مقالاتمقالات مختارة

العلاقات الخارجية لدولة الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

بقلم فرج كندي – الإسلام اليوم

صلح الحديبية إيذانً ببداية المد الاسلامي خارج جزيرة العرب

كان لصلح الحديبة العديد من النتائج الهامة التي انعكس اثرها على الدولة الاسلامية الناشئة في ربوع الجزيرة العربية , و من أهم هذه النتائج التي ترتبت على الصلح من استقرار سياسي وعسكريي بين طرفي النزاع الطويل المتمثل في الخصم الرئيسي قريش  في مكة, و الدولة الاسلامية في المدينة النورة  الذي استمر إلي ما يقرب من  الثمان سنوات ؛ مكنت الدولة الاسلامية من التقاط انفاسها, و للتفرغ للانتقال إلى مرحلة جديدة في مسارات الدعوة وهي الخروج بها إلى أفاق أوسع وفضاء أرحب من مجال جزيرة العرب .

لتنتقل إلى دعوة الامم الاخرى المجاورة للنطاق الجغرافي المحاذي لمنطقة شبه الجزيرة العربية وذلك إيماناً من كون الدعوة الاسلامية لم تكن محصورة في قبيلة بعينها أو جنس معين أو لون محدد؛ بل نطاقها يتسع لجغرافية العالم اجمع, ولكل الجنس البشري دون استثناء أو تخصيص ( فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأل جهداً لنشر الإسلام خارج حدود الحجاز , وكذلك حدود الجزيرة العربية , وقد عبر عليه الصلاة والسلام عن هذا المنهج قولاً وعملاً من خلال إرساله عدداً من الرسل والمبعوثون إلى أمراء الجزيرة العربية , و إلى ملوك العالم المعاصر خارج الجزيرة )1 لتبشر كافة الجنس البشرى بهذه الدعوة , ودعوته لاعتناق هذا الدين الذي جاء ليستوعب البشرية  كافة لتعبيدها لله خالقها جميعا , فهو أولي بعبادتها وانصياعها لدينه  ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من خلال تلبيتها لدعوته واتباع ما جاء به من الله تعالى .

 

  1. علي محمد الصلابي, دار أبن الجوزي, القاهرة , ط 4, 2012, 698

وتلبه لأمر الله تعالى لرسوله بالبلاغ العام لكل البشر, شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم  بعد ان قام بنشر الدعوة في النطاق الخاص – جزيرة العرب – بنشر الدعوة على المستوى العام حين عاد من الحديبية وبعد عقد الصلح مع قريش الذي كان من نتائجه توقف – ولو بشكل مؤقت – الصراع مع قريش ليتفرغ الرسول الي مرحلة البناء الداخلي لدولة الاسلام وينتقل إلى  مرحلة التوسع في نشر الدعوة الاسلامية داخل وخارج حدود جزيرة العرب . ( لما رجع من الحديبية , كتب إلى ملوك الأرض , وأرسل إليهم رسٌله , فكتب إلى ملك الروم , فقيل له : إنهم لا يقرؤون كتاباً إلا إذا كان مختوماً فاتخذ خاتماً من فضة , ونقش عليه ثلاثة أسطر : محمد سطر , ورسول سطر , والله سط )1 ),و(ختم به الكتب إلى الملوك , وبعث ستة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع )2 وقد احسن الرسول اختيار الرسل الذين بعثهم الي الملوك لتحليهم بصفات تليق بالرسالة وتمثل الدعوة احسن تمثيل بمقدرتهم على التعبير عنها, ولدرايتهم بأحوال الممالك والشعوب التي أرسلوا الي ملوكها وحكامها. ( ولما تم صلح الحديبية وهدأت الأحوال , وجدت الدعوة الاسلامية متنفساً ومجالاً للتقدم فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم  كُتباً إلى ملوك العالم وأمراء العرب يدعوهم فيها إلى الإسلام , وإلى سبيل ربه بالحكمة , والموعظة الحسنة وأهتم اهتماما كبيراً فاختار لكل واحد منهم رسولاً يليق به و يعرف لغته وبلاده ) 3

 

1- البخاري , برقم : 5877

  1. ابن قيم الجوزية, زاد المعاد في هدي خير العباد, ضبط نصه شعيب الأرناؤوط وعبدالقادر الأرناؤوط, مؤسسة الرسالة, 2009م, بيروت, 39-40
  2. ابوالحسن الندوي, السيرة النبوية, تحقيق سعيد الغوري, دار ابن كثير, دمشق, ط6, 2004, 391

 

( وقد دلت هذه الكتب على أن الدين ليس دين العرب , أو دين الجزيرة العربية , وإنما هو دين البشرية , ودين الإنسانية , وكان إنذاراً للسلطات الحاكمة خارج الجزيرة المالكة للحول , والطول , والحاكمة لأوسع رقاع راقية متمدنة بأنها مهددة بالانقراض, والزوال . إذا لم تستجيب للدعوة أو تسمح – على الأقل – من  رعاياها للاطلاع على هذه الدعوة , والاستجابة إليها وتقرير مصيرها في شأنها ) 1فكانت هذه الكتب إيذاناً بإعلان عالمية الدعوة الاسلامية, ودعوة الملوك والحكام إلى الدخول في هذا الدين والسماح لرعاياهم بالدخول فيه  دون إكراه ,وعدم منع وصول الدعوة إلى كل إنسان لأنه دين الله للناس كافة

عالمية الدعوة : أدلتها ومظاهرها من السيرة والقرآن

ابتدأت الدعوة بقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : ( إقراء باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقراء وربك الأكرم * الذي علم بالقلم *علم الأنسان ما لم يعلم )2 الآيات 1-5 من سورة العلق  فهذه الآيات أول ما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم تركز على الأنسان بكيانه العام دون تخصيص وهذه اشارة الى عالمية الرسالة وانها تخاطب كل البشر من بنى الانسان ولم تخصص لون أو جنس أو عرق أو قبيلة أو شعب وتبعتها آيات اخري في العهد المكي تنص على عالمية الدعوة وانها للناس كافة  ( الآيات القرآنية التي نزلت في مكة , ومنذ الفجر الأول تذكر أن هذا القرآن , وهذا الرسول هو للناس جميعاً وللعالمين )3ونسوق  بعض الآيات القرآنية المكية التي جاء فيها ذكر عالمية الدعوة :

قال تعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ) سورة الانعام آية  (90)  مكية

قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) سورة الانبياء آية 107 مكية

قال تعالى : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا )  سورة الفرقان آية 1 مكية

  1. ابوالحسن الندوي , مرجع سابق , 392
  2. القرآن الكريم, سورة العلق
  3. منير الغضبان, فقه السيرة النبوية, جامعة أم القرى, مركز بحوث الدراسات الإسلامية, مكة,ط2, 1413ه- 1992م,680

والناظر المفحص في انساب واجناس السابقين إلى الاسلام في عهده المكي يلاحظ انه لم يقتصر على العرب فقط  بل يجد من السابقين فيه من غير العرب مثل صهيب الرومي ,وبلال الحبشي , وسلمان الفارسي, وغيرهم من سكان مكة من غير العرب .

إسلام وفد الحبشة

من خلال التتبع للعهد المكي نجد اشارات إلى  انتشار الدعوة الإسلامية خارج نطاق حدود جزيرة العرب وخاصة بعد هجرة بعض الصحابة بناء على ما اشاربه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يهاجروا إلى الحبشة لأنه يوجد بها ملك لا يظلم عنده احد وبقدومهم على النجاشي ملك الحبشة سمع بهم بعض الاحباش وعرفوا أنه بٌعث رسول في بلاد العرب وسمعوا من الصحابة المهجرين فقرروا الذهاب إلى مكة والاستماع من الرسول صلى الله عليه وسلم (  قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عشرون رجلاً أو قريب من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة فوجدوه في المسجد فجلسوا إليه وسألوه؛ ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة , فلما فرغوا من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا, دعاهم إلى الله تعالى وتلى عليهم القرآن , فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع ثم استجابوا لله وأمنوا به وصدقوه )1 وهذا يعتبر أول وفد قدم من خارج الجزيرة ليسمع الدعوة ويحاور ويناقش الرسول صلى الله عليه وسلم في بدايات عهدها الأول في طورها المكي, وفي مجيء وفد الحبشة الى مكة وإيمانهم بالدعوة يعتبر أولى الخطوات العملية في نشر الدعوة خارج نطاق الجزيرة وهو باكورة الاستجابة لدين الله لجمع جاء من خارج الجزيرة ليمهد الطريق أمام رحلة الدعوة إلى كافة أفاق المعمورة بعد صلح الحديبية وقيام الرسول صلى الله عليه وسلم بأرسال الكتب إلى ملوك وحكام ما وراء جزيرة العرب . ( تجسدت هذه الانطلاقة بعد التمكين في الارض بعد صلح الحديبية لتمضي كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض آنذاك تدعوهم إلى الإسلام )2 ولأعلاء كلمة دينه في أركان الدنيا .

  1. أبن هشام, السيرة النبوية , ,تحقيق مصطفى السفاوز وزملائه, ط2, مجلدين, 1375-1970,  1/391
  2. منير الغضبان , مرجع سابق , 285

 

الرسائل :

شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم  في كتابة الرسائل إلي الملوك والامراء كُلاً بما يتوافق مع منصبه ولقبة ومكانته وذاكرا دينه ومحذرا من مغبه كفره ومذكراً بعظيم الاثم لو كفر برسالته مع تحميله اثم من اتبعه من رعيته وقومه, وجاءت الرسائل على النحو التالي :-

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم

كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى هرقل عظيم الروم كتاب يدعوه فيه الى الاسلام ويحذره من مغبة الكفر والتولي ويدعوه الى عبادة الله وحدة   جاء نصه

( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى : أما بعد فإني ادعوك بدعاية الإسلام , أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت عليك إثم الأريسيين ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون(1) ) 2

 

  1. سورة ال عمران , آية 64
  2. صحيح مسلم بشرح النووي , كتاب الجهاد . كتب النبي , المطبعة المصرية بالأزهر, 1929. 12/ 107

 

كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى كسرى ملك الفرس مع عبدالله بن حذافة السهمي وأمره أن يدفعه إلى عامله على البحرين الذي قام بدفعه إلى كسرى وجاء فيه : ( بسكم الله الرحمن الرحيم , من محمد رسول الله إلى كسري عظيم فارس , سلام على ما أتبع الهدى , ومن آمن بالله ورسوله, وشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلى الناس كافة , لينذر من كان حياً , أسلم تسلم , فإن أبيت عليك أثم الماجوس ) 1

فلما قراء الكتاب مزقه فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن يمزق ملكه كل ممزق فاستجاب الله له ومزق ملك كسرى وفتحت كل بلاد فارس وأصبحت أرض اسلامية خاضعة لدولة الاسلام في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وبعد وفاة الرسول صلى الله علية وسلم ببضع سنين .

كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جريج بن متى الملقب بالمقوقس ملك مصر والإسكندرية

( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبدالله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط , سلام على من أتبع الهدى , أما بعد . فإني أدعوك بدعاية الإسلام , أسلم تسلم ’ وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين , فإن توليت فإن عليك إثم القبط ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله , فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون(2) )3

بعث النبي صلى الله عليه وسلم الى المقوقس جريج بن مينا عظيم القبط كتاباً مع حاطب بن أبي بلثعة اللخمي فرد المقوقس بخير دون أن يسلم وهدي إلى النبي عده هدايا ( فقبل الكتاب وأكرم حاطباً وأحسن نزله , وسرحه إلى النبي صلى الله عليه وسلم واهدى له مع حاطب كُسوة وبغلة بسرجيها وجاريتين إحداهما أم أبراهيم وأما الأخرى فوهبها رسول الله لمحمد بن قيس العبدي ) 4 وفي هذا الكتاب دليل على جواز قبول الهدية من غير المسلمين ويمكن اعتبارها دليل على الاحترام والتقدير وعربون سلام وإعلان عدم العداء للدولة الوليدة واحترام للدعوة الجديدة دون الايمان بها أو اعتناقها .

1- سورة ال عمران , آية 64

2- ابن القيم , زاد المعاد 3/ 72

  1. أبن جرير الطبري , تاريخ الطبري , تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم , دار سويدان , بيروت , 2/654-655 ابي بكر 4-احمد البيهقي ,دلائل النبوة  , تحقيق عبدالعاطي قلعجي , دار الكتب العلمية , بيروت , 1405 هجري ,  4/ 395

 

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة

 

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب مع عمرو بن أمية الضمري إلي النجاشي ملم الحبشة يدعوه فيه الي الاسلام واتباع دين الله جاء فيه : ( هذا كتاب من عند محمد النبي إلي النجاشي الأصحم عظيم الحبشة . سلام على من أتبع الهدى , وأمن بالله ورسوله , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , لم يتخذ صاحبة ولا ولدى , وأن محمد عبده ورسوله . وأدعوك بدعاية الإسلام فإني أنا رسوله فأسلم تسلم ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً , ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ) فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك)1

ولمل بلغ عمرو بن امية الضمير كتاب النبي صلى الله عليه وسلم  إلي النجاشي وضعه على عينه ونزل عن سريره إلى الأرض وأسلم على يد جعفر بن أبي طالب ) 2 وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغه فيه بإسلامه جاء فيه ( فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقاً . وقد بايعتك وبايعت أبن عمك , واسلمت لله رب العالمين ) 3

 

1- البيهقي , مصدر سابق , 2/ 318

2- منير الغضبان , مرجع سابق 689-690

  1. ابن قيم الجوزية , زاد المعاد في هدي خير العباد , مراجعة طه عبد الرؤوف طه , مطبعة مصطفى البابي الحلبي , 1390هجري- 1970 م , 3/172

الوصف العام لمحتوى الرسائل

يكاد المطلع على الرسائل والكتب الي بعثها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والرؤساء يرى فيها أنها تحمل مضمون واحد؛ فهي جميعاً افتتحت بالبسملة التي هي آية من كتاب الله تعالى, وقد صدرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أول كل كتاب . مع أن الكتب كانت موجهة إلى الكفار , وهذا فيه دليل على جواز قراءة الكفار لآيات من القرآن الكريم.

وكذلك مشروعية التواصل الدول الكافرة والتهادي مع حكامها , وإرسال السفراء والرسل  من ذوي الخبرة, والمعرفة  واهل الديانة والثقة إلى زعماء وملوك الدول والممالك المجاورة وبناء العلاقات معها بحسب مواقفها من الدولة الوليدة .

تضمين اسم الرسول صلى الله عليه وسلم  مع نبوته في كل كتاب مع إرسال رسالة الإسلام وهي السلام على من اتبع الهدى واختار طريق الحق .

اعتماد رسائل النبي صلى الله عليه وسلم بختم يدل على صفة المٌرسٍل  فختم على كل كتاب بخاتمه عليه الصلاة والسلام .

نتائج إرساله الكتب والرسائل عليه الصلاة والسلام

إن مراسلة ملوك أقوياء على تخوم حدود دولة الإسلام ؛ مثل هرقل ملك الإمبراطورية الرومانية , وكسرى ملك الامبراطورية الفارسية , والمقوقس حكم مصر والنجاشي ملك الحبشة وهي الامبراطوريات الكبرى المحيطة بجزيرة العرب أمر جاء تلبية لدعوة عالمية لا تخص العرب وحدهم ولم تقتصر عليهم. بل تخص كافة البشرية دون استثناء أو تمييز, وكافة اصقاع الارض. وفيه دراية ومعرفة سياسية بالمحيط الدولي, و الإقليمي , ودليل  قوة في الحق و شجاعة وعزيمة عند الرسول الكريم في الاعلان عن الدعوة العالمية في كافة اقطار الأرض, ولكل الأمم التي تعيش عليها. ويمكن ان يصلها خبر الدعوة .

وهذا ما عزز مكانة الدولة الإسلامية الوليدة في محيطها المحلي  القريب , وفي المحيط الإقليمي وهو ما عزز شوكتها ورسخ مكانتها بين الأمم المجاورة وفرض وجودها على الخارطة الدولية كقوة ناشئة يجب أن يحسب لها حسابها في المعادلة الدولية في المنطقة . كما كشفت ردود الأفعال على الرسائل عن نوايا الملوك والأمراء  الين وجهت إليهم ومواقفهم من الدولة والدعوة .

كانت هذه الرسائل عامل مساهم في تعزيز مكانة الاسلام خارج حدود جزيرة العرب وإعلان عن عالمية الدعوة مصداقاً لقوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الانبياء 107.

( هكذا فإن رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمراء العرب والملوك المجاورين لبلاده تعتبر نقطة تحول في سياسة دولة الرسول الخارجية فعظم شأنها, واصبحت لها مكانة دينية وسياسية بين الدول, وذلك قبل فتح مكة؛ كما أن هذه السياسة مهدت لتوحيد الرسول صلى الله عليه وسلم لسائر أنحاء بلاد العرب في عام الوفود )1

وبأرسال الرسائل والكتب من نبي الدعوة وقائد الدولة تم الاعلان عن مولد دولة جديدة اضيفت للمجتمع الدولي في ذلك الوقت. لها شخصيتها وكيانها ومقوماتها العقدية والسياسية والعسكرية التي تفرضها على الواقع السياسي وتجعل الدول تعترف بها وتتعامل معها ككيان رسمي موجود حقيقة على ارض الواقع بغض النظر عن موقفهم منها بالقبول والرضى او العداء والصدام.

فالرسائل كانت طريقة دبلوماسية تعلن عن كيان دولة الاسلام في المنطقة , وعلى دول الجوار اخذ ذلك في الاعتبار والتعامل معها كدولة تحمل مشروع دعوي. لها تأثيرها  في تحقيق التوازن  العقدي والسياسي والعسكري في المحيط الإقليمي والدولي معاً    .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى