الغنوشي في مقال بإندبندنت: ديمقراطية تونس مهددة.. لا يمكننا السماح بانزلاق آخر نحو الاستبداد
“ديمقراطية تونس مهددة، ولا يمكن أن نسمح بانزلاق آخر نحو الاستبداد”، بهذا العنوان استهل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مقالا له في صحيفة إندبندنت (Independent) البريطانية.
ولفت الغنوشي في بداية المقال إلى أن اللجنة الرباعية للحوار الوطني التونسي منحت جائزة نوبل للسلام لجهودها، بالتعاون مع القوى السياسية، لبناء ديمقراطية تعددية في تونس.
وأضاف أنها فعلت ذلك من خلال الحوار وإقامة عملية سياسية سلمية وشاملة أدت إلى اعتماد دستور رائد يمكن أن يفخر به جميع التونسيين. ومنذ ذلك الحين كانت الانتخابات والتعددية السياسية في مناخ من الحرية والمساءلة والشفافية هي المعيار السائد في تونس منذ عقد من الزمان.
ونبه إلى أن هذا الإرث اليوم في خطر داهم وأن الإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد مؤخرا في تونس، مهد الربيع العربي، “قد وضعت رحلتنا الوليدة والهشة نحو الديمقراطية تحت التهديد”.
واستحث الغنوشي كل من يدعم الحرية بأن “الوقت قد حان الآن للوقوف مع الديمقراطية التونسية، لأننا نعلم كيف ينتهي عادة مثل هذا الاستيلاء على السلطة”.
وأشار في ذلك إلى الاقتحام الفعلي لمكاتب وسائل الإعلام ومنع الصحفيين من أداء عملهم وإقالة وزراء ومحافظين إقليميين ووضع قضاة وقادة سياسيين قيد الإقامة الجبرية وحظر سفر جماعي لقضاة ومحامين وسياسيين ورجال أعمال ونشطاء المجتمع المدني.
ومع ذلك عبّر الغنوشي عن امتنانه بأنه تم تجنب إراقة الدماء حتى الآن، فعندما بدأ أنصار البرلمان بالتجمع في اعتصام أمام مبنى البرلمان حث الجميع على التفرق بسبب المخاوف من مواجهات محتملة يمكن أن تؤدي إلى خسائر في الأرواح.
وطالب الجميع بالهدوء واليقظة مع تركيز الجهود على الدعوة إلى حوار شامل غير مشروط يجمع كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين من أجل إنهاء الأزمة الخانقة في البلاد.
لكي تكون هناك حكومة شرعية يجب إلغاء تعليق عمل البرلمان وعودته للتصويت على الحكومة الجديدة، وبهذه الطريقة يمكن استعادة الإرادة الديمقراطية للتونسيين ووضع حد للسابقة الخطيرة المتمثلة في انتهاك الدستور
وألمح الغنوشي إلى أن الحوار ساعد التونسيين من قبل في 2013 عندما تغلبوا على أزمة سياسية خطيرة للغاية. وذكر أن الرئيس يرفض حتى الآن الدعوات للحوار، لكنه يأمل أن تسود الحكمة في النهاية.
وقال إنه من خلال الحوار يمكننا التوصل إلى اتفاق حول مخرج للأزمة التي ينبغي أن يشمل عدم تجديد تعليق عمل البرلمان لمدة 30 يوما أخرى، وأن يرشح الرئيس رئيسا للوزراء وحكومة يصوت عليهما البرلمان. هذا بالإضافة إلى الموافقة على الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها الدولة والحكومة المستقبلية التي يجب أن تعمل بموجبها.
وعلّق الغنوشي بأنه لكي تكون هناك حكومة شرعية يجب إلغاء تعليق عمل البرلمان وعودته للتصويت على الحكومة الجديدة. وبهذه الطريقة يمكن استعادة الإرادة الديمقراطية للتونسيين ووضع حد للسابقة الخطيرة المتمثلة في انتهاك الدستور.
وذكر أن التونسيين محقون في غضبهم لأن وعود الثورة التونسية لم تتحقق بعد، عقب 10 سنوات من التحول. وأردف بأنه لا يمكن السماح للتحديات التي تواجه البلاد أن تؤدي إلى دكتاتورية أخرى بعد أن ضحى عدد لا يحصى من التونسيين بأرواحهم من أجل بناء نظام ديمقراطي يمكنه حماية الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة.
ويرى الغنوشي أن الأمل الآن معقود على التونسيين من جميع الأطياف للدفاع عن ديمقراطيتهم ودعوة الرئيس إلى التراجع عن حافة الهاوية والانخراط في حوار سياسي ومشاركة حقيقية وشاملة.
واختتم مقاله بأن الديمقراطية التونسية، منارة الأمل للعالم العربي، تُطفأ أمام أعين المجتمع الدولي بفعل نمط مألوف من الأحداث “ولا يمكننا السماح بحدوث ذلك”.