مقالاتمقالات مختارة

الفريضة المظلومة

الفريضة المظلومة

بقلم د. صفاء الضوي العدوي

الواقع في عالمنا الإسلامي يؤكد أن ثمة ظاهرة تفرض نفسها ، وتعلن عن وجودها بلا خفاء أو حياء أو مواربة ، وهي أن مفهوم الجهاد في سبيل الله بات محارَباً منبوذاً مشوَّهاً ، يتبرأ منه كثير من المسلمين بل وكثير من العاملين للإسلام ، وكأنه بدعة من البدع ، أو نوع من الانحراف يجب تقويمه .

وهي نزعة قاديانية ، وإن اختلفت الأسباب والدواعي لهذا الجنوح الغريب عن أسباب ودواعي الفكرة القاديانية الموغلة في الضلال والزندقة ، وذلك لأن النتيجة لهذا التوجه الجديد في تلك النظرة المريضة لمفهوم الجهاد هي عين النتيجة التي أرادها الإنجليز حين أوحوا إلى عميلهم الضال ميرزا أحمد القادياني بفكرتهم المشؤومة .

إن الجهاد هو السبيل الذي حدده الله تعالى لأمة الإسلام للحفاظ على دينها ، وعلى أوطانها وكرامتها وشرفها وعزها ، وهو السبيل لاستمرار المد الإسلامي عبر الفتوحات التي تنشر الهداية والعدل والخير في العالمين .

وهذه بديهية لا تحتاج إلى كثير بيان ولا إلى طويل بحث ، وإسهاب ، وتاريخ المسلمين شاهد صادق على ذلك ، فلا عجب أن نرى أعداء الأمة يسعون جاهدين في محاربة هذا المفهوم عبر خونة مرتدين ، أو جهال من المسلمين ، أو منهزمين سقطت همتهم ، وآثروا الحياة الدنيا على الآخرة .

على أن الحرب التي يشنها أعداء الإسلام على فكرة الجهاد في هذا الوقت ، لم تعد تقتصر على مجرد تشويه مفهوم من مفاهيم الإسلام الأصلية ، بل تعدت ذلك إلى صراع مرير ، استنفَرت له دول الكفر في الغرب كل قواها العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية بهدف عرقلة المساعي الإسلامية للعودة بالأمة إلى دينها وأخلاقها وشريعتها ، وهي المساعي التي ظهرت لها في السنوات الأخيرة بوادر من النجاح والأمل .

ولما كانت أهداف الجهاد أهدافاً إصلاحية ، ترمي إلى عودة الأمة إلى أصول دينها ، والاهتداء بالكتاب والسنة في كافة شئون الحياة ، ورفض أي هيمنة لأعداء الله من اليهود والنصارى على بلاد المسلمين ، والإعداد للجهاد ضد اليهود المغتصبين لأرض المسلمين في فلسطين ، وإنكار المنكرات ، وتعقب المفسدين والخونة والأشرار ، والسعي للنهوض بالأمة وإصلاح أحوالها ، لما كان الأمر كذلك كانت فكرة الجهاد على هذا النحو المشار إليه مفزعة للأشرار والمفسدين والخونة والكارهين للفضيلة والمولعين بالرذيلة ، والمتشبثين بالحكم ، الذين تربوا على أخلاق ومناهج بعيدة كل البعد عن أخلاق الإسلام ومنهاجه القويم .

كما أفزعت تلك الحركات الإصلاحية الإسلامية أعداء الإسلام المتربصين بأمتنا ، الحاقدين عليها ، الطامعين فيها ، فالتقت مخاوف حكامنا النافرين من هداية الدين الذي ينتسبون إليه ، مع مخاوف أعداء الإسلام ، فكان ما نرى من تعاونهم على إجهاض كل محاولة للإصلاح من علماء الأمة المخلصين ، وأبنائها البررة الصالحين ، وكان التحريش ، والتهييج ، والدعم ، والتعاون الأمني ، والتناغم الإعلامي بين وسائل الإعلام في الغرب ووسائل الإعلام في ديار المسلمين .

فهناك في بلاد الغرب تفقس هذه المصطلحات التي يهوشون بها ، فيحذرون أصدقاءهم في الأنظمة العربية من خطر الأصولية ، والتطرف والإرهاب ، إلى آخر ما في جعبتهم من هذا الدجل السخيف .

وانطلى هذا الكيد والافتراء والكذب والتضليل على كثير من جماهير المسلمين ، وبات المصلحون تحت وطأة هذا الكيد محارَبين مضطهدين ، في حين أُطلقت أقلامُ وألسنة الفسقة والفجرة والزنادقة لينشروا باطلهم وإفكهم وفحشهم على أبناء المسلمين في إطار سياستهم الشيطانية “تجفيف المنابع ” ومعناهها مناهضة الإيمان بالكفر ، والفضيلة بالرذيلة ، والحق بالباطل .

واقتضت هذه السياسة تطويق الدعوة الإسلامية الواعية ، وتنفير الناس منها ، وتكثيف الجهود في إشغال المسلمين بكافة أنواع الشهوات ، والملاهي ، في سائر الأوقات من الليل والنهار حتى لا يبقى للناس وقت يتفكرون فيه  فيستمعون إلى نصيحة راشدة ، أو يتراجعون عن غَيٍّ استدرجوا إليه ، أي أن المتنفذين في ديار المسلمين قاموا – عبر وسائل الإعلام – ولا يزالون بالصد عن سبيل الله ، وفتنة الناس عن دينهم بإصرار وقصد لم يعد فيه أدنى ريبة .

إن الغرب الكافر قد أعلنها حرباً شرسة على كل محاولات النهوض بالأمة ، وعلى كل جهود الإصلاح الإسلامي ، وبدلاً من أن تستنهض همم المسلمين لمواجهة هذه الحرب الصليبية على الأمة الإسلامية ، راح حكامها يحاربون المصلحين ، ويضيقون على العلماء ويحطون من قدرهم ، ويشنعون على الدعاة إلى الله ، ويحاصرون برامج الإصلاح لإحباطها ، أي أنهم قاموا يحاربون عن الصليبيين ، فنهضوا بهذا الدور بدلاً عنهم ، ثم يقدمون لهم نتائج المعركة هدية لهم ، ودليلاً على الولاء والصداقة والمحبة .

وصدق الله تعالى { إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون } ، {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } ، {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } .

إن السبب الأهم في نجاح هؤلاء الشياطين من أعداء الإسلام في الغرب ومن بني جلدتنا من المتنفذين في ديارنا هو الجهل المطبق لدى قطاعات كبيرة من المسلمين بالإسلام وشرائعه وقيمه وأخلاقه .

هذا الجهل هو الذي مكّن المفسدين من تضليل الناس ، وصرفهم عن السبيل الذي يضمن لهم الخير والعزة والكرامة ، وإلقائهم في سبل لا تحقق لهم إلا الضعف والذل والمهانة .

والحل الذي لا حل غيره هو أن يعود المسلمون للالتفاف حول علمائهم الصالحين ، فيتعلمون منهم أمور دينهم ، ويسترشدون بتوجيهات الكتاب والسنة ، ويستلهمون من إيمانهم العزم والرشد ، متوكلين على الله ربهم ، وأن ينفضوا أيديهم من أي رجاء للخير على أيدي هؤلاء الخونة الذين جربتهم الأمة عشرات السنين فلم تجن من رئاساتهم وزعاماتهم إلا الضعف والهزائم .

وإذا كان الجهل وفساد القيادة هما السببان الرئيسان في وصول الأمة إلى ما وصلت إليه من الضعف ، فإن التفاف الأمة من جديد حول علمائها المخلصين هو المخرج الأكيد من الجهل ، وهو المخرج الصحيح من التخبط والتيه الذي يسببه قيادة الخونة .

ولنأخذ مثالاً بسيطاً يوضح لنا صحة ما نقوله من أن هذه القيادات الضالة للأمة هي السبب في ضعفها وهوانها ، وأن العودة إلى أصول ديننا قولاً وعملاً هي السبيل الوحيد لعودة الأمة لقوتها وعزتها وهيبتها ، لننظر إلى غالب شباب المسلمين في سائر بلاد المسلمين ، ما الذي يشغلهم ، ما الذي ترتكز عليه ثقافتهم وأخلاقهم ، ما الذي يدور حوله طموحاتهم وهمومهم .

هل يؤرقهم حال أمتهم ، هل يحزنهم تسلط دول الكفر على المسلمين ، هل يحزنهم غياب شرع الله عن واقع الأمة ، هل يفكرون بهذه القضايا الهامة ؟ أم أن غالبهم غارق في أمر الدنيا ، غافل تماماً عن أمر دينه وآخرته ، منشغل بأمور تافهة ، من غناء خليع ، وفن هابط ، وتهارش على تشجيع اللاعبين اللاهين ، كل همه دائر مع ما يلبس وما يأكل ، وأين يتنَزّه ، وماذا يشاهد الليلة وبعد الليلة في السينما والتلفاز.

والسؤال هو هل هذا النوع من الشباب أهل لأن يرد عن الأمة غائلة العدوان أو يبصر من خلال الإيمان والعزيمة واليقظة مكائد المعتدين ، أو ينهض ليطالب بإصلاح أو تقويم ؟ والجواب معروف .

إن تربية الأجيال على عقيدة الإسلام وأخلاق الإسلام ومنهاج القرآن والسنة كان دائماً مطلبَ العلماء الصادقين ومسعاهم ، وفي المقابل كان مسعى الحاكمين تربية الأجيال على النحو الذي نراه ووصفناه آنفاً ، ولقد نجح المفسدون بسبب الظلم والاضطهاد الذي مارسوه على الدعاة والعلماء والمصلحين ، وبسبب امتلاكهم لأدوات التأثير التي فتنوا بها أبناء الأمة زمناً طويلاً ، نجحوا في جولات عديدة من هذا الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل ، وجرّوا إليهم هذه الجموع الغفيرة من المسلمين ، في حين وُفق أهل الحق في بعض جولات هذا الصراع وأوصلوا الدعوة إلى الناس راشدة صافية فهدى الله سبحانه بدعوتهم آلافاً من شباب الأمة .

وإذا كنا قد وصفنا حال الغاشّين لأمتهم ، وحذرنا من اتباعهم ، وبينا أنهم كانوا السبب الرئيس في مشاكل أمتهم ، فلابد من الإشارة إلى أن منّا من قصّر في أداء الدور المنوط به من حمل أمانة هذه الرسالة العظيمة ، ومن باب ضرورة المراجعة أو النقد الذاتي نعلن ذلك ، ونتوب إلى الله تعالى من التقصير ، وننهض لنتجمع على طاعة الله ونصرة دينه ؛ فننبذ خلافاتنا ، ونرتفع إلى مستوى التحدي الذي تعيشه أمة الإسلام تجاه أعدائها ، ونتوجه صادقين لإطفاء هذا الحريق الهائل الذي شبّ في جنبات الأمة ، واللهَ الرحمن الرحيم ندعوا أن يرحم ضعفنا ويقبل توبتنا ويقيل عثرتنا ويبارك جهودنا ، وينجينا جميعاً من شرور أنفسنا ، وكيد أعدائنا.

روى ابن ماجة بسند حسن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال “من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله سبحانه بقارعة قبل يوم القيامة” .

ففي هذا الحديث ترهيب من ترك الجهاد بالنفس أو بالمال ، والظاهر أن المراد بالغزو هنا ما يتعيّن ويجب ، فمن ترك الجهاد ، وتخلف عنه بغير عذر ، ولم يقدم للمجاهدين أي عون ، وهو قادر على ذلك ، ولم يُخْلف غازياً في أهله وأولاده بخير ، استحق هذا التهديد المخيف ، وهو أن الله تعالى يصيبه بسبب هذا التولي عن كل ميادين الجهاد ، بقارعة قاصمة ، ومصيبة مهلكة .

وأن من مات ولم يقدم في حياته مواقف جهادية من القتال في سبيل الله أو مساعدة الغزاة المسلمين ، أو مساعدة أسرهم بالمال والرعاية ، أو يقدم أقل القليل مما يدل على صدقه في نصرة الدين ورفع لوائه ، من مات ولم يقدم شيئاً من ذلك مات وفي دينه نقص ،  وفي إيمانه ضعف وخلل  ، وربما كان معناه ، لقي الله بأعمال ناقصة ، قد تخذله ولا تنجيه حين توزن أعماله يوم القيامة .

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : ” من مات ولم يغز  ولم يحدِّث به نفسه مات على شعبة من النفاق .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (7/64) : والمراد أن من فعل هذا أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف ، فإنّ ترك الجهاد أحد شعب النفاق . اهـ

فهل آن الأوان ليبصر المسلمون طريقهم ، ويعرفوا مصلحتهم ، فيعودوا إلى دينهم ويلتفوا حول علمائهم ؟ هذا ما نرجوه ، والأمل معقود بعد الله تعالى في علماء الأمة الصادقين ودعاتها الصالحين وأبنائها البررة المخلصين ، أن يثابروا ويرابطوا في الدفاع عن الإسلام فعن عبد الله بن الزبير قال خطب عثمان بن عفان الناسَ فقال : يا أيها الناس إني سمعت حديثا من رسول الله   صلى الله عليه وسلم لم يمنعني أن أحدثكم به إلا الضنّ بكم وبصحابتكم فليختر مختار لنفسه أو ليدع سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول “من رابط ليلة في سبيل الله سبحانه كانت كألف ليلة صيامها وقيامها”

وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  “قال من مات مرابطا في سبيل الله أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتّان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع”

ففي هذا الحديث بيان فضل الرباط في سبيل الله ، وهو حراسة الثغور تحسباً لمباغتة العدو للمسلمين ، فمقام المرابط من أعلى المقامات ، فهو يحرس المسلمين ، ويدرأ عنهم الأخطار بنفسه ، يسهر لينام غيره مطمئناً ، وينطلق بسلاحه صوب أي حركة ، وتجاه أي صوت ، ليستكشف الأمر ، وقد يصيبه شيء من الخوف والفزع بسبب ما يحدق به من أخطار .

كما أنه قد وقف نفسه وحبسها على هذا العمل الجهادي الكبير ، فربما ترك أهله وأولاده وربما عطله جهاده ورباطه عن السعي للكسب والإنفاق عليهم ، كما أن كثيراً من أعماله الصالحة التي كان يعملها قبل مجيئه للمرابطة ؛ من نحو رعاية والديه وبرهما والصيام والصدقة ، وصلة الأرحام ، وعيادة المريض ، قد توقف في الغالب أو تأثر بسبب ما انشغل به من مهمة الرباط .

ولأجل هذا جاء في حديث أبي هريرة في الباب بشرى النبي  صلى الله عليه وسلم  له من أنه إذا مات مرابطاً ، أجري عليه أجر عمله الذي كان يعمل ، فلا يختم على عمله كغيره ، بل ينمو عمله إلى يوم القيامة ، لقاء استمراره مرابطاً حتى جاءه الموت ، وهو على تلك الحال من الطاعة ، وأجري عليه رزقه جزاء ثقته في الله ، وحسن توكله عليه بمرابطته في سبيل الله وتركه السعي والارتزاق ، وأمّنه من الفتن كفتنة القبر جزاء قيامه في الثغر لتأمين سلامة من وراءه من المسلمين من فتنة العدو ، ومداهمة ديارهم ، وفوق ذلك كله يبعث يوم القيامة آمناً من الفزع ، والجزاء من جنس العمل .

قال المناوي في فيض القدير : لأن المرابط ربط نفسه وسجنها،  وصيّرها حبيساً لله في سبيله لحرب أعدائه ، فإذا مات على ذلك فقد ظهر صدق ما في ضميره فوقي فتنة القبر .اهـ

وقال القاضي أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي : الأمن من فتنة القبر في هذا الحديث الصحيح الأمن في القبر من فتنته ، وهذه فضيلة عظيمة ، لم تعط إلا للشهيد والمرابط. اهـ

فكل مسلم صادق ينبغي أن يكون مرابطاً يقظاً ، ومدافعاً صادقاً عن الإسلام لنصد معاً بعون الله وتأييده ونصره وفتحه كل هجوم على ديننا سواء كان مباشراً من أعداء الله على بلد من بلاد المسلمين كما يحدث الآن من روسيا الكافرة على دولة الشيشان المسلمة ، أو محاولة أعداء الله إقناع المسلمين تسليم فلسطين لليهود الغاصبين والرضا بالواقع ، وقطع أمل المسلمين في استردادها بهذا الصلح المهين الذي يبرمه خونة معروفون ، أو حراسة الدين بالتصدي للأفكار المسمومة ، والأخلاق الفاسدة التي يروجها في مجتمعاتنا أناس لا يخافون الله ولا يأبهون بمقاربة الكفر ، ولا يشعرون بالعار وهم يطعنون أمتهم .

وتجدر الإشارة إلى أن هذا لا يعني الدعوة إلى حمل السلاح في مواجهة الأنظمة العلمانية رغم ظلمها وفجورها ومحادتها الصريحة الفجة لشرع الله وأخلاق الإسلام وقيم الإيمان ، لا ندعو للمواجهة المسلحة معها لأن مفسدة ذلك باتت واضحة ، وخاصة بعد النكسات المتتالية التي منيت بها الحركات الجهادية من هذا النوع في السنوات الأخيرة ، وأسأل الله تعالى أن يلهم هذه الكتائب التي قامت أو لا تزال تقوم بمثل ذلك ، الرشدَ والتوفيق ، وإن من حقها علينا بعد النصح أن نواسيها ونرحمها ، وإن أدنى درجات الشهامة والمروءة والإيمان ألا نكون عوناً للظالمين عليها .

المصدر: رابطة علماء المسلمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى