إلا بالفكر الواعي النقي السليم المنصف، وهو خير سلاح وأقواه في مواجهة كل أشكال التطرف والعنف والهدم.

فأين نحن من طاولة الحوار وإعمال العقل؟

كم نصرف من مال ووقت وجهد على ذلك؟ وبالمقابل كم يُصرف على الرصاص والدماء وصناعة الموت؟

وعند كل معركة نسمع من يقول:

الحل سياسي، لا عسكري.

نعم معركتنا اليوم ليست عسكرية، فنحن نقاتل ببنادق من صنع غيرنا، وننفذ مخططات مقولبة بيد عدونا، وبالتالي نحن في معركة مع العدو الخارجي، ومع المستبد الداخلي، ولا نملك استقلالية القرار، ولا أدوات التحرر، ولم يبق لنا في مواجهة الاستبداد إلا الفكر.

ولذلك ينبغي العمل على بناء قدرات الأفراد الفكرية وتأهيلهم وتنمية مهاراتهم وتدريبهم ليساهموا مع مجتمعاتهم في بناء دولة الحق والعدل انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية وتنمية روح الحوار والتفكير الحر والحق في التعبير الذي كفله الإسلام بكل وضوح حيث قال الله سبحانه وتعالى: «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ».

ولن تجد في سجل التاريخ البشري نظاماً حرر عقل الإنسان من كل قيود الحجر، والتبعية، وأحادية الفكر، والهيمنة، والإكراه، والتفرد بالرأي، والتقليد، والماضوية، وتقديس الآباء، كالذي تجده في القرآن الكريم.

وتكاد لا تجد سورة في القرآن تخلو من دعوة الإنسان إلى إعمال عقله، والتمرد على كل محاولات تقييده، وإرغامه على الانحباس في القماقم والقوالب الجاهزة؛ مسبقة الصنع، والتدجين.

قال توماس بين Thomas Paine: «قهر الإستبداد ليس بالأمر السهل، ولكن ما يعَزينا أنه كلما اشتد الصراع قسوة …كلما ازداد النصر مجدًا». انتهى الاقتباس.

وفي الختام أقول:

إن جميع من افتعلوا الحروب، لم نجدهم في أرض المعركة…. أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ.

ولن تشرق الشمس على النائمين فمتى النهوض، والتحرر من القيود؟

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى