بقلم عماد عنان
استهل الباحث محمد مصطفى شلبي، كتابه المعنون بـ(الفقه الإسلامي بين المثالية والواقعية) أن من المسلمات أن شريعة اللَّـه – المتمثلة في كتاب اللَّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم – جاءت لتحقيق مصالح الناس بجلب المنافع لهم، ودفع المضار عنهم، فشرعنا الحنيف يتلاءم مع واقع الناس في كل زمان ومكان، ويساير التقدم الرهيب الذي وصلت إليه البشرية. ولكن يأبى المعارضون إلا أن يثيروا الشبهات لمحاولة نفي هذه الحقيقة الناصعة.
وأضاف الكاتب في مؤلفه أنه سعى إلى البحث في واقعية فقه هذه الشريعة الغراء وقانونها؛ ليرد على مثيري الشبهات وليثبت للناس من جديد أنه فقه واقعي يلاءم الحياة ويسير معها، مهما تقلب الزمن وتجددت الأحداث، وأنه لا يعادي مدنية، ولا ينفر من الجديد؛ لأن فيه من المرونة واليسر ما لا يوجد في غيره.
الفصل الأول من الكتاب تناول بيان معنى الواقعية والمثالية وموقف القوانين الوضعية منهما، المقصد في واقعية الفقه الإسلامي، ومقدمة في بيان بُعد الفقه الإسلامي عن الواقعية الفاسدة والأدلة على ذلك، وآراء القانونيين في واقعيته بالمعنى الصحيح، حصر شبه النافي لواقعيته.
المثالية في الفقه الإسلامي
وفي المطلب الأول تطرق إلى بعض المسائل منها: أثر العنصر الأخلاقي في فقه الإسلام، وخلط القانونيين بين فقه الإسلام والقواعد، الأخلاقية والرد عليهم، غاية الأخلاق، أثر الدين في الفقه الإسلامي، كلمة إجمالية عن الدين المسيحي في الشرق والغرب وأثره في معتنقيه، اضطراب الغربيين في تعريفاتهم للدين وسببه، معنى الدين في لغة العرب، معنى الدين عند علماء الشريعة، تشويه صورة الدين عند الغربيين كان سببًا في طعنهم الإسلام بعدم صلاحيته لسياسة العالم، بيان حقيقة الإسلام ومغايرته لما عندهم من صور للدين، واحترامه للعقل وأمره بالنظر والتأمل، يسر أحكامه وإباحته التمتع بالطيبات، حضه على العمل ومحاربته الكسل والتسول، سر عجز العقول عن إدراك حقيقة بعض أحكامه، حقيقة أثر الصفة الدينية في أحكامه، بيان أن التدين أمر لازم للمجتمع ولا يغني عنه نشر العلوم والثقافة بشهادة رجال العلم والسياسة الغربيين
ثم تناول موقف الفقه الإسلامي من العرف، العرف في القوانين الوضعية وشروط اعتباره، عرض إجمالي لنظرية العرف، موقف الإسلام من أعراف الجاهلية، العرف ومخالفة النصوص، الصحابة والعرف، الأئمة والعرف، المقلدون والعرف، تغير الأحكام بتغير العرف، مرتبة العرف بين الأدلة، النصوص التي يقوى العرف على تخصيصها، مدى سلطان العرف، العرف وتطبيق الأحكام، العرف وتفسير النصوص، العرف والترجيح.
واقعية الفقه الإسلامي
أما المطلب الثاني تناول فيه طبيعة الفقه الإسلامي وأثر مصادره في تحقيق واقعيته، إضافة إلى بعض شهادات المفكرين الغربيين له، مظاهر الواقعية في هذا الفقه تتجلى في مصادره المرنة مصادره النقلية والعقلية ، مظاهر المرونة التي تلتقي مع الواقعية في مصادره الأصلية « الكتاب والسنة »
1- اكتفاؤهما بوضع المبادئ والقواعد دون الإغراق في التفاصيل
2- تعليلهما لكثير من الأحكام، نماذج من تلك التعليلات
3- تنوع دلالة ألفاظهما على معانيها وقبول الاجتهاد
4- تفصيلهما المحظورات بما يقرب من الحصر، وإطلاقهما في المباحات
ثم تطرق إلى السنة وأنواعها وبيان أن منها نوعًا بني على المصلحة القائمة في عصر الرسول؟ ، اجتهاد فقهاء الصحابة ومن بعدهم في بعض ما نقل عن الرسول من أحكام، تفسير النصوص وأنواعه، مدارس التفسير عند رجال القانون ومقارنتها بما نقل عن فقهاء الإسلام، المصادر التبعية، الإجماع، بيان أن فكرته تقوم على الشورى المشروعة في الإسلام، القياس، أساسه تعليل الأحكام وما روي عن الرسول؟ من أقيسة في اجتهاداته، وأقيسة أصحابه، أقيسة الاستحسان، بيان أنه راجع إلى الاستثناء في النصوص الشرعية، دلالة القرآن على شرعيته، الصحابة والاستحسان، الأئمة والاستحسان، أنواعه عند القائلين به، هل يتعدى حكم المستثنى إلى غير محله؟ سد الذرائع، أمثلته مما نقل عن الرسول؟ وأصحابه وموقف الأئمة من العمل به، المصالح المرسلة، موقف الصحابة من العمل بها، أمثلة من عملهم بها وعدم التزامهم بالرد إلى أصل معين، ردهم بعض الوقائع إلى أصل معين وسببه، موقف من مواقف عمر التشريعية الواقعية، موقف التابعين وتابعيهم من المصلحة، موقف الأئمة أصحاب المذاهب، وأتباعهم منها، إمكان العمل بالمصلحة الآن، وفتح باب الاجتهاد، تنبيه في بيان أن من أصول الفقه الإسلامي أصلين خصصا للاستثناء، وهما: ( الاستحسان وسد الذرائع ) وليس لذلك نظير في القوانين الوضعية ، مرونة الفقه الإسلامي واستجابته لما تتطلبه الحياة، أمثلة من ذلك قديمًا وحديثًا، بعض شهادات الغربيين بكفاية هذا الفقه للتقنين العام
إمكانية تطبيق هذا الفقه
المطلب الثالث وتناول طريقة الانتفاع بهذا الفقه في العصر الحاضر تتمة في إبطال ما أثير من شبهات حول تطبيقه في هذا العصر
– أولًا: المعاملات الربوية وطريقة تخليصها من الشوائب
– ثانيًا: نظام الحدود والعقوبات المقررة على بعض الجرائم
بيان مقصد الشارع من تشريع الحدود وشرح مواقف الإسلام من تطبيقها في جريمتي الزنا والسرقة، ثم خاتمة في فقه المذاهب المدون، ومدى تطبيقه على ما جدَّ من معاملات.
(الملتقى الفقهي)