مقالاتمقالات المنتدى

الفرح بمقتل المسلمين أو انتصار أعداء الإسلام من صور الولاء للكفار الذي يصل إلى الكفر

الفرح بمقتل المسلمين أو انتصار أعداء الإسلام من صور الولاء للكفار الذي يصل إلى الكفر

(خاص بالمنتدى)

إن الفرح بمقتل المسلمين أو انتصار أعداء الإسلام هو من أخطر المسائل التي تهدد عقيدة المسلم وتخل بنظام الولاء والبراء، وهو أصل عظيم من أصول الإيمان. فالولاء يكون لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من أعداء الله ورسوله ومن يتولاهم أو يفرح بنصرهم. وقد عد العلماء هذه المسألة من صور الولاء للكفار، وهي مما قد يصل بصاحبها إلى الكفر إذا توافرت شروط التكفير وانتفت الموانع.

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: *”وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ”* (المائدة: 51)، وهذه الآية تحذر تحذيرًا شديدًا من موالاة الكفار، وتشمل هذه الموالاة الحب، الفرح، والنصرة لهم، وكل ما يدخل في دعمهم أو مؤازرتهم ضد المسلمين.

 أقوال العلماء في المسألة

أكد علماء الأمة على خطورة الفرح بمقتل المسلمين أو نصرة أعدائهم. ابن تيمية رحمه الله في “مجموع الفتاوى” يذكر أن موالاة الكفار، بما في ذلك الفرح بنصرهم على المسلمين، هو أمر يُخرج من الملة إذا كان صادرًا عن قلب محب لهم، فقال: “من تولى الكفار فقد كفر؛ لأن الله جعل موالاتهم كفرًا”. ويعني بذلك أن من رضي بأفعالهم وأحب نصرهم، فقد وقع في ولاء يُعد من أعظم نواقض الإيمان.

وكذلك، أوضح الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاواه أن الفرح بمقتل المسلمين أو انتصار أعدائهم يُعد ذنبًا عظيمًا يصل إلى الكفر إذا كان ناشئًا عن محبة أو رضا داخلي. يقول: “من أحب الكفار أو فرح بما يسرهم على حساب المسلمين فهو على خطر عظيم، وقد يخرج من الإسلام”.

أما ابن عثيمين رحمه الله، فقد شدد في شروحاته على أن الفرح بما يسوء المسلمين من مصائب أو سرور بنصر أعداء الإسلام هو من صور الولاء المحرم. وأوضح أن هذا الفعل إذا اقترن بمحبة قلبية أو اعتقاد، فهو كفر صريح، أما إن كان شعورًا دون اعتقاد، فإنه إثم كبير ولكنه لا يصل إلى درجة الكفر المخرج من الملة.

وشدد الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في دروسه وفتاواه على أن من الفرح بما يصيب المسلمين أو بنصر أعدائهم إنما يناقض العقيدة الصحيحة. فقد قال الله: “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”، وهذا من أعظم صور الولاء المحرم.

 الولاء والبراء: محور الإيمان

الولاء والبراء هو عقيدة محورية في دين الإسلام. الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من الكفار ومن يعادي دين الله هو ما يُميز المؤمن الحق عن غيره. يقول الله تعالى: *”لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ”* (المجادلة: 22). فالمؤمن لا يمكن أن يفرح بما يضر إخوانه المسلمين، ولا أن يتمنى الخير لأعداء الإسلام على حساب الأمة الإسلامية.

نعم، مسألة الفرح بمقتل المسلم أو انتصار أعداء الإسلام هي من القضايا الخطيرة في العقيدة الإسلامية، وقد عدها العلماء من صور الولاء للكفار، وهو مما يُخرِج من الملة في بعض الحالات، إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع.

 أقوال العلماء في المسألة:
1. الإمام ابن تيمية:
ابن تيمية رحمه الله تحدث عن مسألة الولاء والبراء في “مجموع الفتاوى”، حيث قال: “من تولى الكفار فقد كفر؛ لأن الله جعل موالاتهم كفرًا، فقال: “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”. وهذه الموالاة تشمل المحبة، النصرة، والفرح بما يسرهم”.

2. الإمام ابن كثير:
في تفسيره للآية 51 من سورة المائدة (*”ومن يتولهم منكم فإنه منهم”*)، قال ابن كثير: “هذا فيه تهديد ووعيد شديد على موالاة الكفار، وإنها موجبة للانتقال إلى دينهم في الباطن”.

3. الإمام القرطبي:
في تفسيره لآية الولاء في سورة المائدة، قال الإمام القرطبي إن مولاة الكفار على دينهم أو محبتهم والفرح بنصرهم يُعتبر من نواقض الإيمان، لأن فيه خروجًا عن معاني الإسلام الأساسية التي تقوم على الولاء للمسلمين والبراء من أعدائهم.

4. الإمام النووي:
في شرحه لصحيح مسلم، ذكر الإمام النووي أن الفرح بما يصيب المسلمين من الضرر والسرور بهزيمة المسلمين أو انتصار الكفار يُعد من صفات المنافقين، لأن المؤمن الحق يحزن لما يصيب إخوانه المسلمين ولا يفرح بمصيبتهم.

 أقوال المذاهب الأربعة:
1. الحنفية:
عند الحنفية، من أظهر الفرح بانتصار الكفار على المسلمين، أو السرور بما يصيب المسلمين من أذى، فإن ذلك يُعد ولاءً للكفار، وقد يخرج من الملة إذا كان عن اعتقاد قلب أو نية صادقة. يقول صاحب “الهداية”: “من رضي بكفرهم أو أحبهم على كفرهم فهو كافر”.

2. المالكية:
المالكية يعدّون الولاء للكفار من نواقض الإيمان، ويقول ابن رشد في “بداية المجتهد”: “من تولاهم ورضي بأفعالهم وأحب انتصارهم على المسلمين فقد أتى ما يوجب الكفر الصريح”.

3. الشافعية:
الإمام الشافعي يرى أن من أظهر الفرح بانتصار الكفار على المسلمين أو بمقتل المسلمين، فإن هذا من الولاء المحرم، وقد يدخل في الكفر إذا كان مع اعتقاد أو نية لذلك. يقول في “الأم”: “ولا يحب المؤمن ما يضر المسلمين، ومن أحب ما يضرهم فقد نقص إيمانه، فإن كان مما يدخل في الرضا بالكفر فهو كافر”.

4. الحنابلة:
الحنابلة يرون أن الفرح بمقتل المسلمين أو بنصر الكفار من الولاء المحرم، وقد يصل إلى الكفر إذا كان نابعًا من محبة قلبية أو اعتقاد. يقول ابن قدامة في “المغني”: “من أحب الكفار ووالاهم على دينهم ورضي بنصرهم فهو كافر، لأن الله قال: “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”.

الخلاصة:
الفرح بمقتل المسلمين أو بانتصار أعداء الإسلام يعد من الولاء المحرم، وهو من نواقض الإيمان، وإذا كان نابعًا من محبة قلبية للكفار أو رضا بنصرهم على المسلمين، فإنه يُعتبر كفرًا، باتفاق المذاهب الأربعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى